هل يصل التضخم إلى ذروته بمتاجر البقالة قريباً؟

تجار السلع الغذائية ومجموعات بيع السلع الاستهلاكية يتوقعون انخفاض الأسعار العام الجاري

مشاة يمرون أمام عربة لبيع للفواكه والخضراوات في سوق بوفو في باريس، فرنسا
مشاة يمرون أمام عربة لبيع للفواكه والخضراوات في سوق بوفو في باريس، فرنسا
Andrea Felsted
Andrea Felsted

Andrea Felsted is a Bloomberg Opinion columnist covering the consumer and retail industries. She previously worked at the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أن الطريق نحو استقرار التضخم لن يكون سريعاً ومباشراً مع تحقيق جهود الحد من نمو الأسعار خطوة إلى الأمام، وخطوتين إلى الوراء، وبينما تظهر مؤشرات على تراجع الأسعار على جانبي المحيط الأطلسي، فلا تزال مرتفعة.

مع ذلك، قد نجد بعض الراحة في أكثر الأماكن غير المتوقعة مثل ممرات متاجر البقالة، إذ يشير تجار بيع السلع الغذائية بالتجزئة، ومجموعات بيع السلع الاستهلاكية، إلى انخفاض الأسعار العام الجاري.

سجلت العلامات التجارية الرائدة، مثل "نستله"، و"يونيليفر"، و"دانون"، و"كوكا كولا"، و"بيبسيكو"، و"كرافت هاينز"، أفضل نمو في المبيعات على مدى عقد، ما يرجع في الأساس إلى ارتفاع التضخم ونجاحها في تمريره إلى المستهلكين، لكن هناك إجماع متزايد على أن زيادات الأسعار ستعتدل في النصف الثاني رغم أن الشركات لم تُنهِ زيادتها بعد.

لا يعني ذلك أن انخفاض الأسعار في متاجر البقالة قريب، لكن قد لا ترتفع أسعار الجبن وأطعمة القطط ارتفاعاً حاداً كما حدث في 2022، ما يحمل أخباراً سارة للمستهلكين المتضررين ومحافظي البنوك المركزية.

بدايةً، تكلفة السلع والمواد الخام التي تدخل في صناعة الأغذية ومنتجات العناية الشخصية بدأت تنخفض.

انخفض سعر البن من أعلى مستوى سجله في 2022، كذلك تراجعت أسعار بعض الحبوب، وهبطت أسعار الخضراوات وزيت النخيل من ذروتها العام الماضي، كما انخفضت تكاليف الطاقة، التي لا تؤثر فقط في إنتاج الغذاء ولكن في بنود أخرى مثل الورق المقوى والزجاج.

الأجور تضغط على هوامش الأرباح

لن تنعكس تلك التراجعات على الأسعار في متاجر التجزئة على الفور، ومثلما هي الحال مع ارتفاعات الأسعار، تكون هناك فترة زمنية فاصلة.

تضخم الأجور قد يدفع "الاحتياطي الفيدرالي" لرفع ذروة الفائدة

قال الرئيس التنفيذي لشركة "نستله"، مارك شنايدر، إنّ الشركة تتعاقد عادة على شراء المكونات قبل توريدها. لذلك من المستبعد انعكاس تراجع تكاليف السلع والطاقة على ما دفعت الشركة قيمته بالفعل، كذلك بعض زيادات الأسعار التي طبقتها الشركة نهاية العام الماضي لم يَسْرِ سوى في الربع الأول من 2023.

بينما تتجه أسعار السلع نحو الاستقرار، تبقى اتفاقات الأجور العقبة الكبيرة التالية، إذ تشهد بداية كل عام الاتفاق على أغلب أجور موظفي الشركة، ما يمثل أحد مصادر الضغط على هوامش الأرباح.

الشركات لم تستردّ بعدُ تكاليف التضخم

بالتأكيد أحد الأسباب وراء بقاء الارتفاع المترسخ في أسعار الغذاء هو أن عديداً من شركات السلع الاستهلاكية لم تستردّ بعدُ جميع الأرباح التي فقدتها من تصاعد التكاليف لديها، فعلى سبيل المثال، تقدر "يونيلفر" أنها مررت للعملاء فقط ثلاثة أرباع تكاليف التضخم التي تحملتها، وأنها بحاجة إلى مزيد من الزيادات لتعويضها بالكامل.

