بنك كندا يتوقَّع تعافي الاقتصاد مع انتهاء الحظر

تيف ماكليم، حاكم بنك كندا المركزي
تيف ماكليم، حاكم بنك كندا المركزي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سادت نبرة إيجابية في بيان قرار الفائدة والسياسة النقدية لبنك كندا، فقد جاءت نظرته المستقبلية للاقتصاد إيجابية متجاوزة البداية الضعيفة خلال العام 2021 في ظلِّ تسارع جهود التطعيم ضد فيروس كورونا.

وقال صانعو السياسات النقدية بقيادة حاكم البنك المركزي تيف ماكليم يوم الأربعاء، إنَّ التعافي الكامل للاقتصاد الكندي من تداعيات الجائحة قد يستغرق عامين، وذلك دون الحاجة إلى تقديم مزيد من الدعم على الرغم من تزايد الإصابات والتوسُّع في عمليات الإغلاق.

وفي ظل تلك النبرة الإيجابية تبقى التوقُّعات في الوقت الحالي على أقل تقدير باحتمال خفض بنك كندا للفائدة التي سجَّلت بالفعل مستويات متدنية تاريخياً ومستبعدة. وأكَّد مسؤولو المركزي، أنَّ الاقتصاد يفيض ببرامج تحفيز استثنائية، مما قد يزيد من احتمالات التراجع عن بعض برامج التحفيز مع استمرار التعافي.

وقال ماكليم في المؤتمر الصحفي الذي عقب الإعلان: "باختصار، الأمور واضحة بالنسبة لنا بشأن تفاؤلنا بتعافي الاقتصاد على المدى المتوسط"، وأضاف ماكليم: "لكنَّنا لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، في حين تبقى هناك آثار سلبية لتزايد الإصابات بفيروس كورونا على توقُّعات تعافي الاقتصاد في الأجل القصير".

واصل الدولار الكندي تسجيل مكاسب عقب القرار، حيث ارتفع سعر الصرف 1% مقابل الدولار الأمريكي ليسجل أعلى مستوياته منذ أبريل 2018. كما ارتفع بنسبة 0.7% ليصل إلى 1.2651 دولاراً كندياً حتى الساعة 1:41 مساءً بحسب تداولات بورصة تورنتو. في حين ارتفع العائد على سندات الخزانة الحكومية لأجل 10 سنوات 3 نقاط أساس ليصل إلى 0.84%.

استمرار شراء الأصول

أبقى المركزي على سعر الفائدة لليلة واحدة عند 0.25% الذي يعدُّ مستوى منخفضاً قياسياً. إذ جرت العادة أن تُقرض البنوك التجارية عملاءها المميزين بفائدة تزيد بنسبة 2% عن معدَّل الإقراض المعياري من البنك المركزي. وقد كرر بنك كندا يوم الأربعاء استهدافه الإبقاء على تكاليف الاقتراض منخفضة حتى العام 2023.

كما واصل المركزي برنامجه لشراء الأوراق المالية مع إعطاء الأولوية لشراء سندات الخزانة الحكومية بهدف الإبقاء على معدَّلات الفائدة منخفضة في الأجل الطويل. وقال مسؤولون يوم الأربعاء، إنَّ بنك كندا سيواصل برنامج شراء الأصول بالوتيرة الحالية نفسها بقيمة 4 مليارات دولار كندي كحدٍّ أدنى أسبوعياً.

ومن أبرز النقاط الإضافية التي ذكرت في بيان السياسة النقدية، ما ذكره البنك المركزي عن استعداده لتقليص وتيرة مشتريات الأصول في ظلِّ ثقته من اتجاه الاقتصاد للتعافي.

تطور واعد للغاية

وصف ماكليم التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا بأنَّه "تطور واعد للغاية"، وسيدعم التصدير والاستثمار خاصة مع تحقيق مناعة واسعة في كندا وخارجها، كما سيدعم التطعيم زخم الإنفاق الاستهلاكي على نطاق واسع.

