بنوك عالمية تسعى لإنهاء ندرة إصدارات سندات الشركات العقارية في الصين

متوسط العائد على السندات الصينية الدولارية من دون الدرجة الاستثمارية هبط إلى نحو 15%مقارنة بذروته البالغة 31%

مبانٍ سكنية قيد الإنشاء في مشروع هونور أوف تشاينا لشركة "شيماو غروب هولدينغز" المتعثرة في بكين، الصين.
مبانٍ سكنية قيد الإنشاء في مشروع هونور أوف تشاينا لشركة "شيماو غروب هولدينغز" المتعثرة في بكين، الصين. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عادت بنوك استثمار عالمية، من بينها "جيه بي مورغان"، و"يو بي إس" (UBS Group) للسعي من أجل استكشاف مدى اهتمام المستثمرين بإصدارات سندات شركات التطوير العقاري الصينية، على أمل تنشيط أعمالها الرئيسية، عقب توقف الإصدارات لمدة عام.

تواصل مصرفيون متخصصون بسوق الدين في هونغ كونغ مع مستثمرين، بدعم من عودة ذراع "داليان واندا غروب" (Dalian Wanda Group) العقارية لسوق الإصدارات الأولية بعد غياب 16 شهراً، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

تضم قائمة شركات التطوير العقاري التي استطلع المصرفيون مدى إقبال المستثمرين على شراء سنداتها: "كانتري غاردن هولدينغز"، و"هوبسون ديفيلوبمنت هولدينغز"، و"رود كينغ إنفراستركتشر" (Road King Infrastructure)، و"يانلورد لاند غروب" (Yanlord Land Group)، حسبما قال أشخاص طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة أمور خاصة، وأضافوا أن من بين البنوك التي بدأت التواصل مع المستثمرين، "جيه بي مورغان"، و"يو بي إس"، و"كريدي سويس"، و"غوتاي جونان إنترناشونال هولدينغز"، و"إتش إس بي سي".

يأتي زخم العودة للترويج لسوق السندات ضمن توجه عالمي عقب تعافي القطاع بشكل واسع، بينما تتزايد الضغوط بشكل خاص على البنوك الاستثمارية التي تمثل السوق الصينية جزءاً من أعمالها، بعد أن تسببت أزمة العقارات غير المسبوقة التي اجتاحت البلاد في في اختفاء عمل كان مربحاً في يوم من الأيام. لكن المصرفيين يواجهون تحديات كبيرة في ظل ارتفاع تكاليف اقتراض معظم شركات البناء الصينية لمستويات باهظة رغم التعافي القوي نتيجة إجراءات إنقاذ بكين الشاملة.

استدامة الزخم

قال مصرفي بسوق السندات في هونغ كونغ، يعمل لدى شركة سمسرة صينية كبرى إن بنوك الاستثمار تطالب المقترضين باستغلال عودة إصدارات الدين قدر المستطاع، وأضاف المصرفي الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن البنوك أشارت إلى حالة عدم اليقين بشأن مدى استدامة زخم السوق الثانوية مؤخراً، والتي قد ترجع إلى سياسة بكين.

امتنع "يو بي إس"، و"إتش إس بي سي" عن التعليق، بينما لم يرد "كريدي سويس" و"غوتاي جونان"، و"جيه بي مورغان"، والمطورين المذكورين أعلاه لطلبات التعليق.

خلال العامين الأخيرين، انفجرت فقاعة سندات المطورين العقاريين في الصين المقومة بالدولار، بعد أن كانت من أكثر الأسواق نشاطاً في العالم، بسبب حملة الحكومة للحد من الديون المرتفعة وركود قطاع الإسكان، ما أدى إلى ارتفاع العائدات، وبلوغ التخلف مستويات قياسية، ونضوب مصادر التمويل.

