المنتجون لا يكترثون لمخاوف الركود وخطط الإنفاق خير دليل

الشركات لا تزال تحافظ على نظرتها الإيجابية رغم التباطؤ والتضخم وتأثيرات رفع أسعار الفائدة

معدات ثقيلة من شركة "كاتربيلر" في أحد مواقع البناء.
معدات ثقيلة من شركة "كاتربيلر" في أحد مواقع البناء. المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشعر الشركات المُصنعة بالخوف من الركود الاقتصادي، لكن قلق الرؤساء التنفيذيين في هذه الشركات لم يبلغ بعد حد خفض الإنفاق على التوسعات بالمصانع والمعدات الجديدة. وأبرز مثال على ذلك شركة "كاتربيلر" التي تتوقع من موزعي معداتها الثقيلة الحد من مشترياتهم في 2023، حيث يوجد لديهم أكوام مكدسة من المخزونات.

صرّحت الشركة، الثلاثاء الماضي، خلال إعلانها نتائج الربع الرابع، أنه بينما ستستمر المبيعات في الزيادة هذا العام، فالأرجح أن هذه الزيادة ستكون انعكاساً للارتفاعات في الأسعار. رغم ذلك لا توجد تخمة في المعروض، حيث أدى تحسن أوضاع العرض إلى إرسال "كاتربيلر" شحنات أكثر إلى قطاع الإنشاء في أميركا الشمالية الذي لا يزال مقيداً، وحُجز أكثر من 70% من مخزونات نهاية العام المجمعة لشركات "كاتربيلر" للتنقيب والطاقة والنقل بالفعل كطلبيات للعملاء، وفقاً لتصريحات المديرين التنفيذيين.

كما تستهدف "كاتربيلر" هذا العام تحقيق نفقات رأسمالية قدرها 1.5 مليار دولار، وهي زيادة عن ميزانيتها خلال عامي 2022 و2019 قبل الجائحة، والتي بلغت 1.1 مليار دولار لشركات المعدات والطاقة والنقل.

إعلان نتائج الأرباح

بعثت الشركات في أنحاء الاقتصاد الصناعي برسائل مشابهة يوم الثلاثاء الماضي، حيث شهد ذلك اليوم إعلان عدد كبير من الشركات عن نتائج الأرباح. ومن المستبعد أن يشهد هذا العام نجاحاً كبيراً للمصنعين، مع تأثر العملاء بتبعات ارتفاع أسعار الفائدة، وديناميكيات التضخم، واستقرار سلسلة الإمداد، لكن مع ذلك لم تظهر أي إشارة على حدوث انخفاض كبير في الطلب.

تدهور مؤشر الصناعة بالولايات المتحدة للشهر الخامس على التوالي

من الطرق المثلى لقياس ثقة الرئيس التنفيذي في أي شركة هي النظر إلى مدى رغبة الشركة في الإنفاق، فإذا كانت حالة الاقتصاد تتجه إلى الأسوأ؛ يخفض المصنعون الإنفاق عادة. لكن الرؤساء التنفيذيين يدركون منافع متابعة الاستثمار في مشروعات النمو الأطول أجلاً خلال الانكماش، كما اكتسبوا القدرة على تحديد تكاليف التشغيل في بيئة تتسم بتراجع العرض. واضطر عدد كبير من الشركات الصناعية لتقليل خطط النفقات الرأسمالية في الأعوام الأخيرة لعدم القدرة على الحصول على المواد الخام والعمالة اللازمة للتقدم. في الوقت الحالي تتحسن أوضاع العرض، ومن غير المرجح أن يؤدي تباطؤ أقل وطأة وأسهل في التعامل معه إلى إحباط خططهم.

