خطة ماسك الرئيسية لـ"تسلا" ينقصها الحافز.. والسيارة أيضاً

تستهدف الشركة الوصول إلى بيع 20 مليون مركبة سنوياً وهامش الربح الإجمالي السيارة الواحدة بلغ في الربع الرابع 12,300 دولار

إيلون ماسك مغادراً مبنى "فيليب بورتون" الفيدرالي في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، الولايات المتحدة
إيلون ماسك مغادراً مبنى "فيليب بورتون" الفيدرالي في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، الولايات المتحدة المصدر: غيتي إيمجز
Liam Denning
Liam Denning

Liam Denning is a Bloomberg Opinion columnist covering energy, mining and commodities. He previously was editor of the Wall Street Journal's Heard on the Street column and wrote for the Financial Times' Lex column. He was also an investment banker.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اتّضح أن الخطة الرئيسية الثالثة التي وضعها إيلون ماسك، ما هي سوى ملحق للخطة الرئيسية الأساسية. كتب رئيس مجلس إدارة "تسلا"بمدونته في 2006:

"الهدف الشامل لشركة (تسلا موتورز) -وسبب تمويلي للشركة- هو المساعدة في تسريع التحوّل من الاقتصاد الهيدروكربوني المعتمد على التنقيب عن الوقود الأحفوري وحرقه، إلى اقتصاد الطاقة الشمسية".

عند الساعة 4:30 عصراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة من يوم الأربعاء، قال ماسك نفس الكلام، ولكن باستفاضة، مستخدماً أرقاماً ضخمة، مثل: 30 تيراواط من الطاقة المتجددة، و115 تيراواط/ساعة من البطاريات، و10 تريليونات دولار من الاستثمار في التصنيع، وهكذا دواليك.

الجزء الأول من عرض "تسلا" التقديمي، كان في جوهره، أشبه بمحاضرات "تيد توك" (Ted Talk) الشهيرة، من خلال تحديد معايير عالية لذلك التحوّل الجذري المطروح منذ 17 عاماً. كعادته، حاد ماسك عن مسار حديثه في بعض الأحيان، ليتطرق إلى موضوع أو اثنين مختلفين، أحدهما المريخ، بالطبع، بل وحتى الانتشار الكبير للحديد في كوكب الأرض. كما روج لرؤيته بأننا نعيش على وجه "كرة من الوحل والصدأ"، واعداً بتقديم تقرير موثوق عن هذا الأمر.

التلخيص أداة خطابية رائعة، لكنه ليس إلهاماً، علماً أن الإلهام هو سبب قصة نجاح أسهم "تسلا".

مشكلات واقتراحات

هذا لا يعني أن الاجتماع كان مجرد تكرار كامل لما قاله سابقاً، بل على العكس. فرغم إلقاء عدد من مديري "تسلا" التنفيذيين كلماتهم، إلا أنهم أغفلوا كثيراً التفاصيل المهمة. تبذل "تسلا" كل جهودها على كيمياء البطاريات المعتمدة على الحديد -أي أنها تنقّب في كرة الوحل والصدأ- وذات السعر الأرخص، لكنها تعتبر اليوم أقل جودة. تهدف "تسلا" أيضاً إلى التخلي عن استخدام المعادن النادرة في سياراتها المستقبلية، وهو تطوير قد يغيّر قواعد اللعبة في التعامل مع مأزق المعادن البالغ الأهمية للتحول في مجال الطاقة. وفي الحديث عن أزمة أخرى، وهي شحن المركبات الكهربائية، أشارت "تسلا" إلى تحسين هذه العملية للاستفادة من فائض الطاقة المتجددة في تخفيض التكاليف، بما يتضمن اقتراح خطة الشحن الليلية بلا حدود في ولاية تكساس ذات الرياح الناشطة.

"تسلا" تسعى إلى زيادة الإنتاج مع تجاوز أرباحها تقديرات السوق

كما كان هناك خطب عديدة وطويلة عن عملية التصنيع الانسيابية في "تسلا"، وتقليل عدد أجزاء السيارة، ما يَعِد بإمكانية توفير ما يصل إلى 50% من تكاليف صنع هيكل المركبة، وهذا خفض بالغ الأهمية. أشارت "تسلا" إلى أن متوسط سعر البيع في الربع الرابع كان نحو 52 ألف دولار أميركي بهامش ربح إجمالي 12,300 دولار تقريباً، بخلاف المركبات المؤجرة بموجب عقود تأجير تنتهي بالتمليك. ويتيح وصول سعر بيع "تسلا" إلى أقل من 30 ألف دولار، فرصة حقيقية للوصول إلى سوق كبيرة وواسعة النطاق، وفقاً للتصور الوارد في الخطة الرئيسية الأساسية، لكن المحافظة على هامش ربح يتجاوز 10 آلاف دولار، يتطلب اقتطاع جزء من تلك السوق.

