ربما يغني اتصال هاتفي بسيط عن اجتماع عبر "زووم"

المكالمات الهاتفية البسيطة ما تزال فعّالة في عصر تقنيات التواصل الحديثة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشتهر ماري جاين كوبس باسم "سيدة الهاتف"، فلا عجب أنها تتلقى كثيراً من الاتصالات الهاتفية.

تعطي الصحافية السابقة دروساً تصل كلفتها إلى 3600 دولار لقاء جلسة جماعية واحدة على مدى يوم كامل، وقد دربت عشرات الآلاف من الناس على مرّ السنين لتشذيب مهاراتهم في التواصل عبر الهاتف، بدءاً من تقنيات استفتاح الحوار، ووصولاً لأدق تفاصيل استراتيجيات إبرام صفقات البيع.

إلا أن طبيعة عمل كوبس تغيرت أخيراً، فحين بدأت نشاطها قبل حوالي عقدين، كان ما تسمّيه "التوتر عند استخدام الهاتف" يستحوذ على حوالي 10% من عملها، أمّا اليوم فزادت نسبته إلى حوالي النصف.

قالت: "يخاف الناس من إجراء المكالمات الهاتفية"، مشيرة إلى أن أحد عملائها بلغ به الأمر أنه يتناول دواءً ليخفف القلق، كي يتمكّن من تلقي اتصال هاتفي.

فنّ لم يمت

تعزو كوبس ذلك جزئياً إلى التحول الذي طرأ بين الأجيال، فالأشخاص في العشرينات من العمر ترعرعوا ولمّا يستخدموا الهاتف الأرضي بانتظام، واعتمدوا بدل ذلك على الهواتف الذكية التي تحتوي على تطبيقات الرسائل النصية والدردشة والفيديو.

فهم لم يتعلموا أسس المكالمات الهاتفية، وهم اليوم يرفضون الحديث عبر الهاتف، لا بل إنهم يخشونه. أظهر استطلاع قبل الوباء أن أربعة من أصل خمسة أميركيين شباب يضطرون للتحضر نفسياً قبل إجراء اتصال هاتفي.

سرعان ما أدمن الناس مع تفشى وباء كورونا على أدوات الاجتماعات المرئية مثل "زووم" و"سلاك"، التي أصبحت جزءاً أساسياً من التواصل في مكان العمل، فيما بقيت الهواتف ذات الأسلاك الحلزونية مهملة يتراكم عليها الغبار.

كيف يستخدم علماء الأعصاب استراحات "غسيل الدماغ" لتعزيز الإبداع في العمل

بيّنت مجموعة "فروست أند سوليفان" (Frost & Sullivan) المتخصصة بمتابعة مستجدات القطاع أنه مع اعتماد هذه التقنيات إلى جانب التحوّل نحو العمل عن بعد وما نتج عنه من تراجع في الطلب على المساحات المكتبية "سيتقلّص عضوياً السوق التي تستهدفه" الهواتف الأرضية المكتبية.

حتى حين يعود الموظفون إلى مكاتبهم، فهم لن يمكثوا فيها طويلاً، مع ازدياد التركيز على اجتماعات استعراض الأفكار الجماعية وعلى التدريب والإرشاد الفردي.

قالت خبيرة اللياقات جودي أر. أر. سميث إنه مع تراجع عدد الهواتف وانحسار عدد من يحتاجها، أصبحت المكالمات الهاتفية "فناً مفقوداً"، لكن هذا الفنّ لم يمت بعد، فالمحترفون يدركون كيف ومتى يستخدمون الهاتف. أدناه ستّ مزايا لإعادة إحياء المكالمات الهاتفية.

  • تنقية الأجواء

قالت ليز وايز، الاستشارية في شركة "ديبريتس" (Debrett’s) في المملكة المتحدة التي تنشر كتيبات عن اللياقات في مجال العمل، إن الهواتف تُعدّ الطريقة الفضلى للاستعاضة عن تعقيدات التراسل الإلكتروني، وتفلت الدردشة الإلكترونية عن مسارها، وغير ذلك من ضروب التواصل المكتوب التي تفتقر لوضوح النبرة.

