بنك إنجلترا يخطط لوضع سقف لحيازة الأفراد من "الإسترليني الرقمي"

فرض حد أقصى يستهدف منع استنزاف أموال الحسابات المصرفية التقليدية

واجهة مبني بنك إنجلترا المركزي في لندن
واجهة مبني بنك إنجلترا المركزي في لندن المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كشف مسؤول في بنك إنجلترا المركزي أن المملكة المتحدة قد تضع على الأرجح، حداً أقصى يتراوح بين 10 آلاف جنيه إسترليني و20 ألف جنيه إسترليني (ما يعادل 12017 دولاراً إلى 24033 دولاراً) لحجم الحيازات المسموحة من عملة الجنيه الإسترليني الرقمي الجديدة بمجرد إصدارها.

يعمل البنك المركزي ووزارة الخزانة بشكل حثيث على دراسة إجراءات لإصدار جنيه إسترليني بصورة رقمية قبل نهاية العقد الجاري، غير أن الحكومة ستفرض سقفاً لمقدار حيازة الأفراد من هذه العملة، لتلافي استنزاف الأموال من الحسابات المصرفية التقليدية.

الإسترليني الرقمي

ستخضع الإجراءات لمشاورات تستمر حتى يونيو المقبل، وتتناول كيفية اعتماد المملكة المتحدة لعملة رقمية تابعة للبنك المركزي، والتي يطلق عليها "بريت كوين" (Britcoin). وقال نائب محافظ بنك إنجلترا، جون كونليف، إنه ستكون هناك حاجة على الأرجح إلى وجود نسخة رقمية من الجنيه الإسترليني في السنوات المقبلة، لتيسير المعاملات المالية على منصات الإنترنت والهواتف المحمولة.

أشار كونليف في خطاب ألقاه في لندن الثلاثاء، إلى أن فرض سقف 10 آلاف جنيه إسترليني للحيازة، يعني أن 75% من الأفراد بإمكانهم تقاضي رواتبهم بالجنيه الرقمي، في حين أن وضع حد أقصى يبلغ 20 ألف جنيه إسترليني، سيمكن 100% منهم تقريباً من الحصول على رواتبهم بالجنيه الرقمي.

هل يحتاج بلدك عملات رقمية؟

على الرغم من أن الفكرة مستمدة من عملات مشفرة على غرار "بتكوين"، إلا أن عملة البنك المركزي الرقمية ستكون مدعومة من قبل الحكومة بطريقة مماثلة للأموال النقدية الحقيقية. يريد بنك إنجلترا تصميم أداة تؤدي وظيفة مشابهة للأموال النقدية وتأخذ ذات القيمة، من دون أن ترتب أعباء أو فوائد متراكمة أو أن تكون أداة يستخدمها المضاربون.

التعاملات اليومية

يريد البنك المركزي البريطاني توفير أداة مشابهة للأموال النقدية تعمل بطريقة سلسة أكثر في المعاملات عبر الإنترنت، مع انحسار استخدام الأوراق النقدية والعملات المعدنية التقليدية. ونوه كونليف إلى أن هناك 15% فقط من المعاملات اليومية تعتمد على الأموال النقدية حالياً، بانخفاض نسبته 60% عما كان عليه الوضع قبل 15 سنة.

في الوقت الراهن، تمثل السيولة النقدية الصورة الوحيدة للمال العام المدعوم من قبل الحكومة. تعد الحسابات المصرفية التجارية والأموال المنفقة بواسطة بطاقات الائتمان أساساً، معاملة خاصة بين فرد وشركة، وهي غير مدعومة بالثقة الكاملة والائتمان من الحكومة.

ترمي عملة البنك المركزي الرقمية إلى التحرك لسد الفراغ الناجم عن تراجع الاعتماد على الأوراق المالية النقدية والعملات المعدنية. وقد حذّر كونليف من خطر يهدد بانهيار الثقة في الأموال دون وجود صورة من صور المال العام في السيولة النقدية المتداولة، لا سيما في أوقات وقوع أزمات.

ثقة الأموال

أوضح كونليف رداً على أسئلة عقب خطاب ألقاه في المجموعة التجارية "يو كيه فاينانس" (UK Finance): "ربما لا يعد تراجع استخدام الأموال النقدية خلال فترة تفشي وباء كورونا مجرد مصدفة، لكن حيازات الأموال زادت، وهناك فترات يريد فيها الأشخاص معرفة أن أموالهم خاضعة للقياس وبصورة أكثر أماناً، وهذا ما توفره لهم السيولة النقدية. إذا ظننا أن الأموال النقدية بدأت تتلاشى أو أنها موجودة فقط ولكنها بالكاد مستخدمة في المعاملات، فإنني أظن أننا نعاني من خطر حدوث انهيار في الثقة بقيمة الأموال".

