هبوط تاريخي.. كيف تبخرت 58 مليار دولار من ثروة "أداني" في 6 أيام؟

صافي ما يمتلكه الملياردير الهندي أصبح 61 مليار دولار مقارنة بـ119 مليار دولار قبل تقرير "هيندنبرغ"

مارّة أمام شاشة تعرض أخبار مجموعة "أداني" داخل مبنى بورصة مومباي، الهند، 2 فبراير 2023
مارّة أمام شاشة تعرض أخبار مجموعة "أداني" داخل مبنى بورصة مومباي، الهند، 2 فبراير 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تبخرت 58 مليار دولار من ثروة غوتام أداني الشخصية خلال ستة أيام تداول فقط، وهو تراجع صادم لا تضاهيه تقريباً أي تراجعات مماثلة عبر التاريخ.

لا تتطابق حالة "أداني" مع أعجوبة التشفير سام بانكمان فريد، أو صاحب مكتب "أركيغوس كابيتال مانجمنت"، بيل هوانغ، اللذيْن خسرا عشرات المليارات في طرفة عين مع انهيار تداولاتهما المموّلة بالديون، فبعد كل شيء، وحتى بعد هبوط أسعار أسهمه في أعقاب تقرير البيع على المكشوف الصادر عن "هيندنبرغ ريسيرش" (Hindenburg Research)، يدير الملياردير تكتلاً ضخماً يبني بنية تحتية كثيفة باستهلاك رأس المال مثل الموانئ والمطارات التي تتماشى مع أهداف رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، للتنمية.

شركات أداني فقدت نصف قيمتها السوقية منذ نشر تقرير "هيندنبرغ"

كذلك، كان الهبوط في ثروته أكبر بكثير من البرازيلي، إيك باتيستا، الذي استخدم بالمثل، ثروته التي كوّنها من أسواق السلع في بناء بنية تحتية قومية مثل أحواض بناء السفن والموانئ بدعم من الحكومة، واستغرق الأمر حوالي العام ليخسر "باتيستا" كامل ثروته البالغة 35 مليار دولار، وأصبح أول ملياردير يعرف بـ"الملياردير السلبي".

تراجع الثروة الأسرع والأوسع

برغم أنَّ إيلون ماسك كان أول شخص في التاريخ يخسر 200 مليار دولار (وعانى من حادثة هبطت فيها ثروته بقدر التراجع في ثروة أداني)؛ لكنَّه عاد بقوة كبيرة، وأضاف الرئيس التنفيذي لـ"تسلا" 36.5 مليار دولار لثروته الشخصية العام الحالي، وهي الإضافة الأكبر من أي شخص يتتبّعه مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.

مع ذلك؛ فإنَّ التبخر في ثروة "أداني" كان الأكثر حدة من حيث النطاق والسرعة منذ أن بدأت "بلومبرغ" تتبّع المليارديرات في 2012، والآن، يبلغ صافي ثروته 61 مليار دولار، بانخفاض من القمة المسجلة في سبتمبر عند 150 مليار دولار، و119 مليار دولار قبل صدور تقرير "هيندنبرغ"، وفق مؤشر "بلومبرغ".

غوتام أداني
غوتام أداني المصدر: بلومبرغ

انكشاف "توتال" على شركات "أداني غروب" بلغ 3.1 مليار دولار

يسلط هذا الهبوط المفاجئ الضوء على الطرق الفريدة التي صعد بها "أداني"، البالغ من العمر 60 عاماً، سلم الثروة في العامين الماضيين، متجاوزاً في مرحلة من المراحل كل ملياردير على الكوكب باستثناء "ماسك". وأبرزت "هيندنبرغ" العديد من الاستراتيجيات مع زعمها الاحتيال نتيجة التركز الكبير لملكية الأسهم بناءً على معلومات داخلية، وتفشي استخدام الاستثمار المموّل بالديون، والتقييمات المبالغ فيها، وفق جميع المقاييس تقريباً.

نفي مزاعم "هيندنبرغ"

وسّع "أداني" مجموعته بقوة، ودخل مجال الطاقة الخضراء أو بنيتها التحتية على وجه الخصوص، وأمّن استثمارات من شركات مثل "واربيرغ بينكوس" (Warburg Pincus)، و"توتال إنرجيز"، واستخدمت المجموعة قروض الشراء بالهامش لتمويل طموحاتها، وفي الأسبوع الماضي، اضطرت لاستخدام أسهم تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار للحفاظ على تغطية ضمان قرض قدّمته مجموعة بنوك من بينها "باركليز".

نفت "أداني" مراراً مزاعم "هيندنبرغ"، واصفة التقرير بـ"الزائف"، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية، مع ذلك؛ ألغت الشركة التابعة الرائدة، "أداني إنتربرايزس"، طرح أسهم ثانوية بقيمة 2.4 مليار دولار، الذي غطته طلبات الاكتتاب، لكنَّه اجتذب اهتماماً ضعيفاً من مستثمري التجزئة. كذلك، توقفت وحدات من "كريدي سويس" و"سيتي غروب" عن قبول بعض الأوراق المالية الخاصة بمجموعة "أداني" كضمان لقروض الشراء بالهامش.

اقرأ المزيد: "سيتي غروب" يوقف قروض الشراء بالهامش بضمان أوراق "أداني"

هل تتدخل الحكومة الهندية؟

لم يتضح بعد إلى أي مدى ستتدخل الحكومة الهندية، فقد تأجلت جلسة البرلمان في اليوم الذي اندلع فيه الصخب بعدما رفض رئيس مجلس الشعب طلباً للمشرعين من المعارضة بعقد جلسة نقاشية حول "أداني"، ولم يقل "مودي" أي شيء عن الأمر حتى الآن.

في الوقت نفسه، طلب البنك المركزي الهندي من البنوك تفاصيل حول انكشافهم على التكتل، وفق أشخاص مطلعة على الأمر. وأقرض بنك الهند الوطني، أكبر ممول في الدولة، شركات "أداني" ما يعادل 2.6 مليار دولار، أي حوالي نصف المبلغ المسموح به، وفق شخص مطلع على الأمر.

اقرأ المزيد: انكشاف البنوك الهندية على شركات الملياردير غوتام أداني

قال أشوك سوين، مدير قسم أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا بالسويد: "يبذل أداني مع مسؤوليه قصارى جهدهم لتصوير الأمر كمؤامرة أجنبية ضد بروز الهند كقوة اقتصادية.. لكن لم تقتنع السوق بهذا الخداع، وفي ظل مواصلة سهم "أداني" التراجع طوال الأسبوع إلى الآن، يبدو أنَّ النغمة القومية تفقد أهميتها تدريجياً".

"أداني"، الذي ترك الكلية لتجربة حظه في صناعة الألماس، هو الآن ثالث أغنى شخص في آسيا، بعد نظيره موكيش أمباني، وملك المياه المعبأة في الصين، تشونغ شانشان.