هذا هو وقت الحساب لشركات العقارات الأوروبية عالية الاستدانة

سوقا المملكة المتحدة والسويد تقدمان نموذجين للإفراط والانضباط في المديونية.. فأي نهج حقق العائد الأكبر للمساهمين؟

شخصان يقفان عند الغروب أمام مبانٍ سكنية قريبة من قناة "سيكلا" بمنطقة هاماربي في ستوكهولم، السويد.
شخصان يقفان عند الغروب أمام مبانٍ سكنية قريبة من قناة "سيكلا" بمنطقة هاماربي في ستوكهولم، السويد. المصدر: بلومبرغ
Chris Hughes
Chris Hughes

Chris Hughes is a Bloomberg Opinion columnist covering deals. Previously, he worked for Reuters Breakingviews, the Financial Times and the Independent newspaper.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حلّ يوم الحساب على شركات العقارات عالية الاستدانة في أوروبا القارية، حيث تخضع ميزانياتها العمومية للضغط، ويتخذ رؤساؤها إجراءات دفاعية، مع انخفاض قيم العقارات في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض.

فهل صحيح أن لدى قطاع العقارات في المملكة المتحدة بعض الشعور بالشماتة، كونه تجنب المخاطرة وتفادى الإفراط في الاقتراض عندما كانت الفائدة منخفضة؟ مهلاً.. لا تستعجل الاستنتاج.

شركات العقارات السويدية لديها أعلى نسب ديون

حرصت شركات العقارات في أوروبا على الاستفادة من تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فعلى سبيل المثال، موّلت الشركة الألمانية لتأجير المساكن "فونوفيا" (Vonovia) استحواذها على منافستها "دويتشه فونن" (Deutsche Wohnen) عن طريق بيع السندات بأسعار لا يمكن تصوّرها اليوم، إذ اقترضت نحو 1.8 مليار يورو (1.9 مليار دولار) بفائدة صفرية، فيما كانت الفائدة على شريحة السندات لأجل 30 عاماً 1.63% فقط.

ثم هناك قطاع العقارات في السويد الذي اضطر لأن يتكيف بعدما قفزت أسعار الفائدة الرسمية إلى 3% من تحت الصفر للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات أو نحو ذلك. لدى الشركات السويدية أعلى معدل من حيث حجم القروض إلى قيمة العقار (وهو مقياس للديون نسبةً إلى الأصول) بين الشركات المدرجة على مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي الفرعي للعقارات.

البرتغال تعتزم وقف منح التأشيرة الذهبية بعد ارتفاع أسعار المنازل

لجأت شركة "كاستيلوم" (Castellum) التي تتخذ من غوتنبرغ في السويد مقراً لها الأسبوع الماضي، إلى جمع 10 مليارات كرونة (970 مليون دولار)، في عملية بيع ضخمة للأسهم لتحسين وضعها المالي، وذلك بعد أيام من خفض نظيرتها المحلية "فابيغيه" (Fabege) توزيعات أرباحها.

نهج بريطاني محافظ

النهج في المملكة المتحدة كان على النقيض من ذلك، إذ تمتّع قطاع العقارات بانضباطية أكبر بكثير، والسبب هو أن الشركات المدرجة في لندن واجهت العاصفة في 2008 و2009 بنسب استدانة عالية نسبياً، واضطرت إما إلى بيع الأصول عندما كانت السوق في القاع، أو إلى مطالبة المستثمرين بضخ سيولة. ومن ثم طالب المساهمون بألا ترتفع نسب القروض إلى قيم العقار في القطاع البريطاني بدرجة كبيرة، حتى مع انحسار الأزمة المالية.

عقارات لندن الفاخرة تجذب أكبر عدد من مستثمري الشرق الأوسط في 4 سنوات

القيود المالية التي التزمت بها الشركات المدرجة في لندن، كانت تعني أنها في وضع غير موات لمنافسة شركات الأسهم الخاصة وتقديم العطاءات في المزادات لاقتناص الأصول خلال فترة الازدهار التي أعقبت الأزمة. ومن الواضح أن النهج المحافظ في الشؤون المالية لم يفد المساهمين، حتى الآن على الأقل.

