معذرة يا "تويتر".. إيلون ماسك لديه مغامرة جديدة

الملياردير في مهمة جديدة بمجال الذكاء الاصطناعي مع فقدان منصته للموظفين والمعلنين والمصداقية

إيلون ماسك مغادراً مبنى "فيليب بورتون" الفيدرالي، سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة.
إيلون ماسك مغادراً مبنى "فيليب بورتون" الفيدرالي، سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة. المصدر: غيتي إيمجز
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رغم كل سلوكه الصبياني على "تويتر"، لا يزال إيلون ماسك يرغب أن نؤمن بطموحاته النبيلة الهادفة لجعل العالم مكاناً أفضل، حيث ستجعل شركته المتخصصة في استكشاف الفضاء البشر كائنات قادرة على التنقل بين الكواكب، وستنقلنا شركة تصنيع السيارات الكهربائية "تسلا" نحو الطاقة المستدامة، وسيصبح "تويتر" الذي استحوذ عليه حديثاً ملاذاً لحرية التعبير والنقاش الصحي.

في الواقع هذا الهدف الأخير لا يتقدم بخطى ثابتة، إذ لدى "تويتر" أمل ضعيف في أن تصبح ناجحة مالياً أو ثقافياً تحت قيادة ماسك مع استمراره في تنفير مواهب المنصة، واستنزاف مصادر الإيرادات، وتقويض النزاهة. كانت أحدث تصرفاته الغريبة هي تحويل انتباه الناس عن الانتقادات الموجهة إلى سكوت آدامز، مبتكر شخصية "ديلبرت"، بسبب خطابه العنصري والغريب على "يوتيوب"، وإلقاء اللوم بدلاً من ذلك على "وسائل الإعلام" لكونها عنصرية.

مغامرة جديدة لكن مكلفة

لحسن الحظ، ظهرت مهمة جديدة تستحوذ على انتباه ماسك وتبعده عن تهاوي حظوظ استحواذه البالغ 44 مليار دولار. فوفقاً للمعلومات، كان ماسك يتواصل في الأسابيع الماضية مع باحثي الذكاء الاصطناعي وسط انفجار الاهتمام بـ"تشات جي بي تي" للنظر في تشكيل مختبر أبحاث جديد. الهدف هو إنشاء بديل لبرنامج "روبوت الدردشة" الذي أطلقته شركة "أوبن إيه آي" الناشئة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، وفق موقع "ذي إنفورميشين" (The Information).

كيف يجب أن تتحدث إلى "ChatGPT"؟ إليك الدليل المبسط للمستخدم

يبدو أن مهمة ماسك الكبيرة التالية هي تطوير تطبيقات أفضل للذكاء الاصطناعي، أحد أكثر الاختراعات التحويلية في العصر الحديث. لكن من الناحية الواقعية، لا يمكن أن يدير ماسك منافساً جدياً لـ"أوبن إيه آي" كعمل جانبي إذ سيكلفه الكثير من الوقت والمال.

أكثر مشاريع الذكاء الاصطناعي تقدماً

"تشات جي بي تي" مدعوم بواسطة نموذج لغوي كبير مدرب على أجهزة الكمبيوتر الفائقة التابعة لشركة "مايكروسوفت"، وهي من أقوى الحواسيب في العالم، وسيكون الوصول إلى قوة حوسبة مماثلة أمراً صعباً بشكل متزايد إذ تركز شركات التكنولوجيا الكبرى سيطرتها على مثل هذه الأنظمة من أجل مشاريعها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. يمكن أن يكلف إنشاء وتدريب نموذج لغوي كبير ملايين الدولارات كل أسبوع من تكاليف الحوسبة، بينما سيكون توظيف مجموعة من علماء الذكاء الاصطناعي أمراً صعباً في الوقت الذي يزداد فيه الطلب على هذه المواهب.

لكن على الأرجح أن هذا مسعى جاد، نظراً لتاريخ ماسك في الاستثمار في أكثر مشاريع الذكاء الاصطناعي تقدماً.

فقبل ما يقرب من عقد، دعم ماسك كلاً من "ديب مايند" (DeepMind)، و"أوبن إيه آي"، وهما شركتان تتنافسان لبناء آلات فائقة الذكاء أو الذكاء العام الاصطناعي قبل أن تشتريهما "غوغل"، و"مايكروسوفت" على التوالي. واشتكى منذ ذلك الحين من أن شركة "أوبن إيه آي" كانت تدرب الذكاء الاصطناعي على أن يكون واعياً اجتماعياً وأن شركات التكنولوجيا الكبرى أثّرت على الأهداف الأولية للشركات الناشئة السابقة.

ماذا تعرف عن تكنولوجيا روبوتات الدردشة؟

ماسك محق فيما يتعلق بتأثير الشركات المتزايد على أبحاث الذكاء الاصطناعي، كما أنه محق في عدم الارتياح حيال ذلك، لكن العرض الذي قدمه في "تويتر" لا يوحي بوجوب الثقة في قدرته على تقديم أداء أفضل في هذا المجال. كما تلمح القصة التي نشرها موقع "ذي إنفورميشن"، أن ماسك قد يكون حريصاً على الخروج من الكارثة التي أحدثها في "تويتر" والتركيز على شيء آخر.

