دراسة: التعهدات المناخية للشركات العالمية الكبرى "مضللة"

تحليل لـ24 شركة تتجاوز إيراداتها 3 تريليونات دولار يظهر أن خططها ستُخفض الانبعاثات بنسبة 36% فقط

دخان يتصاعد من مدخنة بين أبراج الكهرباء في محطة "تاتا باور" الحرارية للكهرباء في مومباي، الهند.
دخان يتصاعد من مدخنة بين أبراج الكهرباء في محطة "تاتا باور" الحرارية للكهرباء في مومباي، الهند. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لن تُسهم أهداف "صافي الصفر" التي تعهدت بها كثير من الشركات الكبرى العالمية في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة سوى بنسبة 36% فقط، وهذا يقل كثيراً عن مستوى التقدم المطلوب لتجنب زيادة كارثية في درجة حرارة الأرض، بحسب تقرير حديث.

الشركات تتعهد يومياً تقريباً بكبح تأثيرها على المناخ والطبيعة مدفوعة بضغوط من المستثمرين وتزايد وعي المستهلك بالظروف المناخية المتطرفة. لكن لا تزال اللوائح المُنظمة للاستدامة وادعاءات الالتزام بها غير كافية وتختلف بشكل كبير من مكان إلى آخر، مما يُصعب التمييز بين التقدم الفعلي والصخب الإعلامي.

شركات بيانات المناخ تنقل العلم من الجامعات إلى مجالس الإدارة

خضعت 24 شركة من بين كُبرى الشركات العالمية التي تعهدت بتحقيق حياد كربوني واعتبرت نفسها ضمن قادة المناخ للدراسة من جانب كل من منظمة "كربون ماركت ووتش" (Carbon Market Watch) و"نيو كلايمت إنستيتيوت" (New Climate Institute). تجاوزت الإيرادات المجمعة لتلك الشركات العاملة ضمن ثمانية قطاعات صناعية واستهلاكية، والمدرجة في الإصدار الثاني لتقرير مرصد مراقبة المسؤولية المناخية للشركات (Corporate Climate Responsibility Monitor)، حاجز الـ3 تريليونات دولار في 2021.

تعهدات مبالغ فيها وخاطئة

توصل المؤلفون إلى أن معظم أهداف هذه الشركات المستقبلية المتعلقة بـ"صافي الصفر" وحتى الادعاءات المناخية الحالية "مبالغ فيها وخاطئة ومضللة". كما أوضح التقرير أن استراتيجيات المناخ تفتقر للطموح على المدى القصير، وتعتمد على أهداف طويلة الأجل دون تفسير كامل حول كيفية تحديدها أو تحقيقها.

الولايات المتحدة تتكبد خسائر بـ165 مليار دولار بسبب كوارث المناخ في 2022

وضعت معظم الشركات، التي خضعت للدراسة، أهدافاً مناخية بموعد نهائي في 2030، إلا أن أغلبها محدود النطاق وغير كافٍ للمساعدة في تحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل في حصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

بشكل عام، وجد كُتاب التقرير أن 15 شركة من بين الـ24 شركة التي شملتها الدراسة لديها تدنٍ أو تدنٍ شديد في مستوى الالتزام باستراتيجيات المناخ الخاصة بها، وخمسة شركات فقط، وهي "إتش آند إم غروب" (H&M Group)، و"هولسيم" (Holcim)، و"ستيلانتس" (Stellantis)، و"ميرسك" (Maersk)، و"تيسين كورب" (Thyssenkrupp)، تلتزم بخفض بصمتها الكربونية بنسبة 90% على الأقل خلال الأعوام المعنية التي تستهدف خلالها الوصول لصافي انبعاثات صفرية.

تقدم محدود في الشفافية والالتزام

خضعت 10 شركات من بين الـ24 أيضاً للتحليل في تقرير 2022، ووجد الباحثون تقدماً محدوداً في الشفافية أو الالتزام باستراتيجياتهم المناخية خلال العام الماضي بالرغم من التحسن النسبي في المبادئ التوجيهية المتعلقة بأهداف المناخ.

"صندوق النقد": توافر دعم الرأي العام شرط لتغيير سياسات المناخ

قال توماس داي، المحلل لدى "نيو كلايمت إنستيتيوت"، وهي مؤسسة بحثية غير ربحية تختص بشؤون المناخ: "كافة الشركات تقريباً تقدم مثل هذه التعهدات، كاستجابة لضغوط المستهلكين والمستثمرين، لكن بتحديدهم لهذه الأهداف الطوعية، يثبتون للجهات التنظيمية كذلك حجة عدم حاجتهم للتنظيم".

جاءت شركات التكنولوجيا العالمية مثل "أبل" و"مايكروسوفت"، وعمالقة السلع الاستهلاكية مثل "بيبسيكو" و"نستله" ضمن الشركات التي شملها المسح. حصلت شركة الشحن "ميرسك" فقط على تصنيف "مرتفع" فيما يتعلق بالالتزام بخطط المناخ التي فحصها التقرير. فيما جاءت شركة "كارفور"، بائعة التجزئة متعددة الجنسيات للأغذية، ومنتجة اللحوم "جي بي إس فودز" (JBS Foods)، ضمن الشركات صاحبة أدنى درجات الالتزام.

لماذا تثير إعانات بايدن للصناعات الخضراء غضب حلفاء أميركا؟

برامج غير واقعية لتعويض الكربون

انتقد كُتاب التقرير الاعتماد المفرط لكافة الشركات التي شملتها الدراسة تقريباً على برامج من شأنها تعويض انبعاثاتها الضارة عبر زراعة الغابات أو مشاريع استغلال الأراضي الأخرى. كتبوا أن خطط التعويض مجتمعة تفوق بكثير الإمكانات التقنية للموارد الطبيعية في العالم وتستند إلى مفهوم أساسي خاطئ متعلق بكيفية عمل أحواض الكربون الطبيعية.

دعا التقرير إلى حظر الادعاءات المناخية المضللة، وإنفاذ أفضل للوائح الحالية، بجانب تحقيق إشراف أفضل لمنع الشركات من اللجوء لما يُعرف بـ"الغسل الأخضر".

مخاطر الغسل الأخضر تحاصر الاستثمارات المستدامة في كندا بسبب ضعف البيانات

قال جيليس دوفراسن، مسؤول السياسة في "كربون ماركت ووتش"، وهي منظمة غير ربحية تراقب أسواق الكربون: "توقع فهم المستهلكين لهذه الادعاءات أمر غير واقعي، رغم أن العديد من هذه الرسائل تستهدف المستهلكين بشكل مباشر".