الأسهم الأميركية تواجه مخاوف أسعار الفائدة مع ارتفاع عوائد السندات

متعاملون في قاعة تداول بورصة نيويورك (NYSE) في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء 3 يناير 2023
متعاملون في قاعة تداول بورصة نيويورك (NYSE) في نيويورك، الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء 3 يناير 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سحب ارتفاع جديد في عوائد سندات الخزانة الأميركية القوة الدافعة من سوق الأسهم، وسط توترات جيوسياسية وتوقعات متشائمة من شركات مؤثرة مثل "ولمارت" (Walmart) و"هوم دبوت" (Home Depot)، أدت بدورها إلى تدهور معنويات المستثمرين.

واصلت مخاوف "وول ستريت" المتزايدة من أن الاحتياطي الفيدرالي لم يقترب من نهاية حربه ضد التضخم -ناهيك بالتحول في سياسته النقدية- إرهاق مستثمري السندات الذين كانوا يراهنون في وقت ما على خفض أسعار الفائدة في عام 2023.

مع رفع المتعاملين رهاناتهم على أسعار الفائدة الفيدرالية، سجلت عوائد السندات الأميركية لأجل عامين أعلى مستوى لها منذ عام 2007، فيما تظهر الدلائل على نفاد القوة الدافعة وراء ارتفاع الأسهم.

"غولدمان ساكس" يتوقع رفع "الفيدرالي" للفائدة 75 نقطة إضافية

وسط عمليات بيع اجتاحت كل قطاع رئيسي في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، هبط المؤشر بنسبة 2% -وقد شهد أسوأ موجة بيعية له منذ منتصف ديسمبر- مما أدى إلى فقدان تقدمه على مستوى شهري، مع هبوط ما يزيد على 90% من أسهمه. وفقدَ مؤشر "داو جونز الصناعي" كل مكاسبه في عام 2023. وسجلت أسهم التكنولوجيا أداءً ضعيفاً حتى انخفض مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 2.5% تقريباً. وواصلت تقلبات الأسهم، التي كانت ضعيفة باستمرار في وقت سابق من هذا العام، حدّتها حتى اقترب ما يسمى بمؤشر التقلب "في آي إكس" (VIX) من 23 نقطة.

في حين تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة قد تمتلك القدرة على تفادي الركود، فإنّ تشدد "بنك الاحتياطي الفيدرالي" وتوقعات الأرباح المرتفعة يجعلان معادلة المخاطرة والعائد بالنسبة إلى الأسهم تبدو "سيئة للغاية"، حسبما قال مايكل ويلسون من "مورغان ستانلي". وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة إلى السوق بعد الارتفاع الحاد الذي دفع الأسهم إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2007 وفق معيار علاوة مخاطر الأسهم.

قالت ليز يونغ، رئيسة استراتيجية الاستثمار في شركة "سوفاي" (SoFi)، لـ"تلفزيون بلومبرغ": "بلغت السوق نقطة يشعر فيها المستثمرون أن أسعار الأسهم مُبالغ فيها بعض الشيء بالنظر إلى المستوى الذي وصلنا إليه. ولا يزال على الاحتياطي الفيدرالي أن يبذل مزيداً من الجهد، وجميعنا يعلم الفترات الطويلة والمتغيرة التي تستغرقها تغييرات السياسة النقدية حتى ينتشر تأثيرها في مختلف جوانب الاقتصاد".

أقوى مما ينبغي

حذر آخرون في "وول ستريت" من أن احتمال أن يكون انتعاش أسعار الأسهم أقوى مما ينبغي.

قال ميسلاف ماتيجكا من بنك "جيه بي مورغان تشيس" (JPMorgan Chase & Co) إن الرهان على نمو اقتصادي قوي وتحوُّل في سياسة "بنك الاحتياطي الفيدرالي" سابق لأوانه، في حين يتوقع مايكل هارتنت، الخبير الاستراتيجي في "بنك أوف أميركا"، أن ينخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى 3800 نقطة بحلول 8 مارس، مما يعني هبوطاً بنحو 5% عن المستويات الحالية. أما مايكل ويلسون فكان أكثر تشاؤماً بكثير، وتوقع أن يهبط المؤشر إلى 3000 نقطة –أي بنسبة 25% عن إغلاق يوم الثلاثاء- في النصف الأول من عام 2023.

قال إريك جونستون من شركة "كانتور فيتزجيرالد" (Cantor Fitzgerald) إنه لا يزال متشائماً بشأن أداء الأسهم. وأضاف أنه يختلف تمام الاختلاف مع الرأي القائل بأن الولايات المتحدة لن تشهد أي ركود وقد تشهد "هبوطاً سلساً" أو لا يحدث هبوط مطلقاً، مشيراً إلى أن الأداء الحالي للاقتصاد ليس مؤشراً على ما سيبدو عليه بعد 6 إلى 12 شهراً من الآن.