إدارة متخبطة لـ"تويتر"

لقد نفّرت سياسات وسلوكيات الملياردير المتقلبة بالفعل المعلنين بعيداً عن منصة التواصل الاجتماعي، كما تخبط بشدة لإطلاق خدمة الاشتراك الجديدة "تويتر بلو". بحسب ما ورد، تمكنت منصة "تويتر" -التي لديها نحو 250 مليون مستخدم يزورون المنصة بشكل منتظم بالمجان- من اكتساب 180 ألف مشترك فقط بالخدمة الجديدة في الولايات المتحدة في الباقة الشهرية بسعر 11 دولاراً.

منصات بديلة.. هؤلاء هم ورثة "تويتر" بعد زوالها

في الوقت نفسه، لا تظهر أرباح الإعلانات أي علامة على التحسن بعد أن أدى تخفيف ماسك المتهور لقواعد المحتوى إلى زيادة الكلام الذي يحض على الكراهية والمضايقات على المنصة، وبعد النزوح المبكر للمعلنين. إذ لم تعد تنفق نحو 625 من أفضل 1000 علامة تجارية كانت تعلن على "تويتر" في سبتمبر 2022- قبل شهر من شراء ماسك للشركة - على المنصة في أوائل يناير، وفقاً للبيانات المقدمة إلى "سي إن إن" من قبل شركة تحليل التسويق الرقمي "باثماتيكس" (Pathmatics) التابعة لـ"سينسور تاور" (Sensor Tower).

اشتكى المعلنون من فقدان جهات الاتصال الخاصة بهم داخل الشركة، وعدم معرفة من لا يزال موجوداً في "تويتر"، ومن تجاهل رسائلهم الإلكترونية وعدم الرد عليها.

من هو خليفة ماسك في قيادة "تويتر"؟

بشكل عام، قد يعتقد المرء أن تراجع ماسك سيبشر بالخير بالنسبة لـ"تويتر" لكن لا يزال هناك سؤال حول من سيحل محله. ذكرت النشرة الإخبارية للتكنولوجيا الصادرة عن موقع "بلاتفورمر" (Platformer) يوم الثلاثاء أن ماسك يبدو أنه يفضل ستيف ديفيس الموالي له ليكون الرئيس التنفيذي التالي لشركة "تويتر". ديفيس، المعروف بالعمل لمدة 16 ساعة في اليوم، مُعار حالياً من وظيفته اليومية العادية كرئيس تنفيذي لإحدى شركات الملياردير الأخرى، شركة "بورينغ كومباني" (Boring Company).

ماسك يعد بإدخال نموذج اشتراك بدون إعلانات على "تويتر"

أخبرني موظفو "تويتر" في ديسمبر الماضي أن ديفيس كان يدير الأعمال اليومية على "تويتر"، وأنه "دائماً موجود". في ذلك الشهر، ورد أن ماسك طلب من ديفيس أن يخفض 500 مليون دولار من التكاليف. خفّض عندها المدير التنفيذي حوالي مليار دولار بدلاً من ذلك، وقام بذلك بينما كان ينام في المكتب بصحبة شريكته وطفلهم الرضيع.

تاريخ من الأفكار التي لا يكتمل

من الواضح أن ديفيس يتناسب مع ثقافة ماسك المتشددة للغاية، لكن هذا لا يعني أنه الشخص المناسب لتغيير حظوظ "تويتر" المالية. فبعد كل شيء، أدار مشكلات الإعلان والاشتراك تماماً بنفس الطريقة التي اتبعها ماسك.

إيلون ماسك يستعيد صدارة أثرياء العالم من برنارد أرنو

عمل ديفيس مع ماسك لمدة 20 عاماً، بعد أن انضم إلى "سبيس إكس" في عام 2003 كأحد أوائل موظفي الشركة، لكن عمله في "بورينغ" تضمن أيضاً العديد من المشاريع غير المكتملة. عندما أعلن ماسك لأول مرة عن أفكاره بشأن شركة إنشاء أنفاق، تحدث عن إنشاء نفق بطول 350 ميلاً بين لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو. منذ ذلك الحين، كان أهم مشروع للشركة نفق بطول 1.7 ميل تحت مركز للمؤتمرات في لاس فيغاس.

إذا حالفه الحظ، سيتمكن ماسك من تفادي إفلاس "تويتر". لكن مسار الشركة الذي يتجه نحو تحولها إلى شركة غير منضبطة وليست مهمة في خريطة وسائل التواصل الاجتماعي، يديرها طاقم مؤلف من أقل عدد ممكن من موظفين، وتخلو بشكل متزايد من المرح أو المحتوى المفيد، لا يبدو مختلفاً كثيراً.