خطة "تويوتا" الجديدة للسيارات الكهربائية "اختبار واقعي"

الرئيس التنفيذي يجري تغييراً جوهرياً في سياسة الشركة ويقود مسيرة التحول نحو تصنيع المركبات الكهربائية

كوجي ساتو، الرئيس التنفيذي لشركة "تويوتا موتور"
كوجي ساتو، الرئيس التنفيذي لشركة "تويوتا موتور" المصدر: بلومبرغ
 Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بينما تدخل أكبر شركات صناعة السيارات في العالم عصر المركبات الكهربائية، يشكل هذا تحذيراً لقطاع السيارات، حيث ينذر بأنه أوان إعادة التفكير في طرق التصنيع التقليدية.

من جانبها، كشفت "تويوتا موتور" هذا الأسبوع عن خطتها الثورية في عهد كوجي ساتو، الرئيس التنفيذي الجديد للشركة. وتحدد الخطة عدداً من التغييرات في أرجاء الشركة الضخمة، حيث تدفعها للتحول إلى المركبات الكهربائية بشكل أكبر. كما ستغير كبار المديرين التنفيذيين، وتعيد ترتيب هيكلها الإداري (جدير بالملاحظة أنه كله من الرجال)، وتركز على التحول للمركبات الكهربائية والسيارات الذكية.

قدم ساتو الخطة مع تصريح جريء، حيث قال: "يجب علينا إحداث تغيير كبير في طريقة عملنا، من التصنيع إلى المبيعات والصيانة". وأضاف أنه في سبيل حصول الناس على السيارات الكهربائية التي يريدون قيادتها، فالشركة "يجب أن تبسط هيكل السيارة"، وأضاف أن قسم العلامة التجارية الفاخرة "لكزس"(Lexus)-الذي تولى ساتو قيادته- سيتصدر مسيرة التحول، وكجزء من هذا التحول ستعيد الشركة هيكلة منظومة إنتاج مركباتها في كيوشو، وتنتج سيارة "لكزس" الكهربائية من الجيل الجديد بحلول 2026، وكل مكونات تلك الطرازات من البطاريات والهيكل السفلي وحتى طريقة صنع السيارة، سيجري إعدادها بحيث تناسب المركبات الكهربائية.

تحول تكنولوجي حقيقي

على خلاف سجلها الطويل من الرسائل المشوشة عن السيارات الكهربائية، كانت رسالة "تويوتا" واضحة هذه المرة، ومفادها أن هذا التحول التكنولوجي ليس تدريباً آخر على صنع المركبات، وإنما يعني إحداث تغييرات حقيقية في طريقة التصنيع، وإجراء تجديد شامل، وليس مجرد تغيير محركات الاحتراق الداخلي.

أقر ساتو بأن الاختلافات الجوهرية- في طريقة تحويل المحرك واستخدامه والديناميكا الهوائية- تعني تعديل كل قطعة وعملية لتناسب المركبات الهوائية.

هذا الفهم والاعتراف العلني به في غاية الأهمية، فالمركبات الكهربائية ليست مجرد مركبة أخرى تعمل بوقود أو مصدر طاقة مختلف يمكن الاعتماد فيه على المصانع الموجودة، حيث يتسابق صانعو السيارات في أرجاء العالم للوفاء بوعود الإنتاج وتعهدوا بتوفير مليارات الدولارات لمساراتها في التحول إلى المركبات الكهربائية، وذلك اختبار واقعي بالغ الأهمية.