لقد مر شهر واحد فقط من 2023، لكن يبدو أن الشركات الصناعية تتجه بأقصى قوتها إلى الاستثمارات. وأعلنت "يونايتد بارسيل سيرفس" (United Parcel Service) عن نتائج الربع الرابع أيضاً الثلاثاء الماضي، إذ تستعد شركة توصيل الطرود لركود محدود في الولايات المتحدة الأميركية خلال النصف الأول من هذا العام، لكنها لا تزال تخطط لإنفاق 5.3 مليار دولار نفقات رأسمالية في 2023، ارتفاعاً من 4.8 مليار دولار العام الماضي، ويضم ذلك استثمارات في الأتمتة وشراء مركبات وطائرات جديدة، وإجراء الإصلاحات التكنولوجية، إضافة إلى زيادة المساحة المخصصة لشركة لوجستيات الرعاية الصحية.

إنفاق معتدل

على الجانب الآخر، استفادت "بنتير" (Pentair) من الارتفاع المفاجئ في الطلب على منتجات المسابح، حيث زاد إنفاق المستهلكين على منازلهم أثناء الجائحة، لكن الشركة تعاني الآن من رياح معاكسة، إذ تراجعت المشتريات من مستويات غير مستدامة، ومع ذلك تستهدف "بنتير" إنفاق 85 مليون دولار نفقات رأسمالية هذا العام مثلما فعلت في 2022.

هل تنجح محاولات البرازيل والأرجنتين للتخلي عن الدولار في التبادل التجاري؟

أما "دوفر" (Dover) التي تصنع كل شيء من شاحنات القمامة إلى المضخات الطبية ومعدات تصنيع عبوات المشروبات، فصرحت، الثلاثاء، أنها ستنفق نحو 195 مليون دولار على مشاريع رأسمالية هذا العام، ما يشكل انخفاضاً من مبلغ 221 مليون دولار في 2022 الذي يُعدّ الأكبر بين سلسلة إنفاق الشركة السنوية على الإطلاق، لكن الحد الأعلى لهدفها في الإنفاق سيفوق معدلات ما قبل الجائحة.

هذا الاعتدال الطفيف في الإنفاق لا يعكس خوفاً من الوضع الاقتصادي، حيث يصف ريتشارد توبين، الرئيس التنفيذي لـ"دوفر"، نظرته بأنها "إيجابية،" بفضل اتجاهات الطلب القوية، وعدد الطلبيات المتراكمة الكبير التي استقبلتها الشركة خلال فترة أزمات سلاسل الإمداد في العام السابق. انخفضت الطلبيات نحو 17% في الربع الرابع مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق -بعيداً عن تأثير التقلبات الكبيرة في العملات والاستحواذات- ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أن الطلبيات المتراكمة ضخمة، والعملاء يحتاجون كثيراً من المنتجات.

قال "توبين"، الثلاثاء الماضي، في مكالمة لمناقشة نتائج الشركة في الربع الرابع: "الأهم أن مخاوف الطلبيات المكررة والإلغاءات لم تتحقق، ما زلنا نفِي بالطلبيات المتراكمة على نحو منظم، كما تحسنت مواعيد تسليم المنتجات".

زيادة أسعار الفائدة والنمو

يُعتبر التوازن بين الطلب المعتدل وتراجع مشكلات سلاسل الإمداد والاقتصاد الصناعي الذي لا يزال قوياً، توازناً هشاً. وحذّر "توبين"، أن الربع الأول سيكون بطيئاً نسبياً، إذ يتبنى العملاء نظرة متغيرة حسب الظروف بالنسبة لمشترياتهم، وقال: "الجميع قلقون بشأن الركود، لذا هناك ميل للحذر الفائق في المخزون، ونحن أيضاً نشعر بالمثل". كما أن استقرار سلاسل الإمداد سيقلل الحاجة للطلبيات العاجلة، وسيكون العملاء حذرين بشأن موعد طلبياتهم بينما تخف ضغوط التضخم.

حالياً تتوقع "دوفر" أن هذا الموقف الحذر سيكون وضعاً مؤقتاً، واختتم "توبين": "لكننا ضمن الفريق الذي يعتقد أن أسعار الفائدة قد ارتفعت بما فيه الكفاية،" من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وأن أي زيادات أخرى في أسعار الفائدة "قد تشكل عائقاً أمام النمو الاقتصادي".