اقرأ أيضاً: الصين تشدد التدقيق على ديون الشركات الخارجية بدءاً من فبراير

تراجع عائد السندات

انخفضت إصدارات شركات العقارات الصينية من السندات المقومة بالدولار 60% إلى 18 مليار دولار العام الماضي، حسب البيانات التي جمعتها بلومبرغ، لتسجل أدنى مستوى منذ 2016. ورغم ذلك، تركز الجزء الأكبر من الصفقات في السندات الصادرة عن شركات البناء التي تعاني من ضائقة مالية لتحل بديلاً لسندات استحقت آجالها، فيما يُعرف بعرض استبدال التعثر.

تسببت ندرة إصدارات القطاع الجديدة بشكل رئيسي في التراجع الواسع بإيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية المتعلقة بالأنشطة في الصين العام الماضي، لتسجل البنوك الأميركية الكبرى العاملة في آسيا أدنى مستوى للرسوم منذ الأزمة المالية العالمية، ودفعت لاعبين كبار مثل "إتش إس بي سي"، و"يو بي إس" إلى خفض عدد الموظفين.

اقرأ أيضاً: "HSBC" يُقلّص وجوده في 77 مكتباً

منذ نوفمبر، بدا هناك تحول في المشهد خاصة بعد أن كثفت بكين جهودها لإنقاذ سوق الإسكان المتعثرة، وتركيزها على النمو الاقتصادي كأولوية قصوى لصناع السياسات بدلاً من قيود منع تفشي كوفيد.

ارتفعت السندات الصينية المقومة بالدولار من دون الدرجة الاستثمارية، التي تسيطر عليها سندات شركات التطوير العقاري، لمستوى قياسي بعد صعودها على مدى 13 أسبوعاً متتالياً، ما دفع متوسط العائد على تلك السندات للتراجع إلى نحو 15% بدلاً من مستوى الذروة البالغ 31%، وفقاً لمؤشر بلومبرغ.

تكلفة باهظة

زاد الزخم الشهر الماضي، مع عودة "داليان واندا غروب" إلى السوق، بصفقة بلغت قيمتها 400 مليون دولار، في إصدار نادر وقتها حفّز الأمل في تعافي أوسع بإصدارات السندات الدولارية، وعادت الشركة هذا الأسبوع وأصدرت سندات أخرى بقيمة 300 مليون دولار.

في المقابل، حذّر المحللون من أن الرهان على "داليان واندا غروب" أكثر أماناً بالمقارنة مع شركات التطوير العقاري الصينية المتعثرة، نتيجة تعرض الشركة بشكل أكبر للعقارات التجارية، أكثر من تلك السكنية الأكثر تضرراً.

ورغم ما تتمتع به "داليان واندا غروب" من أفضل مستويات السلامة المالية بين الشركات الخاصة في البلاد، فإن عائد سنداتها 12.375% الذي قامت بتسعير الصفقتين الأخيرتين وفقه، يُعتبر قياسياً بالنسبة لسندات الشركة، ويجعل احتمالات تأمين تمويل أرخص أكثر صعوبة لأقرانها الأضعف منها.

يُفضل العديد من شركات التطوير العقاري التي تواصل معها المصرفيون حتى الآن الانتظار حتى تنخفض العائدات أكثر، بسبب ارتفاع التكلفة، حسبما قال أشخاص مطلعون على المناقشات.

اقرأ أيضاً: مبيعات السندات عالمياً تتجاوز نصف تريليون دولار منذ بداية 2023

يُمثل انخفاض تكلفة الاقتراض بسوق السندات المحلية في الصين أحد أبرز التحديات التي تواجه جهود البنوك، في ظل توسع الجهات التنظيمية في برنامجها لتعزيز إصدار المطورين سندات محلية بضمانات حكومية، إضافة إلى الزيادة المطردة في التمويل عن طريق إصدار الأسهم من شركات تطوير أقوى مثل "كانتري غاردن".

قال إيدي تشيا، مدير المحافظ لدى شركة "تشاينا لايف فرانكلين" (China Life Franklin) لإدارة الأصول: "لا يزال لدى معظم المصدرين وقتاً للانتظار قليلاً في ظل ضعف طلب المستثمرين، كما تعتمد عودة السوق الأولية لطبيعتها على تعافي المبيعات والأنشطة التشغيلية للشركات".