ماذا يعني اختفاء كبار المديرين والمصرفيين في الصين؟

فقدان الاتصال بمؤسس بنك "تشاينا رينيسانس هولدينغز" قد يكون إشارة على انطلاق حملة قمع جديدة.. وهذه ليست المرة الأولى

باو فان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك"تشاينا رينيسانس هولدينغز".
باو فان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك"تشاينا رينيسانس هولدينغز". المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هزّ إعلان بنك "تشاينا رينيسانس هولدينغز" (China Renaissance Holdings) الاستثماري عن انقطاع الاتصال بينه وبين مؤسسه الشهير، باو فان، المجتمع الاستثماري في الصين، حيث يخشى كثيرون من أن يكون ذلك علامة على بوادر انطلاق حملة قمع أخرى في القطاع المالي، تقودها الجهات الرقابية الجديدة التي ستتولى مهامها هذا العام في الإشراف على العمليات المصرفية والأوراق المالية.

يُعد "اختفاء" المديرين التنفيذيين، أمراً مألوفاً في الصين. فالنظام القضائي في الدولة غامض، وفي بعض الأحيان يعود المديرون التنفيذيون إلى عملهم، وفي أحيان أخرى يُقتادون إلى السجن.

في حالة باو، قالت الشركة بعد 10 أيام تقريباً على اختفائه، إنه يعاون السلطات الصينية في تحقيق.

فيما يلي أبرز المعلومات التي نعرفها عنه:

1) من هو باو فان؟ وما الذي نعرفه عن غيابه؟

باو، البالغ من العمر 52 عاماً، هو أحد أكثر صانعي الصفقات نشاطاً في الصين، ومعروف بقدرته على لعب دور الوسيط في حالات الاندماج والاستحواذ الصعبة، كتلك الحالات التي أدت إلى تشكيل "ديدي غلوبال" (Didi Global)، و"ميتوان" (Meituan). كان باو مصرفياً سابقاً في "مورغان ستانلي" و"كريدي سويس"، وهو شخصية معروفة في دوائر الأعمال في الصين نظراً لعلاقاته المتشعبة في كل المجالات.

"تشاينا رينيسانس" الصينية: باو فان يتجاوب مع تحقيق بعد اختفائه

رغم تصريح بنك "تشاينا رينيسانس" -الذي يقع مقره في بكين والمدرج في بورصة هونغ كونغ- في 16 فبراير بأن عملياته لم تتأثر بتغيّب باو، إلا أن هذه الأنباء تسبّبت بضربة موجعة لأسهم البنك. أُبلغت عائلة باو بأنه كان يساعد في تحقيق يرتبط على الأرجح برئيس "تشاينا رينيسانس" السابق، كونغ لين، وفقاً لما أطلع عليه شخص على دراية بالأمر "بلومبرغ نيوز" في 17 فبراير. وأكدت الشركة في 26 فبراير في إفصاح لسوق الأوراق المالية، أن باو كان يتعاون مع السلطات الصينية في تحقيق. لم يقدّم البنك مزيداً من التفاصيل، وأشار إلى عدم تواصله مع باو وأنه يجهل مكانه.

2) ماذا يعني اختفاء مدير في الصين؟

أصبح الغياب المفاجئ لمدير ما -وهو أمر متزايد في الصين- ينطوي على إشارة على اتخاذ السلطات إجراءات صارمة أو إجرائها تحقيقاً. وفي حالات كثيرة، يُقال إن الشخص "يساعد" في تحقيقات عن الابتزاز، أو يخضع لتحقيق في الفساد أو الجرائم المالية في الصين. وفي أغلب الأوقات، تعلن الشركات ذاتها عن انقطاع التواصل مع المدير، وحاجتها إلى إجراء تحقيقاتها فيما حدث في الصين، التي تُعد دولة ذات إجراءات تأديبية غامضة.

3) حالات سابقة:

إنه أمر مألوف أن ينقطع التواصل مع المديرين التنفيذيين في الصين، لدى مشاركتهم في تحقيق حكومي. في بعض الحالات، كان يُعرف في وقت لاحق أن السلطات قامت باعتقالهم، وفي حالات أخرى، عاد المديرون في النهاية إلى وظائفهم.

