هكذا تسعى السعودية لترويض أسعار العقارات السكنية

زيادة المعروض من الأراضي وتيسير التمويل باكورة المبادرات

صورة جوية تظهر برج المملكة وجانباً كبيراً من مدينة الرياض. السعودية
صورة جوية تظهر برج المملكة وجانباً كبيراً من مدينة الرياض. السعودية المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

موجة غلاء تجتاح العقارات في المملكة العربية السعودية، ما قاد أسعارها في 2022 إلى النمو بأسرع وتيرة في 8 سنوات، مدفوعة بزيادة أسعار الأراضي السكنية.

الحكومة السعودية بدأت في بداية العام الجاري إصدار قرارات لمواجهة هذا الارتفاع، في مقدمتها توفير أراضٍ سكنية وتسهيلات تمويلية، في وقت يتخوف البعض من زيادة الفجوة بين القدرة الشرائية وأسعار العقارات، وفق ما يراه خبراء في القطاع تحدثوا لـ"اقتصاد الشرق".

القرارات تستهدف أيضاً المحافظة على مستهدفات رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى رفع معدّلات تملّك السعوديين للمنازل إلى 70% بنهاية مدة الخطة.

زيادة الأسعار

زاد المتوسط السنوي لمؤشر أسعار العقار بنسبة 1.1% خلال عام 2022 مقارنة بالمتوسط السنوي لعام 2021، وذلك بسبب زيادة متوسط أسعار القطاع السكني بنسبة 2.1%، حسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء.

أسعار العقارات في القطاع السكني ارتفعت بنسبة 2.6% متأثرة بارتفاع أسعار قطع الأراضي بنسبة 2.7%، وذلك على أساس سنوي في الربع الرابع من 2022.

الزيادة في أسعار العقارات امتد تأثيرها إلى المستوى العام للتضخم، إذ قادت مؤشر أسعار المستهلكين في يناير الماضي إلى أعلى مستوى منذ منتصف 2021 بسبب قفزة إيجارات المساكن.

ارتفاع أسعار العقارات عزاه مطورون إلى عدة أسباب، منها تجميد بعض الأراضي التي توجد إشكالات عليها من قِبل الجهات الحكومية، وتداخل الصلاحيات بين الجهات المنظمة والرقابية مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات التابعة لها وجهات أخرى، وبطء الإجراءات للحصول على التراخيص، بجانب ضعف تمويل المطور العقاري وفق تصريحات سابقة لرئيس مجلس إدارة شركة "دار الأركان" للتطوير العقاري يوسف الشلاش لـ"اقتصاد الشرق".

إجراءات حكومية

تعمل الحكومة حالياً على ترويض الأسعار عبر زيادة المتاح في القطاع العقاري في الوقت الذي توفر فيه آليات تمويل مناسبة للمواطنين.

وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي، ماجد الحقيل، قال منتصف الشهر الجاري إنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وجَّه بتزويد الوزارة بنحو 100 مليون متر مربع من الأراضي في الرياض ومدن أخرى، بعد أن شهدت "زيادة حادة في الأسعار". وأشار إلى أن الوزارة تعمل مع البنك المركزي لتخفيف أثر ارتفاع الفائدة في التمويل العقاري.

ولتخفيف تكلفة التمويل أيضاً، مددت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، فترة استحقاق التمويل العقاري طويل الأجل بنسبة ثابتة للمواطنين إلى 30 عاماً، مقابل فترات سداد كانت تتراوح بين 10 و25 عاماً.

الشركة التي تقوم على دعم جهات التمويل العقاري بالمملكة، سواء البنوك أو الشركات لتمكنهم من تقديم تمويل عقاري للمستفيدين، قالت إنّ هذا التمديد يساعد جهات التمويل العقاري في المملكة على تقديم حلول تمويلية ميسرة بنسبة ثابتة للمواطنين السعوديين مع تمديد فترات الاستحقاق، التي تخفف الالتزامات الشهرية المستحقة على المواطنين.

على صعيد آخر، أعلن برنامج "سكني" في السعودية قبل أسبوع عن تحديث جديد للبرنامج تضمّن دعماً مالياً فورياً غير مستردّ يصل إلى 150 ألف ريال للمواطنين الراغبين في شراء مسكن، إضافة إلى الدعم العيني على الوحدات السكنية تحت الإنشاء، وتحمل الدولة ضريبة التصرفات العقارية عن المواطن للمسكن الأول بما لا يتجاوز مليون ريال لقيمة شراء المسكن.

يتيح البرنامج الذي خدم أكثر من 1.4 مليون أسرة سعودية حتى نهاية 2022 برامج تساعد على تملك السعوديين للمنازل، كبرنامج الرهن الميسر، وبرنامج ضمانات التمويل العقاري، وغيرهما من الحلول التمويلية والسكنية.

الفجوة بين القدرة الشرائية والأسعار

بدأت الحكومة تتحرك فعلياً لمعالجة الفجوة بين القدرة الشرائية للمواطنين وأسعار العقارات وتحديداً المساكن، وفق إبراهيم النويبت الرئيس التنفيذي لشركة "كسب" المالية في تصريحات لـ"اقتصاد الشرق".

وقال إنّ الحكومة تخشى أن يؤثر استمرار هذا النمو في الأسعار في قدرة المواطنين مستقبلاً على تملك المساكن، "فهي ليست معالجة مرحلية فقط، بل معالجة للمستقبل والأجيال القادمة".

النويبت أكد أن مصفوفة الدعم الحكومي عُدلت لمواجهة ارتفاع الأسعار لتصبح "نوعية أكثر منها أفقية"، إذ يرى أن تحركات الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري الأخيرة وتوسعها في شراء المحافظ العقارية للبنوك المحلية، جعلها أحد المتحكمين في أسعار الفائدة للقطاع العقاري و"هي تقوم بجهد جيد لخفض أسعار التمويل".

اقرأ أيضاً: تمديد أجل الرهن العقاري في السعودية إلى 30 عاماً لتخفيف وطأة رفع الفائدة

زيادة الأسعار لن تؤدي إلى ركود

لن تفضي الزيادة في أسعار العقارات إلى ركود في القطاع، مع الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة خلال الفترة الحالية، وفق محمد بن عبد الله المرشد، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس اللجنة الوطنية العقارية في اتحاد الغرف السعودية.

وقال لـ"الشرق" إنّ "المملكة تعيش طفرة تنموية كبرى ونمواً في جميع القطاعات وحراكاً اقتصادياً واسعاً وجاذباً لرؤوس الأموال المحلية والخارجية، وهذا النمو الواسع يعتبر محركاً لكل القطاعات، وبالتالي من المستبعد أن تشهد أسواق المملكة ركوداً".