لننظر إلى الانخفاضات الأخيرة في أسعار أسهم الشركات الأوروبية ذات الاستدانة الأعلى. على سبيل المثال، حققت "فونوفيا" منذ إدراجها في عام 2013، عائداً إجمالياً (إعادة استثمار توزيعات الأرباح في الأسهم) بلغ نحو 120%. ولم تحقق أي شركة أداء أفضل سوى ثلاث شركات فقط، كانت تنتمي حينها إلى مؤشر العقارات التابع لمؤشر "ستوكس 600". كانت "سيغرو بي إل سي" (Segro Plc) صاحبة أفضل أداء، باعتبارها اللاعب الأوروبي الرئيسي في مجال عقارات المستودعات في المملكة المتحدة التي تُعد مركزاً لاقتصاد التجارة الإلكترونية. وحققت "كاستيلوم" ثاني أفضل أداء، بينما تأتي كل الأسماء الكبيرة في المملكة المتحدة تقريباً في النصف السفلي من الترتيب عند تصنيفها حسب إجمالي العوائد خلال الفترة ذاتها التي تقارب العشر سنوات، ما يعني أن النهج الحذر لم يأتِ بمكاسب أفضل.

تباين الاتجاهات في سوقي بريطانيا والسويد

هذا في حد ذاته ليس دفاعاً عن الاستدانة، إذ إن تفوّق الشركات في أوروبا القارية على نظيراتها في المملكة المتحدة منذ الأزمة المالية، يرجع كما في العادة إلى تعرّضها لاتجاهات إقليمية وقطّاعية أقوى فيما يخص نمو الإيجارات.

أيضاً تتباين حالة الإيجارات المزدهرة في برلين مع وضع مراكز التسوق -التي تضررت من التجارة الإلكترونية- المهيمنة على القطاع في المملكة المتحدة، ومع وضع المكاتب في لندن، والتي تعمل في ظل حالة من عدم اليقين بسبب "بريكست".

علاوة على ذلك، ازدهرت واحدة من أفضل شركات العقارات السويدية أداءً، وهي "هوفودستادن" (Hufvudstaden)، مع إبقائها على ديونها تحت السيطرة.

سوق العقارات حول العالم مهددة بدوامة ديون بـ175 مليار دولار

عملت الاستدانة على تضخيم الأداء الأساسي في كلا الاتجاهين. وتُعتبر الشركة المشغلة لمراكز التسوق "أونيبال-رودامكو-ويستفيلد" (Unibail-Rodamco-Westfield)، من بين الأسوأ أداءً للمساهمين على مدى العقد الماضي، بينما انهارت نظيرتها البريطانية "إنتو بروبرتيز" (Intu Properties) بسبب ديونها عندما أُغلقت المتاجر خلال الجائحة.

أي نهج سيسود؟

الميّزة الملحوظة التي توفرها نسب الاستدانة المنخفضة، هي المرونة والمساحة المالية التي تتيحها لانتهاز فرص الاستحواذات في فترة الانكماش الاقتصادي، كما هي الحال اليوم. والسؤال هو ما إذا كان بإمكان فرق الإدارة في المملكة المتحدة الآن، حشد دعم المساهمين لتحمل المزيد من الديون أو زيادة رأس المال، لكي تتمكن من اقتناص الشركات الضعيفة عند بيعها اضطراراً. في كثير من الأحيان، يكون الضغط عبر القيام بما هو معاكس، أي زيادة هامش المخاطرة عندما تكون السوق في قمة دورتها، واتباع نهج مفرط في الحذر عندما تكون في القاع.

نحن ندخل فترة يجب على قطاع العقارات في المملكة المتحدة أن يبدأ خلالها في جني شيء ما من نزعته المالية المحافظة. لكن الديون أصبحت الآن باهظة، ومن المرجح أن يتردّد المساهمون في ضخ السيولة في وقت يجري فيه تداول أسهم العقارات في المملكة المتحدة بتقييمات منخفضة. يبدو أن المزيد من التخفيض الدفاعي للمديونية في أوروبا هو أكثر احتمالية من نوبة عمليات اندماج واستحواذ قسرية في المملكة المتحدة.