مخزونات هائلة من النحاس والكوبالت بـ1.5 مليار دولار عالقة في الكونغو

حظر صادرات منجم "تينك فونغوروم" التابع لشركة "كموك" الصينية منذ يوليو 2022

خام النحاس المستخرج مكدس على عربة في منجم تايميرسكي للنحاس، تديره شركة "إم إم سي نوريلسك نيكل " في نوريلسك، روسيا
خام النحاس المستخرج مكدس على عربة في منجم تايميرسكي للنحاس، تديره شركة "إم إم سي نوريلسك نيكل " في نوريلسك، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كميات متزايدة من النحاس والكوبالت تصل قيمتها إلى 1.5 مليار دولار تقريباً، عالقة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسط نزاع دائر حول مستقبل أحد أكبر مناجم التعدين التي تخدم صناعة البطاريات على مستوى العالم.

هذه الكميات الهائلة من المعدنين، تمتلكها شركة "كموك غروب" الصينية التي تخوض حالياً غمار نزاع مع شريكتها الكونغولية المملوكة للحكومة، حول مدفوعات حقوق الامتياز في المنجم. ورغم صدور قرار بحظر صادراتها في منتصف يوليو الماضي، واصلت شركة "تينك فونغوروم" التابعة لشركة "كموك" العمل في المنجم بطاقته الإنتاجية الكاملة تقريباً، حيث تقوم بتخزين المعدن الإضافي المستخرج إلى أن يصبح بإمكانها استئناف عمليات تصدير الشحنات، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع.

أزمة متعددة الأطراف

هذا تذكير صارخ بنقاط الضعف التي تعاني منها سلاسل توريد السيارات الكهربائية، والتي تعتمد بصورة هائلة على مجموعة صغيرة من المناجم في عدد محدد من الدول. في ما يتعلق بالكوبالت، تعتبر الكونغو أكبر مورّد بفارق كبير عن غيرها. وأصبحت أسعار المعدنين المستخدمين في صناعة البطاريات، تشهد تقلبات متزايدة، حيث تواجه الشركات المنتجة صعوبات في توفير إنتاج يلبي حجم الطلب، الأمر الذي يتسبب في مشكلات لشركات تصنيع السيارات خلال فترات الازدهار، ولشركات التعدين أثناء فترات التراجع. وفي هذا الإطار، يفاقم مخزون منجم "تينك فونغوروم" مخاطر حدوث تقلبات أكثر حدة في الفترة المقبلة.

نقص النحاس يهدد العالم ويُبطئ تحول الطاقة.. وهذه هي الأسباب

حتى الآن، هناك 12 ألف طن من النحاس تقريباً، وحوالي 12.5 ألف طن من الكوبالت، عالقة بانتظار شحنها إلى خارج البلاد، بحسب تقديرات بلومبرغ، وبحسب أشخاص على اطلاع على الموضوع. يشكل النحاس أكبر جزء من قيمة المخزونات، بقيمة تصل إلى 1.1 مليار دولار بحسب أسعار العقود الفورية، لكنه لا يمثل سوى 7% من إجمالي الإنتاج الشهري على مستوى العالم، وبالتالي، لن يؤثر ذلك على الأرجح في الأسعار الدولية عندما تصل هذه الكميات إلى السوق.

لكن في المقابل، قد تكون هناك آثار مزلزلة في ما يتعلق بالكوبالت.

ينتج منجم "تينك فونغوروم" 15% من الإمدادات العالمية، وهي حصة إنتاجية تفوق حصة المملكة العربية السعودية من إنتاج النفط العالمي والبالغة 10%. على نحو مفاجئ، نجحت السوق في التعامل مع الأمر بصورة جيدة دون الكوبالت المستخرج من منجم "تينك"، نظراً لتراجع الطلب على استخدامه في تصنيع الإلكترونيات، علاوة على أن إنتاج المعدن في أماكن أخرى آخذ في الارتفاع، ما دفع بالأسعار إلى الانخفاض بأكثر من 60% من ذروتها المسجلة في العام الماضي. قد يقود الإفراج في نهاية المطاف عن مخزونات شركة "كموك"، إلى تراجع كبير لهذه الأسعار.