هناك أيضاً حقيقة أن قوة البيانات الاقتصادية لا تزال تنشر المتاعب بقدر ما تتحرك سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي.

في الواقع، تعرضت الأسهم لضغوط يوم الثلاثاء حتى بعد أن أظهرت البيانات استقرار نشاط قطاع الأعمال بالولايات المتحدة في فبراير، إذ استعاد قطاع الخدمات قوته، مما يشير إلى اقتصاد قوي يحافظ على بعض قوة التسعير دون تأثر.

استقرار نشاط الأعمال في الولايات المتحدة بدعم من الخدمات

قال جيفري روتش، كبير الاقتصاديين في شركة "إل بي إل فايننشال" (LPL Financial): "إنّ نقص المعروض في سوق العمل وقوة الطلب الاستهلاكي قد يغريان الاحتياطي الفيدرالي على مواصلة حملة رفع أسعار الفائدة في الصيف. ويجب أن يتوقع المستثمرون تقلب الأسعار حتى تتوافق الأسواق ومسؤولو البنك المركزية على المسار المتوقع لأسعار الفائدة".

عرضة "للصدمات"

يراهن المستثمرون على رفع سعر الفائدة على الأرصدة الفيدرالية إلى نحو 5.3% في يونيو. ويقارن ذلك بذروة متوقعة بلغت 4.9% قبل ثلاثة أسابيع فقط.

قالت ليزا شاليت، رئيسة شؤون الاستثمار في شركة "مورغان ستانلي ويلث مانجمنت" (Morgan Stanley Wealth Management): "إذا جاءت أسعار الفائدة أقرب إلى 5% لفترة أطول، فمن المرجح أن تصبح تقييمات الأسهم التي تنطوي على علاوات مخاطر متواضعة للغاية عرضة لصدمات السوق. يجب على المستثمرين ملاحظة أن تبنّي بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسة (سعر فائدة أعلى لفترة أطول) يرجح ألا يتسبب في إعادة تحديد سعر الفائدة النهائي فحسب، بل أيضاً السعر المحايد طويل الأمد، متسبباً في رياح معاكسة لتقييمات الأسهم طويلة الأجل".

ما زالت الأسواق تحاول التكيف مع حقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي لا يرجح أن يتحول عن سياسته، وأنه خلافاً لذلك لا يزال يركز على مكافحة التضخم، مما يشير إلى أن المستثمرين يجب أن يستعدّوا لأن تستمر أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، كما قالت كارول شليف، رئيسة شؤون الاستثمار في "بي إم أو فاميلي أوفيس" (BMO Family Office). ومعنى ذلك أننا "يمكن أن نشهد تقلبات مستمرة حتى نهاية العام".

تشير شليف أيضاً إلى أن محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء سيكون ذا أهمية خاصة بالنظر إلى أرقام التضخم والوظائف التي صدرت مؤخراً، والتي لا تزال مرتفعة، كاشفة عن سخونة الاقتصاد.

أرقام التضخم الأخيرة قد تقود الاحتياطي الفيدرالي إلى قرارات خاطئة

مؤشر التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي سيصدر في وقت لاحق من هذا الأسبوع، إلى جانب موجة الإنفاق الاستهلاكي الهائلة، ينتظر أن يثيرا جدالاً بين قادة البنك المركزي حول الحاجة إلى تعديل وتيرة زيادة أسعار الفائدة.

لم نبلغ قاع الهبوط

إذا كان التاريخ يمثل أي دليل فإن سوق الأسهم لم تبلغ القاع حتى الآن.

وصل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" إلى أدنى مستوى له فقط بعد أن توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة في دورات الرفع السابقة، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، مما يعني مزيداً من الهبوط إذا أثبت هذا الاتجاه صحته.

ارتفعت الأسهم الأمريكية بنسبة 17% من أدنى مستوى لها في أكتوبر إلى أعلى مستوى لها في أوائل فبراير، قبل أن تبدأ هذه المكاسب في التلاشي.

يُظهِر أحدث استطلاع لعملاء بنك "جيه بي مورغان تشيس" (JPMorgan Chase & Co) أن الاستثمار في الأسهم لا يزال يميل نحو النسبة المئوية الهبوطية، وأن 33% فقط من المشاركين قالوا إنهم قد يرفعون استثماراتهم في الأسابيع المقبلة.

مع انتهاء موسم الإعلان عن الأرباح في الولايات المتحدة، سيهتمّ المتعاملون بالاستماع إلى واحدة من أفضل الشركات أداءً هذا العام في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، وهي شركة "إنفيديا" (Nvidia Corp).