الصين: لا نعرف شيئاً عن اختفاء رجل الأعمال باو فان

  • اختفى غو غوانغتشانغ، رئيس مجلس إدارة "فوصن" (Fosun) لمدة قصيرة ليساعد في تحقيق حكومي، وظهر مرة أخرى بعدها ليتعهّد بضمان عدم اعتماد الأعمال على شخص واحد.
  • شياو جيان هوا، الخبير المالي الذي ترأس إمبراطورية "تومورو هولدينغ" (Tomorrow Holding) الصينية، اقتادته السلطات الصينية من هونغ كونغ في يناير 2017، وفقاً لتقرير نشرته "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" حينها. وفي أغسطس 2022، صدر على شياو حكم بالسجن 13 عاماً بعد إدانته بالحصول على ودائع حكومية بشكل غير مشروع، وخيانة الأمانة، والرشوة، والاستخدام غير المشروع للأموال.
  • في أغسطس 2018، أعلنت شركة "لاندينغ إنترناشيونال ديفلوبمنت" (Landing International Development) لإدارة صالات القمار، اختفاء رئيس مجلس إدارتها حينئذ، يانغ زيهوي، لكنه عاد إلى العمل بعد 3 أشهر. وفُسر غيابه بأنه كان يساعد السلطات في تحقيق. مع ذلك، صرّحت "لاندينغ" في نوفمبر 2022 بأنها أوقفت يانغ عن العمل، بعدما رفعت لجنة هونغ كونغ للأوراق المالية والعقود المستقبلية دعوى قضائية ضده بمزاعم مخالفته للواجبات الائتمانية المتعلقة بمعاملات تجارية أخرى.

مديرون مفقودون: حالات انقطاع التواصل مع المديرين التنفيذيين الصينيين في السنوات الأخيرة

التاريخ الشركةالشخص المفقود
أغسطس 2018 لاندينغ إنترناشيونال يانغ زيهوي
أغسطس 2018ريل نيوتريسيتيكال وانغ فوكاي
مايو 2018 تين وو إنترناشيونال لين جيان هوا
يناير 2017 تومورو غروبشياو جيان هوا
ديسمبر 2015فوصن إنترناشيونالغو غوانغتشانغ
مايو 2015سينشري غينواوو يي جان
يوليو 2014فوجيان نيووكيدينغ هوي

4) الأثر على المستثمرين

يشكل اختفاء المديرين تحدياً كبيراً أمام المستثمرين في الصين، وهو "مخاطرة الإضرار بالشخص الرئيسي". فعند الهجوم على المديرين التنفيذيين الصينيين الذين تقترن أسماؤهم بشركاتهم، من الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى تدهور في تقييم الشركات في سوق الأوراق المالية، والمستثمرون هم من يدفعون الثمن.

"فيدليتي" تخفض تقييم "آنت غروب" 9% إلى 64 مليار دولار

ورغم أن مخاطرة الإضرار بالشخص الرئيسي تُعتبر مشكلة في جميع أنحاء العالم، إلا أن حدتها تتفاقم في الصين بالأخص، فمؤسسو الشركات في الدولة ينالون مكانة أكبر من المعتاد.

فلنأخذ على سبيل المثال، الغياب الطويل لمؤسس "مجموعة علي بابا القابضةجاك ما. رغم عدم الإبلاغ عن "اختفائه"، تلقت أسهم "علي بابا" ضربة قوية بعد اختفائه عن الأضواء في نوفمبر 2020، بعد إفساد السلطات للطرح الأولي العام لشركة "آنت غروب" (Ant Group) التابعة للمجموعة، كما أشار هذا الأمر إلى بوادر حملة القمع الأولى على كل قطاع التكنولوجيا في الصين. وصرحت "آنت غروب" هذا العام بأن ما -الذي توارى نسبياً عن الأنظار منذ ذلك الحين- كان سيتخلى عن إدارة الشركة.

5) هل يتعرّض القطاع المالي لحملة قمع أخرى؟

لا توجد إجابة واضحة لهذا السؤال، لكن اختفاء باو فان، زاد من قلق المستثمرين بالتأكيد. بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ في أواخر 2021 تحقيقاً موسعاً ضد الفساد يستهدف القطاع المالي في البلاد الذي يبلغ حجمه 60 تريليون دولار، وأوقع هذا التحقيق بعشرات المسؤولين.

كما زجّ التحقيق بمجتمع الأعمال المصرفية الاستثمارية، ليوقع بمصرفيّين من شركات الوساطة، بما فيها "إيفر برايت سيكيورتيز" (Everbright Securities) و"غوتاي جونان سيكيورتيز" (Goutai Junan Securities). وتستعد الصين خلال العام الجاري لتعيين مخضرمين رقابيين في مناصب رؤساء الجهات الرقابية للخدمات المصرفية والأوراق المالية، وهم معروفون بحملاتهم الصارمة على المخالفات المالية، وفقاً لتقرير "بلومبرغ نيوز" المنشور في 17 فبراير.