زيادة حدة التوترات بين أذربيجان وإيران تزعزع منطقة القوقاز

باكو تتهم طهران بالوقوف خلف الهجوم على سفارتها والثانية ترى أن علاقتها مع إسرائيل تشكل تهديداً لأمنها القومي

لقطة من أمام مبنى سفارة أذربيجان في طهران، إيران
لقطة من أمام مبنى سفارة أذربيجان في طهران، إيران المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ترتبط أذربيجان وإيران -الدولتان ذواتا الأغلبية الشيعية- بعلاقات قوية عرقياً ولغوياً إلى جانب قرون من التاريخ المشترك، لكنَّهما شهدتا التصعيد الأسوأ في علاقاتهما المتوترة أصلاً في يناير الماضي بعد هجوم مسلح على سفارة أذربيجان في طهران، الذي جاء بدوره في أعقاب حشد القوات الإيرانية على حدودها مع أذربيجان في نزاع بين الجارتين بسبب إسرائيل، ولهذا الصراع تبعات على منطقة القوقاز الكبرى، التي تمثل محور اهتمام روسيا وتركيا، وتتقاطع فيها خطوط نقل النفط والغاز الطبيعي إلى الغرب.

1) ما أسباب التوترات بين طهران وباكو؟

تقطن إيران أقلية عرقية أذربيجانية يُعتقد أنَّها تمثل نحو ثلث سكانها البالغ عددهم 85 مليون نسمة، تراقب إيران بحذر النزعة الانفصالية لذوي الأصل الأذربيجاني الذين يسمون أنفسهم "تُرك"، بينما اتهمت السلطات الأذربيجانية إيران بحرمانهم من بعض حقوق الأقليات مثل الحق في التعليم بلغتهم الأصلية. بالإضافة إلى ذلك، حمل المسؤولون الأذربيجانيون إيران مسؤولية دعم أرمينيا في الصراع طويل الأمد على إقليم ناغورنو قره باخ الانفصالي في أذربيجان، وزادت حدة التوترات من حين لآخر في الأعوام الثلاثين الماضية نظراً للعلاقات الودية بين باكو وتل أبيب إلى جانب مشروعات الطاقة المشتركة مع الشركات الغربية، بما فيها "بي بي".

2) ما تأثير الصراع الأذربيجاني- الأرميني على إيران؟

بعد انتصار أذربيجان في الحرب التي استمرت 44 يوماً في 2020 مع أرمينيا، استعادت عدداً من المناطق على امتداد 130 كيلومتراً من حدودها مع إيران التي احتلتها القوات الأرمينية منذ 1990، كما استعادت جزءاً من الطريق السريعة الرئيسية التي تربط إيران بأرمينيا، وهي طريق تجارية مهمة تمتد إلى البحر الأسود وروسيا، وجاء رد فعل طهران غاضباً عند ما فرضت السلطات الأذربيجانية ضريبة باهظة على الشاحنات الإيرانية التي تنقل البضائع إلى أرمينيا، مما أدى إلى شل التجارة بين الدولتين، وعرَّض قدرة إيران للوصول إلى أسواق أبعد للخطر. اتهم الرئيس إلهام علييف طهران بتجاهل مطالب إيقاف توصيل البضائع إلى الأرمينيين في ناغورنو قره باخ، وما تزال إيران وأرمينيا تناقشان خططاً لإيجاد طريق بديلة بعيدة عن أذربيجان.

3) ما دور إسرائيل في الصراع؟

تعد أذربيجان أحد أكبر مورّدي الغاز لإسرائيل، كما تشتري من تل أبيب طائرات من دون طيار عالية التقنية إلى جانب أسلحة أخرى أثبتت أهميتها في الحرب على أرمينيا. كانت إسرائيل ثاني أكبر موردي السلاح إلى أذربيجان في الفترة بين 2011 و2020 بعد روسيا، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. كما افتتحت إسرائيل سفارتها في العاصمة الأذربيجانية باكو في أوائل التسعينيات، واستضافت أذربيجان عدداً من الزعماء الإسرائيليين.

