التضخم في مصر يفوق التوقعات ويقفز لأعلى مستوى منذ أكثر من 5 سنوات

معدل التضخم قفز إلى 25.8% بالمدن في يناير على أساس سنوي

زبائن يشترون فاكهة وخضراوات طازجة في سوق المنهل بمدينة نصر في القاهرة، مصر
زبائن يشترون فاكهة وخضراوات طازجة في سوق المنهل بمدينة نصر في القاهرة، مصر المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دفعت زيادة أسعار الغذاء، وانخفاض الجنيه مقابل الدولار، إلى تسارع التضخم في مدن مصر خلال يناير لأعلى مستوى منذ أكثر من 5 سنوات، مواصلاً بذلك مساره الصعودي، في ظل الارتفاع المتواصل لكل السلع والخدمات في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان.

قفزت أسعار المستهلكين في مصر 25.8% خلال يناير، على أساس سنوي، مقابل 21.3% في ديسمبر، متجاوزةً بذلك توقعات المحللين، بتسجيلها أعلى مستوى منذ نوفمبر 2017 عندما بلغت حينها 26%.

أمّا على أساس شهريّ، فبلغ التضخم 4.7% مقارنةً بـ2.1% في ديسمبر، حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار السلع الأكثر تقلباً ارتفع إلى 31.24% في يناير من 24.449% في ديسمبر، وفق بيانات البنك المركزي الصادرة الخميس.

لمواجهة ارتفاع فواتير واردات الغذاء والوقود، الذي تفاقم بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية، سارعت مصر للحصول على دعم من حلفائها الخليجيين وصندوق النقد الدولي، وخفضت قيمة عملتها 3 مرّات، في مارس وأواخر أكتوبر 2022، ولاحقاً في يناير الماضي.

تراجع الجنيه المصري مقابل الدولار 22% خلال يناير الماضي وبنحو 23% من أول العام ليزيد خسائره إلى 93% من أول يناير 2022 وحتى الآن ليسجل 30.4 جنيه لكل دولار.

أسعار الغذاء

يوسف البنا، المحلل المالي في "نعيم المالية"، رجع استمرار ارتفاع التضخم إلى "استمرار تراجع سعر العملة المحلية، وهو ما أدّى إلى ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، وتمرير الشركات تلك الزيادات إلى العملاء".

تعاني الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر خلال السنوات الماضية من ارتفاع حادّ في الأسعار طال كل السلع والخدمات، وتحاول الحكومة التخفيف عن كاهلهم عبر انتشار منافذ ثابتة تابعة لجهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة.

أظهر بيان التعبئة العامة والإحصاء أن أسعار الحبوب والخبز قفزت خلال يناير 65.3%، واللحوم والدواجن 59.7%، والأسماك 56.9%، والألبان والجبن والبيض 60.3%، والخضراوات 33.5%.

خطأ السياسة النقدية بمصر يحبط مستثمري الأسواق الناشئة

سعر الفائدة

من شأن ارتفاع التضخم بهذه الدرجة الكبيرة أن يضغط على لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة في اجتماعها التالي في 30 مارس المقبل، بعد أن أبقت خلال آخر اجتماع في 2 فبراير أسعار الفائدة دون تغيير، علماً بأن "المركزي" رفع الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس على مدى العام الماضي للتصدّي للضغوط التضخمية.

رضوى السويفي، رئيسة البحوث في "فاروس المالية"، ترى أن "الارتفاع الكبير في نسب التضخم خلال يناير قد يدفع البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل".

ويتماشى ذلك مع توقعات "نعيم المالية" بأن يتجه "المركزي" لرفع الفائدة في الاجتماع المقبل ما بين 100 و200 نقطة.

بنك "غولدمان ساكس" توقَّع أن يصل التضخم إلى 23.8% في مدن مصر خلال يناير، وأفاد في مذكرة بأنَّ "مراقبتنا للأسعار المحلية تظهر استمرار ارتفاعها بشكل مطّرد في يناير لمعظم السلع الأولية الأساسية، ومنها الأرز وزيوت الطعام والسكّر واللحوم والدواجن".

كما اعتبر أنَّ زيادة محتملة تصل إلى 10% بأسعار الوقود، في الاجتماع ربع السنوي للجنة تسعير الوقود الحكومية، يمكن أن تقلل وتيرة خفض التضخم، وهو ما كان مماثلاً لرأي "بي إن بي باريبا".

توقع البنك الفرنسي في تقرير أن التضخم سيصل إلى ذروته خلال الربع الأول عند 27% على أساس سنوي، وسيبقى أعلى من 20% خلال باقي العام.

أشار "بي إن بي باريبا" في تقرير صدر الخميس، إلى أن المعروض النقدي من المتوقع أن يرتفع في مارس، مع انتهاء أجل شهادات الإيداع لأجل عام بعائد 18% والتي أصدرتها البنوك المحلية في مارس 2022، وهو ما سيدفع تلك السيولة للعودة مرة أخرى إلى التداول. ولذلك، يرى أن البنك المركزي المصري سيقوم بزيادة أسعار الفائدة على الأقل 100 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية في 30 مارس.

وأضاف: "نستبعد احتمالات الزيادات الضخمة التي تزيد عن 200 نقطة أساس في اجتماع مارس، إذ أن تركيز الحكومة يتحول بعيداً عن التدفقات المتقلبة للمحافظ المالية إلى عمليات الخصخصة الحكومية كمصدر رئيسي للحصول على تمويل خارجي وذلك ضمن اتفاق البلاد مع صندوق النقد الدولي".

يرى التقرير أن هبوط سعر صرف العملة المحلية ليتجاوز مستوى 32 جنيهاً للدولار مع زيادة عائدات أذون الخزانة بما يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس ضروري لجذب تدفقات المحافظ.