يُنتظر أن تعلن الشركة عن نتائج الربع الأخير يوم الأربعاء في وقت مضطرب بالنسبة إلى شركة صناعة الرقائق الإلكترونية. ورغم أن صناعة الكمبيوتر الشخصي ما زالت تعاني، فإن فرص الشركة في مجال مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي دعمت أسهمها في عام 2023. وفي الفترة التي سبقت إعلان تقريرها، واصلت الأسهم تراجعها لليوم الرابع على التوالي إلى 10%.

قال مات مالي، كبير استراتيجيي السوق في شركة "ميلر تاباك+" (Miller Tabak +): "السؤال الآن هو ما إذا كان تقرير الربحية غداً يستطيع أن يساعد سهم (إنفيديا) على استعادة زخمه الصعودي. إذا أمكن ذلك، فلن يكون تأثيره إيجابياً على سهمها فحسب، بل أيضاً على قطاع الرقائق الإلكترونية بشكل عام. ونظراً إلى أن أشباه الموصلات هي قطاع قيادي مهمّ في سوق الأوراق المالية، فإن تقرير الربحية الإيجابي ينبغي أن يكون مهماً أيضاً على نطاق أوسع".

آخر "أحجار الدومينو"

بالنسبة إلى لورين غودوين من شركة "نيويورك لايف انفستمنتس" (New York Life Investments)، فإنّ أرباح الشركات الأمريكية هي أحدث "أحجار الدومينو" التي تنضم إلى سلسلة من البيانات تشير إلى الركود في المستقبل.

وأضاف غودوين: "في حين أن أرقام الربحية قد صمدت بشكل جيد، مما يعكس قدرة الشركات المثيرة على الحفاظ على هوامش الربح، فإن أرقام الإيرادات تتباطأ بالنسبة إلى معظم الصناعات. ومع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة في إبطاء النشاط الاقتصادي، وإن تضمن ذلك تأخيرات طويلة ومتعرجة، نعتقد أن الشركات ذات الإيرادات المستدامة ستتفوق في أدائها مرة أخرى".

كما راقب المستثمرون من كثب التطورات الجيوسياسية الأخيرة.

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا ستعلق التزامها معاهدة "نيو ستارت" (New START) للأسلحة النووية مع الولايات المتحدة، وهو قرار وصفه وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأنه "غير مسؤول". وردّ الرئيس جو بايدن على بوتين قائلاً إنه لن يفوز أبداً بحربه في أوكرانيا.

في نفس الوقت، لن يخشى البيت الأبيض فرض عقوبات على الشركات الصينية التي تدعم غزو روسيا لأوكرانيا، وفق تصريحات والي أدييمو نائب وزير الخزانة.

على صعيد آخر، تراجعت أسهم مجموعة "كريدي سويس" إلى مستوى قياسي منخفض بسبب تقرير بأن رئيس مجلس الإدارة يواجه تحقيقاً في تصريحات أدلى بها بأن الشركة وقفت تدفقات العملاء الخارجة الضخمة بعد سلسلة من انخفاض الأسهم.

بعض التحركات الرئيسية في الأسواق:

الأسهم

  • انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 2% في تمام الساعة الرابعة بتوقيت نيويورك.
  • تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 2.4%.
  • هبط مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 2.1%.
  • سجل مؤشر "إم إس سي آي" للأسهم العالمية هبوطاً بنسبة 1.6%.

العملات

  • صعد مؤشر "بلومبرغ للدولار الفوري" بنسبة 0.3%.
  • انخفض اليورو بنسبة 0.4% إلى 1.0647 دولار.
  • ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.5% إلى 1.2106 دولار.
  • سجل الين الياباني تراجعاً بنسبة 0.5% إلى 134.93 ين للدولار.

العملات المشفرة

  • تراجعت "بتكوين" بنسبة 1.2% إلى 24461.78 دولار.
  • هبطت "إيثر" بنسبة 1.9% إلى 1669.08 دولار.

السندات

  • عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ارتفع بمقدار 14 نقطة أساس، مسجلاً 3.95%.
  • صعد عائد سندات الحكومة الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 7 نقاط أساس إلى 2.53%.
  • تقدم العائد على سندات الحكومة البريطانية لأجل 10 سنوات 14 نقطة أساس إلى 3.61%.

السلع

  • أسعار خام غرب تكساس الوسيط انخفضت بنسبة 0.2%، مسجلاً 76.16 دولار للبرميل.
  • عقود الذهب المستقبلية انخفضت بنسبة 0.3%، مسجلة 1843.90 دولار للأونصة.

الأميركيتان