ماذا تعني الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران؟

وقبل الهجوم على سفارة أذربيجان في طهران بأسابيع، وافق البرلمان الأذربيجاني على مشروع قانون لفتح سفارة في إسرائيل، لتغير من سياستها التي امتدت لعقود بعدم وجود بعثة دبلوماسية في الدولة اليهودية، خشية أن تغضب إيران، إذ رأت إيران في العلاقات بين باكو وتل أبيب تهديداً لأمنها القومي.

4) لماذا تعتبر إيران العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل خطراً عليها؟

شكت طهران لسنوات في استغلال إسرائيل علاقتها مع أذربيجان للتجسس على إيران باستخدام معدات مثل طائرات المراقبة من دون طيار، فحرس الحدود الأذربيجاني هو المتلقي الرئيسي للطائرات من دون طيار الإسرائيلية المتطورة، سواء كانت لجمع المعلومات أو الهجوم، كما اتهمت إيران إسرائيل بالمسؤولية عن الهجمات على منشآتها النووية والعسكرية واغتيال العلماء، ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي تورطها، علماً أنَّها أقسمت على منع إيران من الحصول على قنبلة نووية.

أجرى الحرس الثوري الإيراني مناورات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الحدود مع أذربيجان، واتهم المسؤولون الإيرانيون أذربيجان بالسماح بالوجود العسكري الإسرائيلي قرب الحدود، ومن جهتها أنكرت باكو استضافة قوات إسرائيلية وردّت بإجراء تدريبات عسكرية مع تركيا قرب الحدود الإيرانية.

5) ماذا حدث في يناير؟

حمٌل المسؤولون الأذربيجانيون إيران المسؤولية عما وصفوه بهجوم إرهابي على سفارتهم في طهران، فيما صرّحت إيران بأنَّ التحقيق الأولي مع المسلح الذي تعتقله الشرطة أوضح أنَّ تصرفه نابع عن دوافع شخصية.

إسرائيل: إيران تمتلك ما يكفي لإنتاج 4 قنابل نووية.. و3 خطط لضربها

أحد كبار الدبلوماسيين الأذربيجانيين رفض هذا التصريح باعتباره "سخيفاً"، كما زعم موقع "كاليبر" الإخباري المؤيد للحكومة نقلاً عن أشخاص لم يحدد هوياتهم في الحكومة الأذربيجانية أنَّ "القوات الخاصة" الإيرانية مسؤولة عن الهجوم. أغلقت باكو سفارتها وأجلت العاملين وعائلاتهم، كما حذر وزير الخارجية المواطنين من السفر إلى إيران.

6) كيف سيبدو الصراع؟

اندلاع القتال بين أذربيجان وإيران سرعان ما سيورط تركيا- عضو حلف الناتو- التي وقَّعت اتفاقاً للدفاع المشترك مع أذربيجان، كما أنَّ تركيا كانت مراراً الداعم العسكري الرئيسي لأذربيجان، فقد دعمتها علناً بالسلاح والمستشارين ضد أرمينيا في حرب 2020، وتنشر حالياً قوات لمراقبة وقف إطلاق النار بين باكو ويريفان مع روسيا التي أرسلت 2000 جندي لحفظ السلام إلى ناغورنو قره باخ، حيث تملك روسيا قاعدة عسكرية في أرمينيا وتوجد اتفاقية دفاع بين البلدين.

7) ما المخاطر الاقتصادية؟

اندلاع صراع مسلح بين طهران وباكو قد يُعرض مشروعات الطاقة الإقليمية للخطر، حيث استثمرت "بي بي" وشركاؤها أكثر من 70 مليار دولار في تطوير الطاقة ومشروعات النقل بأذربيجان منذ 1994، وتشمل خط أنابيب نفط بطول 1768 كيلومتراً ينقل إنتاج بحر قزوين إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، كما ساعدت أذربيجان في مد خطوط الغاز الطبيعي بطول 3500 كيلومتر إلى أوروبا عبر جورجيا وتركيا، وبدأت في 31 ديسمبر بتصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها اليونان وإيطاليا عبر ممر الغاز الجنوبي التي تدعمه الولايات المتحدة الأميركية، ووافقت الدولة على مضاعفة صادراتها من الغاز إلى أوروبا بحلول 2027.