يستهدف وضع سقف للقدر الذي يسمح للأفراد بحيازته من الجنيه الإسترليني الرقمي، الحد من مخاوف سحب الأسر لمبالغ كبيرة من الأموال النقدية من النظام المصرفي التجاري لشراء عملة البنك المركزي الرقمية.

"فيزا" توفر منصة لاختبار عملات رقمية من بنوك مركزية

أشار كونليف إلى أن بنك إنجلترا لم يستقر حتى الآن على قرار حول اعتماد عملته الرقمية على ما يطلق عليه تكنولوجيا سجلات البيانات الموزعة (DLT)، على غرار تكنولوجيا "بلوكتشين" التي تشكل الأساس الذي تقوم عليه عملات مشفرة عديدة.

تعتبر سجلات البيانات الموزعة، قاعدة بيانات لا مركزية، وهي تعني تخزين المعلومات والتحقق منها عن طريق شبكة أجهزة حاسوبية عوضاً عن جهاز واحد. لكن كونليف أكد أن "بريت كوين" يمكن أن تعتمد في عملياتها أيضاً على "قاعدة بيانات مركزية وتقليدية".

أغراض الاستخدام

أسهب أيضاً نائب محافظ بنك إنجلترا بشرح الغرض من إصدار الجنيه الرقمي، في محاولة للرد على انتقادات موجهة من بعض الشخصيات، مثل وصف محافظ البنك المركزي السابق اللورد ميرفين كينغ للمشروع المقترح، بأنه "حل لمشكلة غير موجودة".

قال كونليف: "يشير تقييمنا للموقف بحسب الاتجاهات الحالية، إلى أننا سنحتاج على الأرجح إلى وجود عملة البنك المركزي الرقمية أو الجينه الإسترليني الرقمي لخدمة أغراض فردية وأخرى عمومية في المملكة المتحدة، وفي حين أنه ليس بإمكاننا الوصول إلى معرفة يقينية لطريقة حدوث الاتجاهات الحالية للمدفوعات والتكنولوجيا، سيشكل افتراض أن تطورات الأموال والمدفوعات ستقف عند الوضع الحالي نوعاً من التهاون".

رئيس الاحتياطي الفيدرالي: بإمكان العملات الرقمية التنافس مع الدولار الرقمي

أشار إلى انحسار استعمال الأموال النقدية والتطورات الأخرى على صعيد عملية رقمنة الأموال التي تتضمن إمكانية وجود رغبة لدى شركات "التكنولوجيا الكبرى" في إطلاق عملاتها الرقمية الخاصة بها.

تابع كونليف: "ليس بإمكاننا تجاهل حقيقة أن أكثر صور الأموال أماناً المتمثلة بالمال العام -يقصد به الأموال التي تصدرها الدولة للاستخدام العمومي- ستكون أقل استخداماً على نحو متزايد".

ما هو دور "بريت كوين"؟

أوضح كونليف أن الجنيه الإسترليني الرقمي سيؤدي "وظيفته باعتباره مرساة للاستقرار" التي تؤديها الأموال النقدية في الوقت الحاضر، ما يمكّن حامله من الوصول إلى أموال بنك إنجلترا.

استعرض أيضاً كونليف ما يمكن لعملة "بريت كوين" فعله، كما يلي:

- ضمان أن تكون بعض شركات التكنولوجيا غير قادرة على احتكار مجالات سوق الإنترنت بواسطة عملاتها المشفرة الخاصة، عن طريق العمل بوصفها "أصل ربط» بين المنصات المختلفة.

- تتيح مدفوعات أقل تكلفة وأسرع، لا سيما التعاملات الدولية خارج حدود البلاد.

- تجعل الأموال "قابلة للبرمجة" حتى يمكن استخدامها في ما يطلق عليه العقود الذكية، والقيام بإجراءات معينة في حال توافرت اشتراطات محددة.

اختتم كونليف بقوله إنه بينما قد لا يعد الجنيه الإسترليني الرقمي -الذي يخضع للنقاش في الوقت الراهن- ملائماً لتعاملات أسواق الجملة، إلا أن بنك إنجلترا يستطلع خيارات تحويل أمواله إلى "رموز رقمية" لاستعماله في المعاملات المالية.