البث الرقمي.. وسيلة المسارح العريقة في زمن الوباء

رسم توضيحي: جورج وايلسول لـ"بلومبيرج بيزنس ويك"
رسم توضيحي: جورج وايلسول لـ"بلومبيرج بيزنس ويك" رسم توضيحي: جورج وايلسول لـ"بلومبيرج بيزنس ويك"
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كان رواد المسرح قد تعلموا شيئا واحدا هذا العام، فهو أن مشاهدة العروض المباشرة على شبكة الإنترنت لا يمكنها أن تعوض أبدا تجربة مشاهدة العروض الحية، لهذا السبب بالتحديد لا ينبغي للمسارح أن تعتبر البث الحي للعروض تهديدا لها، بل يجب أن تراه كفرصة.

وكان كتاب ومخرجو المسرح دائما وأبدا، يحذرون من بث أعمالهم عبر الإنترنت، إذ أن هناك اعتبارات متعلقة بهذا النوع من الأعمال الفنية وبطبيعة ارتباطها بالعرض المسرحي الذي يقتضي وجود جمهوره، كما أن مشاهدته من خلال شاشة مقاسها 32 بوصة أمر قد يعرض التجربة الفنية بأكملها للخطر.

احتمالية عزوف الجمهور

هناك مخاوف أخرى كانت تتمثل في احتمالية عزوف الجمهور عن شراء تذاكر المسرح التي تصل قيمتها إلى 90 دولارا، في حال شاهد هذه العروض من خلال شاشة، وهو ما يصعب أيضا من عملية بيع حقوق ملكية العروض للتلفاز لاحقا.

وخلال هذا العام، اضطرت المسارح المحرومة من الجماهير إلى ابتكار طرق جديدة لسد الفجوة في إيراداتها، حيث بدأ الكثير منها البحث عن فرص من خلال شبكة الإنترنت، إما من خلال بث البرامج التي قاموا بتسجيلها بالفعل أو إعدادها لتصبح مناسبة بشكل خاص للجماهير على شبكة الإنترنت.

وكانت لندن في طليعة هذه الحركة، فبعد أسبوعين من إغلاق المسرح الوطني الملكي "National Theatre" في مارس الماضي، بدأ بث مسرحية لمدة أسبوع مجانا على موقع "يوتيوب". ومع أن هذا الأمر لم يحدث سابقا، إلا أن المسرح الوطني كان يعمل كجزء من مهام الخدمة العامة، على تسجيل الأعمال لتعرضها دور السينما، وهذا ما جعله يستخدم هذه المكتبة التي يملكها من تسجيلات العروض القديمة كي يبثها عبر الإنترنت في الوقت الحالي.

عروض أقل وجماهير أكثر

ومن بين العروض الـ 16 التي تم بثها عبر موقع " يوتيوب " لمدة أسبوع، مسرحية "رجل واحد وزعيمان" الحائزة على جائزة توني، وهي من بطولة جيمس كوردن. كذلك تعرض مسرحية "فرانكنشتاين" بطولة بيندكت كامبرباتش، ومسرحية "عربة اسمها الرغبة" بطولة جيليان أندرسون. واستطاعت تلك العروض جذب 15 مليون مشاهدة عبر الإنترنت، وهو رقم يفوق إجمالي الحضور إلى مسرح "برودواي" في الأشهر الـ 12 حتى مايو 2019. بعبارة أخرى، يمكن القول إن المسرح الوطني الملكي بات يستقطب جماهير جديدة.

وكان مسرح "أولد فيك" "Old Vic" العريق في لندن يتمتع بتجربة مماثلة، فقد جذب البث المباشر لمسرحية "Lungs" بطولة كلير فوي ومات سميث، ما يصل إلى 25 ألف مشاهدة مدفوعة في 69 دولة خلال أسبوع واحد فقط من العرض.

الإنترنت لا يسرق الجماهير بل يستعيرها

وتظهر الأبحاث أن هذه الظاهرة ليست مجرد نتاج لعمليات الإغلاق التي فُرضت بسبب تفشي وباء (كوفيد-19)، فقد توصلت دراسة أجريت في المملكة المتحدة في عام 2016 إلى أن مشاهدة العروض المباشرة عبر الإنترنت لا يقلل بدوره من وتيرة حضور الجمهور للعروض الثقافية الحية. وجدير بالذكر أن الأشخاص الذين شاهدوا العروض الحية عبر الإنترنت كانوا يذهبون إلى المسرح أكثر من أولئك الذين لم يفعلوا.

وبالتأكيد هناك عقبات يمكن مواجهتها، حيث يمكن أن تصل تكلفة تصوير مسرحية جيدة إلى عدة مئات الآلاف من الدولارات، لكن يبدو أنها تكلفة تستحق تحملها بالنظر إلى الشهية النهمة للمحتوى المنشور عبر شبكات الإنترنت.

وكان عرض الفيلم الموسيقي "هاملتون" قد ساهم في تحقيق ارتفاع هائل في مستخدمي منصة "ديزني+" للبث عبر الإنترنت، حتى لو لم تحتفظ المنصة بالعديد من العملاء لفترة طويلة.

ويقول نيل أدلمان، المحامي المتخصص في العمل المسرحي لدى شركة محاماة "هاربوتل آند لويس" في لندن: "لقد أصبح المنتجون أكثر تطورا في النهج الذي يتبعونه وأفضل فهما للنماذج المختلفة. ويمكن للنسخة المعروضة على الشاشات أن تحمس المشاهدين لحضور العروض الحية لاحقا".

وأطلق المسرح الوطني الملكي عرض الاشتراك المدفوع، في محاولة للوصول إلى الجماهير التي قد لا تتمكن من الحضور إلى المسرح ومحاولة لخلق وسيلة إيرادات صغيرة، لذا يجب على مسرح "برودواي" في الولايات المتحدة أن يتجهز للمنافسة.