في هذا الصدد، تواجه "تسلا" مشكلات أكبر من مجرد حقيقة أنها مجرد أهداف، مثل أي عروض تقديمية للمستثمرين، وهذا أولاً، أما ثانياً، فقد اعتادت "تسلا" أن تبالغ في وعودها عندما يتعلق الأمر بالعروض التقديمية للمستثمرين. المشكلة الرئيسية هي أن "تسلا" لم تكشف عن هذه المركبة الأرخص حتى الآن، والتي ظهرت في شرائح عدة من العرض التقديمي، على شكل صورة غامضة لسيارة ملفوفة بغطاء، وقد كان ذلك مناسباً على ما يبدو للحدث، إذ استولت المركبة الغامضة على اهتمام جميع الحاضرين.

المركبة الجديدة

"تسلا" في حاجة إلى هذه السيارة. يكفي أن نتذكر أن سلسلة مكاسب الأسهم مؤخراً أعادت "تسلا" إلى علاوة سعرية في حدود 170% على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، لكن في الوقت ذاته، تبقى قيمتها السوقية أقل من أعلى مستوى بلغته في أواخر 2021 بمقدار 600 مليار دولار تقريباً. لقد تلقت أسهم الشركة ضربة موجعة، لكنها مع ذلك، تظل باهظة الثمن. وحتى لو حققت "تسلا" مستهدفها قصير الأجل للنمو، وبما يفوق هوامش صناعة السيارات، فإن المستوى الذي بلغته قيمتها السوقية يتطلب احتساباً بسعر خصم أدنى من العائد على سندات الخزانة الأميركية لتبرير وصوله إلى هذه القيمة.

المكسيك تقدّر تكلفة مصنع "تسلا" الجديد بـ5 مليارات دولار

يمكن إرجاع انهيار الأسهم في العام الماضي إلى أسباب لا تحصى، -ليس أقلها عمليات بيع الأسهم الضخمة التي قام بها ماسك- لكن الطريقة الأبسط للتفكير في الموضوع، هي تلاشي قيمة الخيار. فالثقة في سيارات الأجرة ذاتية القيادة، وكل طموحات الجزء الثاني من الخطة الرئيسية تتلاشى، أو تُؤجل إلى المستقبل على الأقل. لكن ظهور مركبة كهربائية جديدة أرخص سعراً سيعيد إحياء القصة. حقيقة أن "تسلا" لم تعرض حتى نموذجاً أولياً يوم الأربعاء، تعتبر أمراً مثيراً للاهتمام. في السابق، لم ينتظر مسؤولو الشركة إخراج منتج جاهز للبيع قبل الكشف عن "موديل 3" أو شاحنة "سيمي" (Semi) أو مركبة "سايبر ترك" (Cybertruck).

بينما بدأ ماسك الاجتماع بمناصرة حماسية لتغيير الكوكب، انتهى الاجتماع الطويل والمتشعب بعد كلمة المدير المالي، زاكاري كيركهورن، التي استعرض فيها قائمة طويلة من إجراءات خفض التكاليف ومعايير الكفاءة، ومن بينها تقديرات النفقات الرأسمالية طويلة الأجل، والتي زادت خمسة أضعاف عما أنفقته الشركة حتى اليوم، للوصول إلى مبيعات حجمها 20 مليون مركبة سنوياً ارتفاعاً من 1.3 مليون مركبة في العام الماضي. بالطبع هذا هدف نمو طموح، لكن الأفضل أن تصاحبه سيارة جديدة براقة بدلاً من توقعات بإنفاق 175 مليار دولار.

بالنسبة إلى شركة يبدو أنها تتمتع بقدرات سحرية في استعراض روايتها، افتقر هذا الاجتماع إلى الحماسة بشكل غريب. فالخبر المهم عن بناء مصنع كبير في المكسيك -واضح أنه سيصنع مركبة الجيل الجديد في نهاية المطاف- لم يُعلن عنه إلا عند بدء فقرة الأسئلة بعد ثلاث ساعات. كان هناك الكثير من اللمحات المشوقة عن الهياكل السفلية والأدوات والتقنيات الأخرى، وكلها جديدة. ولحسن الحظ، لم يتطرق الحديث إلى الروبوتات سوى بضع مرات فقط. لكنها لم تكن خطة رئيسية من جهة الأهداف المحددة في إطار زمني واضح.

قال ماسك في البداية "ما نحاول نشره، هي رسالة أمل وتفاؤل". هذا بالفعل ما قاموا به بطريقة ما، لكن المشكلة هي في أن الجمهور مفعم بتلك المشاعر، وهو الذي بالغ في تحديد قيمة "تسلا".