نزاع محتدم

في تفاصيل القضية، تزعم شركة "جيغاماينز" الحكومية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أن "كموك" كانت تكذب في ما يتعلق بحجم احتياطياتها من المعادن، وأنها مدينة لها بمبلغ 7.6 مليار دولار من حقوق الامتياز والفوائد. يحتاج الشريكان أيضاً إلى التفاوض حول عقد مبيعات لوضع البنود الخاصة بالصادرات المستقبلية.

يُعزا جزء من تضخم المخزون، إلى أن "كموك" بقيت متفائلة طوال فترة النزاع الدائر بأن التسوية كانت وشيكة، وهو ما جعلها تُحجم عن تقليص حجم عملياتها في الموقع، بحسب أشخاص على دراية بالعمليات التشغيلية.

لكن، تبيّن حتى الآن أن اتفاق التسوية هذا، صعب المنال. وفي كل يوم، تُضاف كمية تقارب 500 طن من النحاس و50 طناً من الكوبالت إلى مخزون المعدنين، ما يخلق مشكلة لوجستية وتجارية متفاقمة لـ"كموك" وشركائها.

"غلينكور" تستعد لإعادة تشغيل أحد أكبر مناجم الكوبالت في العالم بالكونغو

وعندما تبدأ عمليات نقل المخزون في نهاية الأمر، سيتسبب الطلب على شاحنات التصدير في المنطقة على الأرجح، بزيادة تكاليف الشحن، وتزيد كذلك الاختناقات اللوجستية على الحدود الكونغولية.

لم تستجب "كموك" لطلب التعليق على الموضوع عبر رسالة بالبريد الإلكتروني، فيما لم يدلِ نائب الرئيس التنفيذي لـ"جيغاماينز"، ليون موين كابينا، الذي يشرف على محفظة أصول منجم "تينك" للشركة التي يقع مقرها في لوبومباشي، بتعليق عند تواصل بلومبرغ معه عن طريق البريد الإلكتروني.

سوق الكوبالت

ألقت مخزونات منجم "تينك" بظلالها، وبشكل كبير، على سوق الكوبالت، لتتحوّل معها الشركات المراهنة على ارتفاع الأسعار، مثل شركة "غلينكور" التي تعتبر أكبر المنتجين، إلى التشاؤم والإحجام عن الشراء.

رغم ذلك، فإن دور "كموك" في السوق، والإمكانات المالية الضخمة التي تمتلكها، تعني أنه لن يكون لديها دافع يذكر للتخلص من المعدن.

تصل القيمة السوقية للشركة الصينية إلى 17 مليار دولار تقريباً، وفي العام الماضي أعلنت أن شركة "كونتيمبوريري أمبيريكس تكنولوجي"، وهي أكبر شركة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية حول العالم، وافقت على شراء حصة تبلغ 25%. كما إنها تمتلك الشركة الكبرى لتجارة المعادن "آي إكس إم" (IXM).

قال كاسبار رولز، كبير مسؤولي وحدة البيانات لدى شركة "بينش مارك مينرال إنتليجنس" (Benchmark Mineral Intelligence) التي تقدر حجم مخزون الكوبالت بين 10 آلاف إلى 12 ألف طن: "خصصت (كموك) ميزانية عمومية لتشغيل المنجم وتخزين المواد على امتداد هذه الفترة الزمنية، ولذلك لا أعتقد أنهم سيواجهون ضغوطاً لتصريف المخزون دفعة واحدة في عملية بيع بثمن بخس. لكن، في مرحلة ما، سيضطرون إلى البيع، فيما تتوافر في الأسواق مواد خام أكثر من كافية لتلبية الطلب فعلاً".

معادن أساسية