الأثرياء يحتكرون السيارات الجديدة حتى يجني صانعوها الأرباح

تصنيع سيارات العصر الجديد ليس سهلاً ويشكل جزءاً من سبب صعوبة زيادة إنتاجها، فبينما يبدو صنع المركبات الكهربائية امتداداً لصنع مركبات محرك الاحتراق الداخلي، توجد مكونات أقل بكثير –نظرياً- في المركبات الكهربائية، لذا يجب أن يكون صنعها أيسر، لكن الحقيقة أن تصميم هيكلها يختلف عن تصميم المركبات التقليدية، ويسري الأمر نفسه على تجميعها، حيث تحتاج المركبات الكهربائية إلى مجموعة كاملة جديدة من الدوائر الإلكترونية والأسلاك الكهربائية، بينما تحتاج الأجزاء إلى أوضاع مختلفة من التعامل والتخزين، كما تصنعها آلات أخرى، لذا من المنطقي لشركات صنع السيارات أن تجمد نشاط مصنع بدلاً من تحويله. علاوة على ذلك، فإن أغلب عمليات التصنيع تتمحور حول البطارية التي تمثل تقريباً ما بين 40 إلى 50% من التكلفة وتشكل عائقاً تكنولوجياً كبيراً.

تبسيط طرق التصنيع

أدت طرق التصنيع المعقدة في مرحلة ما إلى استغراق شركة السيارات "فولكس واجن" نحو 30 ساعة لصنع إحدى مركباتها الكهربائية الجديدة من طراز "آي دي. 3" (ID.3)، فيما قضت "تسلا" ثلث تلك المدة، ورغم أنها شركة تركز كلياً على المركبات الكهربائية إلا أنها واجهت مشكلات رهيبة في الإنتاج.

"فولكس واجن" ستبدأ جني أرباح استثمارات السيارات الكهربائية في 2026

بالعودة لـ"تويوتا"، سيكون هذا تغيراً كبيراً لشركة تحظى بالثناء لبراعة نظام إنتاجها المعروف باسم "تويوتا واي" (Toyota Way)، ولطالما عدلت الشركة وبسطت طريقة وعملية التصنيع لتحسين الكفاءة، فقدمت في 1985 خط الإنتاج المرن لهيكل السيارة، ونشرته عالمياً بعدها بعشر سنوات، حيث اختبرت نظام توريد قطع المجموعة الذي خفض التكاليف داخل المصنع وأصبح في النهاية أسرع خط إنتاج ينتج مركبة كل 50 ثانية.

أيضاً فتصنيع المركبات الكهربائية له جانب آخر، حيث تركز خطة "تويوتا" الجديدة على السيارات الذكية والتقنية المستخدمة فيها، ويقول سايمون هفمريز مدير العلامة التجارية التنفيذي الجديد: "يريد الناس التحكم في تجاربهم، ما يعني أن الشركة ستضطر للتعجيل بدمج الأجهزة والبرمجيات ليتمكن قائدو السيارات من تعديل المركبات الكهربائية لتناسب احتياجاتهم المتنوعة".

مراعاة احتياجات المستهلكين

لذا يجب على تلك السيارات مضاهاة ما تقدمه شاحنات بيك آب الصغيرة في تايلاند أو السيارات التي تستهلك البنزين بشراهة في أميركا لقائديها، أو أن تحل محل المركبات الصغيرة المتينة المجهزة للطرق الهندية. ويعني إقناع العملاء باستخدام المركبات الكهربائية والمشاركة في التحول التقني أن الشركة ستحتاج لمجاراة التغير السلوكي، وفي سبيل ذلك ستعزز "تويوتا" جهودها في شركة "ووفن بلانيت هولدنغز" (Woven Planet Holdings) التابعة لها، والتي تعمل في مجالات القدرة الحركية والبرامج والمركبات الذكية.

جاذبية مركبات "تويوتا" الكهربائية التي بدأت بأول تغيير للرئيس التنفيذي في عقد لم تعد مجرد محاولة للتكفير عن الصورة المتخاذلة للمركبات الكهربائية، فبالنسبة للشركة التي أتقنت فن صناعة السيارات وتمكنت من صنع ملايين المركبات خلال أزمات شديدة، يعد هذا تحولاً خطيراً يمهد الطريق لكيفية صنع المركبات الكهربائية بأعداد كبيرة.