أكبر زيادة في الأسعار منذ عقود ترفع إيرادات "نستله" 8% هذا العام

تعارض سلاسل متاجر التجزئة ذلك الرأي، ومؤخراً قال جون آلان، رئيس مجلس إدارة "تيسكو" (Tesco Plc)، صاحبة أكبر سلسلة متاجر تجزئة في بريطانيا، إنّ بعض الموردين يرفعون الأسعار أكثر من اللازم، كما قال ألكسندر بومبارد، الرئيس التنفيذي لشركة البيع بالتجزئة الفرنسية "كارفور" (Carrefour SA)، لصحيفة "لو فيغارو"، إنّ المصنّعين كانوا يطلبون زيادات "جنونية" في الأسعار.

انتقادات متبادلة بين شركات السلع والمتاجر

حتى رغم الزيادات الكبيرة في التكاليف خلال العام الماضي، فإنّ هوامش أرباح شركات السلع الاستهلاكية تظل أعلى بكثير من المتاجر (السوبر ماركت).

ترفض شركات تصنيع السلع الاستهلاكية تلك الانتقادات، وتشير إلى تراجع أرباحها خلال العامين الماضيين، لكن قد تكون هناك بعض التنازلات المتبادلة مع التصادم المتوقع بين الطرفين بشأن الجولة التالية من ارتفاعات الأسعار. وتجري المفاوضات على الزيادات حالياً في أوروبا.

أزمة الغلاء تُجبر البريطانيين على شراء الأغذية المجمدة بدلاً من الطازجة

بالفعل خفض المستهلكون مشترياتهم وانتقلوا لشراء السلع التي تحمل العلامات التجارية الخاصة بسلاسل التجزئة، وقد تنخفض كمية البضائع المبيعة بحدة قريباً، وهو ما لا يريده المصنعون ولا المتاجر الكبرى، وتتوقع "يونيليفر" انحسار الضغوط على سلال التسوق مع تراجع الأسعار.

العروض مؤشر على بلوغ الأسعار ذروتها

قد تفسر الزيادات الكبيرة في الأسعار العام الماضي واقتراب بعض الشركات من تعويض تكاليف التضخم سبب دنوّ وقف شركات مثل "بيبسي" و"كرافت هاينز"، و"كوناغرا براندز" (Conagra Brands Inc) رفع أسعارها مؤقتاً، فيما ستتردد العلامات التجارية الكبيرة في الذهاب إلى حد خفض الأسعار، فبعد كل شيء، لا تزال هناك مخاطر وسط استمرار الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في الطلب على السلع مع إعادة فتح الصين.

حالياً، قد يكون الموردون على استعداد لتمويل مزيد من العروض الخاصة، مثل التفكير في طرح عروض ترويجية قصيرة الأجل لبيع المنتجات سريعاً بأسعار مناسبة، وعلى الأرجح ستكون زيادة العروض أول مؤشر على بلوغ الأسعار ذروتها.

تباطؤ إنفاق المستهلك الأميركي.. والتضخم يواصل البرود

لكن لا بد ألا ننسى أن قليلاً من التضخم قد يفيد المصنّعين وتجّار التجزئة على حد سواء، مع اعتياد المستهلكين على دفع المزيد، ما يسهل على الشركات تقديم منتجات بتكلفة أعلى، وبالنسبة إلى سلاسل البيع بالتجزئة تعني الأسعار المرتفعة زيادة قيمة المبيعات حتى قبل أن تفتح المتاجر أبوابها.

عندما يتباطأ التضخم أو تنكمش الأسعار، يتعين عليهم بيع مزيد من علب الفاصوليا أو أرغفة الخبز لتحقيق نفس قيمة المبيعات التي تذهب إلى أدراج النقود، وحينها يبدأ العمل الصعب في قطاع الأغذية شديد التنافسية.

السلع الزراعية