حذّرت وايز من أن تبادل الكثير من الرسائل الإلكترونية ذهاباً وإياباً مع العميل من أجل مناقشة أحد التفاصيل المربكة قد يثبط عزيمته، أو يتسبب حتى بخسارة العميل، في حين يمكن حلّ الأمر مباشرة بواسطة اتصال هاتفي.

هل استنزفك عملك؟ إليك 7 طرق لتستعيد طاقتك


  • إرهاق أقل

هل يمكن استبدال مؤتمر الفيديو باتصال هاتفي؟ الجواب نعم على الأرجح، حتى أن ذلك قد يخفف من التعب والضغوط النفسية والعبء الإدراكي الناجم عن الإرهاق الذي تسببه اجتماعات "زووم".

في مؤتمرات الفيديو، لا يتوقف الشخص عن العمل. ولكن حين يتحدث عبر الهاتف، يمكنه أن يمدّد قدميه أو يخربش على ورقة أو يمشي قليلاً، أو ينظر من النافذة، ما يحسّن من صحته النفسية والجسدية.

كتب جيريمي بايلنسون، المدير المؤسس لمختبر التواصل الافتراضي البشري في جامعة ستانفورد في دراسة حول الإفراط في استخدام تطبيق "زووم" أن" المكالمات الهاتفية دفعت قدماً بالإنتاجية والتواصل الاجتماعي طيلة عقود... قليلة هي المكالمات التي تتطلب التحديق في وجه الطرف الآخر لتحقيق تواصل ناجح".

  • المتابعة

يخضع التواصل في مكان العمل اليوم لكثير من التخطيط وجدولة المواعيد، وذلك على حساب الأحاديث العرضية. بيّن بوبي ميلوي من شركة "كالتشر أمب" (Culture Amp) المتخصصة بتقديم خدمات تتضمن استطلاعات للموظفين أنه يسهل التواصل عرضياً عبر الهاتف، وهذا يساعد أيضاً على تمتين العلاقات وبناء حسّ بالانتماء. قال: "التصرف بتلقائية مهم، إلا أننا خسرنا بعضاً من ذلك".

أظهر بحث من مختبرات علوم التواصل والتعامل البشري في معهد ماساتشوستس للتقنية أن أكثر الفرق فعالية هي التي تتواصل بشكل متكرر وغير رسمي خارج نطاق الاجتماعات المعدّة سلفاً.

  • الحفاظ على الخصوصية

يستحسن ألا تتضمن الرسائل الإلكترونية أو رسائل "سلاك" بعض المعلومات الخاصة بمكان العمل، مثل أسماء من سيسرحون في اليوم التالي، أو الشروط النهائية للاستحواذ. في هذه الحالة مجدداً، يبرز دور المكالمات الهاتفية. قالت نيشا تريفيدي، مدربة اللياقات في مجال العمل إن الهاتف "يحافظ على الخصوصية... عند تناول معلومات حساسة أو وجهة نظر معينة، فإن الهاتف لا يقدّر بثمن، وأحياناً لا بديل عنه".

إلغاء الاجتماعات أفضل طريقة لخفض توتر الموظفين


  • التقدم الوظيفي

بالنسبة للباحثين عن عمل، فإن الاتصال هاتفياً بجهة أعلنت عن شاغر وظيفي أجدى من الاكتفاء بتحميل السيرة الذاتية على موقع إلكتروني. حتى إن كنت لا تبحث عن وظيفة جديدة، فإن مجرد الاتصال بزميل أو مدير سابق لم تتحدث معه منذ فترة من شأنه تعزيز شبكة علاقاتك.

قال سميث: "ربما بحوزتهم معلومات يمكنك استخدامها، مثل أخبار حول ما يجري خلف الكواليس... تلك الاتصالات المقتضبة هي صلات وصل تتيح التفاعل الذي يمكّننا من القيام بعملنا".

  • المحاذير

المكالمات الهاتفية دون تحضير أو جدولة مسبقة سيف ذو حدّين. يمكن أن تنزلق المكالمة بسهولة في اتجاه غير لبق وغير ملائم، ما قد يُشعر زملاء العمل بالانزعاج. لتجنب ذلك، يقترح الخبراء تحديد جدول أعمال لكلّ مكالمة، عندها تدرك كيف ومتى تنهي الاتصال. لكن احرص على ألا تغلق الخطّ قبل أن تحدد موعداً للمكالمة التالية.