لماذا منحت وكالة "موديز" نظرة مستقبلية مستقرة للبنوك المصرية؟

مقر البنك المركزي المصري في القاهرة
مقر البنك المركزي المصري في القاهرة المصدر: رويترز
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

منحت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني القطاع المصرفي المصري نظرة مستقبلية مستقرة مدعومة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تبنَّتها الحكومة المصرية للتخفيف من تأثير تداعيات وباء كوفيد-19 الذي تسبَّب في تعطيل النشاط الاقتصادي بالبلاد.

وتوقَّعت الوكالة، في تقرير اطَّلعت عليه "الشرق"، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر بمعدَّل 2.4% فقط في العام المالي الحالي، بسبب تأثير جائحة كورونا على الإنتاج الصناعي، وعرقلة حركة السياحة التي تشكِّل نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعدُّ مصدراً مهماً للعملة الأجنبية، لكنَّ الوكالة توقَّعت أن يعود الاقتصاد المصري للانتعاش مرة أخرى في العام المقبل 2022، لينمو بنسبة 5% بفضل تنوع الاقتصاد والتنفيذ الناجح للإصلاحات الهيكلية، فضلاً عن تبني مجموعة شاملة من الإجراءات للحدِّ من التأثير الاقتصادي للوباء.

يذكر أنَّ صندوق النقد الدولي يتوقَّع نمو اقتصاد مصر في العام المالي الحالي 2020/ 2021 بمعدَّل 2.8%، والبنك الدولي 2.7%.

ومن ناحية أخرى توقَّعت "موديز" أن تنمو القروض في البنوك المصرية بنسبة تتراوح بين 7 و9% في عام 2021.

عوامل النظرة المستقرة

ومن وجهة نظر "موديز"، فإنَّه بالرغم من البيئة الاقتصادية الصعبة في مصر، فإنَّ سجل الإصلاحات الاقتصادية والمالية سيساعد في تخفيف آثار فيروس كورونا على الاقتصاد، وتشير النظرة المستقبلية المستقرة للقطاع المصرفي إلى استقرار أوضاع البنوك بسبب حيازتها الضخمة من ديون الحكومة المصرية.

وبحسب الوكالة، سيدعم تزايد معدَّلات الشمول المالي، وتدفُّقات التحويلات المالية من العاملين بالخارج السيولة والتمويل القوي للبنوك، وذلك على الرغم من وجود بعض ضغوط السيولة للعملات الأجنبية، وأضافت أنَّ التباطؤ الاقتصادي الناتج عن فيروس كورونا سيؤثر سلباً على أداء القروض وربحيتها.

قالت "موديز"، إنَّها قد ترفع نظرتها للقطاع المصرفي المصري إلى إيجابية، إذا نما الاقتصاد المصري بشكل وقوة أكبر، مما يعزز استثمارات القطاع الخاص، ونمو معدلات الائتمان، وارتفاع الاحتياطيات الرأسمالية خاصةً للبنوك المملوكة للدولة، والحفاظ على مستويات منخفضة من القروض المتعثِّرة مع تعزيز حقوق الدائنين والقوانين المرتبطة بذلك.

أداء القروض

رصدت وكالة "موديز" تراجعاً في مستويات القروض المتعثِّرة بالبنوك المصرية في السنوات الأخيرة، إذ بلغت 2.9% من إجمالي القروض في يونيو 2020، لكن تتوقّع وكالة "موديز" أن يضعف أداء القروض نظراً لضعف أداء النشاط التجاري مع انخفاض معدَّلات الاستهلاك، وتعثُّر قطاعي السياحة والبناء، مما يجعل من الصعب على المقترضين الالتزام بجداول السداد الخاصة بهم.

ورأت أنَّ الحوافز التي يقدمها البنك المركزي للشركات المتعثرة في سداد مديونياتها دعمت الشركات القابلة للاستمرار، لكنَّ نمو إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة بسرعة خلال العامين الماضيين دون التحقق من الجدارة الائتمانية للمقترضين في فترة الانكماش ساعد على ارتفاع نسبة الديون المتعثرة.

اعتمدت البنوك المصرية المعايير المحاسبية الدولية لإعداد التقارير المالية التي تتطلَّب مستويات عالية من مخصصات خسائر البنوك. وبلغت مخصصات خسائر القروض نحو 100% من القروض المتعثرة. ومع ذلك، تتوقَّع "موديز" زيادة تكاليف المخصصات بشكل كبير بمجرد انقضاء جميع فترات السماح الخاصة بالسداد،

لاسيَّما بالنظر إلي الإطار القانوني الملائم للمقترض في مصر.

ضغوط على معدلات ربحية البنوك المصرية

تتوقَّع وكالة "موديز" أن تنخفض معدَّلات ربحية البنوك في عام 2021. وسيأتي الضغط الأكبر من انخفاض هوامش الفائدة نظراً لانخفاض معدَّلات الفائدة بنحو 400 نقطة أساس، وزيادة تكلفة التمويل بالنظر إلى العائد، وأيضاً بسبب تباطؤ نمو القروض وابتكار الأعمال، وزيادة المخصصات مع تسارع حالات تأخر سداد القروض.

يتمُّ تمويل البنوك المصرية من الودائع المحلية المستقرة التي تشكِّل 73% من إجمالي الأصول بنهاية يونيو الماضي.

وأما بالنسبة لعام 2021، فتتوقَّع "موديز" زيادة الودائع بنسبة 10إلى 12%، مدعومة بالجهود المستمرة لتعميق الشمول المالي من خلال استخدام التكنولوجيا المالية، وكذلك من خلال التحويلات المصريين العاملين بالخارج.

ونمت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 11.6% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 لتسجِّل 22.1 مليار دولار.

ومن ناحية أخرى تحسَّن إقراض البنوك المصرية من التمويلات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، في إشارة إلى زيادة ثقة المستثمرين الأجانب بعد قرار تحرير سعر صرف العملة في 2016.

وتتوقَّع الوكالة أن تحافظ البنوك المصرية على قدرتها على الوصول إلى التمويل الأجنبي طويل الأجل على الرغم من ظروف السوق الأكثر هشاشة.

معدلات السيولة بالبنوك المصرية في مأمن

تقول وكالة "موديز" أنَّ البنوك المصرية تتمتَّع بمستوى عالٍ من السيولة، إذ يمثِّل النقد والأرصدة بين البنوك 19% من إجمالي أصولها، في حين تستثمر 39% أخرى في الأوراق المالية والحكومية. ومن ناحية أخرى ستضمن التدفُّقات الوافدة للودائع، ومتطلبات الاحتياطي العالية للبنك المركزي بقاء معدلات السيولة قويةً.

يعدُّ مركز السيولة للعملات الأجنبية في القطاع المصرفي المصري أقوى مما كانت عليه في الأزمات السابقة مقارنةً بالدول الأفريقية.

أبدت الحكومة المصرية استعدادها الكبير لتقديم الدعم للبنوك التي تواجه صعوبات مالية، وبالنظر تاريخياً للأمر، لم يخسر أيّ مودع أمواله من قبل الجهاز المصرفي المصري. ومع ذلك، فإنَّ قدرة الحكومة على تقديم مقيد بالتحديات المالية التي تدفع تصنيفها عند B2.