حرب الغرب الاقتصادية ضد بوتين بدأت تؤتي ثمارها الآن

روسيا تصبح أكثر ضعفاً وفقراً وانعزالاً واعتماداً على الصين مع حرمانها من التجارة مع الأسواق الغربية

جنود روس من دورية النظام الرئاسي يمشون المشية العسكرية مارين بالنصب التذكاري للجندي المجهول قرب جدار الكرملين، موسكو، روسيا.
جنود روس من دورية النظام الرئاسي يمشون المشية العسكرية مارين بالنصب التذكاري للجندي المجهول قرب جدار الكرملين، موسكو، روسيا. غيتي إيمجز
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في الساعات الأولى من يوم 24 فبراير من العام الماضي، غزا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دولة أوكرانيا المجاورة مشعلاً أسوأ أزمة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، واستجابة لذلك، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها موجات من العقوبات تستهدف عزل روسيا عن النظام المالي العالمي، وتقويض قطاعها الصناعي، وحرمان بوتين من الإيرادات الضرورية لتمويل حملته من العدوان الصريح.

أوجه القصور في العقوبات على روسيا

بعد عام، نجحت استراتيجية الغرب - إلى حد ما، فقد عانت روسيا من خسائر في التكنولوجيا، والمواهب ستعيق نموها لسنوات، ونظراً لحرمانها من التجارة مع الغرب، ستخضع روسيا بشكل متزايد للصين. تركت الحرب روسيا أكثر ضعفاً وفقراً وانعزالاً، مع ذلك، يبدو أن قبضة بوتين على السلطة لم تمس، ويواصل جيشه تدمير أوكرانيا.

هل يمكن أن تُعيد حرب أوكرانيا إنتاج عالم ثنائي القطب؟

رغم كل الأضرار التي تكبدتها قواته، يؤمن بوتين بقدرته على مد عدوانه لفترة أطول من استعداد الحلفاء لدعم كييف، ومثل هذه النتيجة ستكون كارثية لأوكرانيا وأوروبا والعالم، وتجنبها يحتاج من القادة الغربيين فهم أوجه القصور في العقوبات المفروضة على روسيا حتى الآن واتخاذ إجراءات حاسمة لتعزيزها.

لماذا صمد الاقتصاد الروسي في وجه العقوبات؟

في وجه العقوبات الغربية، أثبت الاقتصاد الروسي مرونة مدهشة، ولم يكن هناك أي انهيار حاد في الناتج، إذ انكمش الاقتصاد 2.1% العام الماضي، وفق الأرقام الرسمية، بل ويقدر البنك المركزي أن الصورة قد تتحسن تحسناً طفيفاً خلال 2023. سجّلت روسيا، مخالفةً التوقعات بهبوط يصل إلى 20% في النفقات الرأسمالية، زيادة تفوق 5% العام الماضي مع اضطرار الشركات للإنفاق أكثر للتكيف مع الوضع.

روسيا تتخطى سنة من العقوبات القاسية بفضل استثمار الشركات

إذاً، كيف حدث ذلك؟ كانت الدولة مستعدة جيداً لصدمة أولية بفضل سياساتها المالية والنقدية المحافظة والفائض التجاري الذي ساعد على بناء الاحتياطيات النقدية الأجنبية، كذلك ساعد تسريع استبدال الواردات، وتحول الاقتصاد لدعم آلة الحرب على دعم الإنتاج الصناعي، ولم تسرِ القيود الغربية الصارمة على النفط والمنتجات المرتبطة به سوى مؤخراً، ما أعطى روسيا الوقت للتحول شرقاً وإيجاد مشترين راغبين في نفطها في الصين والهند وأسواق آسيوية أخرى.

حقبة من التخلف الصناعي

هذا لا يعني أن العقوبات فشلت، فدون الوصول إلى واردات التكنولوجيا الغربية، تعتمد الشركات الروسية على مواد أقل تعقيداً، ما وصفه البنك المركزي بـ"حقبة من التخلف الصناعي"، كما يعاني الاقتصاد من نقص مزمن في القوى العاملة والموهبة مع هروب مئات الآلاف من الحرب أو مشاركتهم فيها. بيّنت دراسة في نوفمبر أن ثلث القطاع الصناعي الروسي قد يواجه عجزاً في القوة العاملة بسبب التجنيد، فيما سيكون أسوأ نقصٍ منذ 1993.

روسيا تقلل من التأثير الاقتصادي للعقوبات وسط تصعيد الحرب

ما ينذر بالسوء بنفس القدر هو أن ذخيرة الاحتياطيات النقدية التي بناها الكرملين تستنزف، وكان عجز الموازنة الشهر الماضي هو الأكبر في ربع قرن. تجبر تكاليف الحرب المتزايدة النظام على تبني تخفيضات أعمق ستطال بالنهاية الإنفاق الاجتماعي، ما يعرضه لاستياء شعبي من الطبقات العليا والدنيا على حد سواء.

ما أدوات الغرب المتاحة لتشديد العقوبات؟

لكن بإمكان الغرب فعل المزيد لزيادة الضغط.

أولاً، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينبغي أن يواصلا زيادة قائمة العقوبات، ويتعين على الاتحاد الأوروبي الموافقة على أحدث حزمة، وهي حزمته العاشرة، التي من شأنها منع المزيد من واردات البضائع المستخدمة من قبل الجيش الروسي، وكذلك فرض عقوبات على البنوك والمجموعات الإعلامية التي تنشر الترويج للنظام الروسي، ويجب تشديد القيود على الخدمات المالية، وكبح صادرات المعادن والألماس.

الخزانة الأميركية تحذر الشركات الصينية بشأن إمداداتها التقنية لروسيا

ثانياً، تنفيذ التدابير القائمة بالفعل لحظر الوصول إلى التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام المدني والعسكري وتقليص الإيرادات من المواد الهيدروكربونية، علاوة على ذلك، هناك حاجة لدبلوماسية أكثر حزماً للحد من قدرة روسيا على التحايل على العقوبات، ويجب على القادة الغربيين أن يشركوا معهم الهند وتركيا وغيرها ممن يواصلون ممارسة الأعمال مع روسيا، وأن يكونوا واضحين بشأن العواقب المحتملة لمساعدة النظام بما في ذلك فقدان الوصول للسوق الأميركية.

بعد مرور عام، ما يزال العالم الديمقراطي يظهر إصراراً مبهراً في مقاومة عدوان بوتين على أوكرانيا، ويظل الاستخدام المتواصل لميزته الاستراتيجية الأعظم - القوة الاقتصادية - ضرورياً لهزيمة الرئيس الروسي.