ويمثِّل الجدول الزمني لتوفُّر اللقاح على نطاق واسع أبرز التغيُّرات التي طرأت على الافتراضات الخاصة بسياسة البنك. إذ تمَّ تعديل توقُّعات توفُّر اللقاح بشكل واسع لتصبح بنهاية العام 2021 بدلاً من توقُّعاته في أكتوبر، ويتحقق ذلك بحلول منتصف العام 2022. ونتيجة لذلك التغيير، عدَّل البنك تقديراته للنمو في العام المقبل إلى 4.8% بدلاً من توقُّعاته السابقة عند 3.7% في أكتوبر الماضي. في حين خفَّض من توقُّعاته لنمو الاقتصاد خلال العام 2021 بشكل طفيف إلى 4 % بدلاً من تقديراته السابقة عند 4.2 % في أكتوبر، مما يعكس بداية العام التي جاءت أضعف من التوقُّعات.

وقال غوش ناي، الخبير الاقتصادي في "رويال بنك أوف كندا"، ومقره تورنتو، في تقرير للمستثمرين: "أبرز ما جاء ببيان المركزي توقُّعاته المتفائلة بشأن النمو على المدى المتوسط". ويأتي ذلك في الوقت الذي سعى فيه ماكليم إلى عدم رفع سقف التوقُّعات.

وقد فرضت الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا تدابير صارمة على التجمُّعات، وعمل الشركات مما أدى إلى توقُّع بنك كندا انكماش الاقتصاد في الربع الأول من العام الجاري. في حين تبقى قوة العملة، وارتفاع الفائدة أبرز المخاطر التي تقف أمام تعافي الاقتصاد.

وقال ماكليم في المؤتمر الصحفي الذي عقب البيان، إنَّ مسؤولي السياسة النقدية رأوا أنَّه من المبكر التفكير في إبطاء وتيرة شراء الأصول. وأشار إلى أنَّ توقُّعات البنك تتزامن مع حالة من عدم اليقين مع احتمال أن يحتاج الاقتصاد لبرامج تحفيزية استثنائية لسنوات مقبلة، إذ أكَّد على توافر خيارات لدى البنك لتقديم مزيد من التحفيز إذا لزم الأمر. وأضاف ماكليم:

قررنا أنَّ التحفيز النقدي الاستثنائي في الوقت الحالي مناسب في ضوء ما يشهده الاقتصاد من تباطؤ في الأجل القصير والحاجة لوقت أطول لتحقيق التعافي

استبعاد التخفيض

كانت هناك احتمالات واسعة لنبرة التفاؤل التي سادت البيان، وكان قد توقَّع بنك كندا انتعاشاً قوياً بعد البداية الضعيفة للعام 2021، ولكن على الرغم من ذلك، حذَّر بعض المحللين من احتمال أن يلجأ البنك المركزي إلى تخفيض طفيف بمعدَّلات الفائدة لتقترب من الصفر.

ولم تظهر تصريحات ماكليم ما إذا كان مجلس إدارة البنك قد ناقش اللجوء لتخفيض الفائدة في اجتماعه هذا الأسبوع، إذ لم يقل سوى أنَّ التخفيض الطفيف للفائدة يمثِّل أحد الخيارات المتاحة أمام البنك، إذا تطلَّب الأمر مزيداً من التحفيز.

وعلَّق سيمون هارفي، محلل سوق الصرف الأجنبي في "مونيكس كندا" (Monex Canada) عبر البريد الإلكتروني قائلاً: "لم أتوقَّع إطلاقاً اللجوء لخفض طفيف في أسعار الفائدة، لأنَّها لن توفِّر تحفيزاً كافياً لمواجهة التحديات التي يشهدها الاقتصاد في الأجل القريب".

وأشار صانعو السياسة النقدية إلى عدم وجود مخاوف من ارتفاع التضخُّم بسبب التحفيز الاستثنائي، إذ ذكروا في البيان أنَّ الركود الاقتصادي سوف يخلق ضغوطاً على الأسعار في المقابل.