المركزي الصيني يُبشر بسياسة نقدية مستقرة مع انتعاش الاقتصاد

اقتصاد الصين يظهر علامات على التعافي السريع من الركود الذي تسبب به وباء كورونا

مقر بنك الشعب الصيني في بكين، الصين
مقر بنك الشعب الصيني في بكين، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ذكر محافظ البنك المركزي في الصين يي قانغ أنَّ السياسة النقدية ستكون مستقرة إلى حد كبير هذا العام، مُشيراً إلى أنَّ أسعار الفائدة في الاقتصاد مناسبة، كما ستبقى معدلات التضخم تحت السيطرة، ولن يشكل تقلّب العملة المحلية مصدر قلقٍ.

قال يي خلال إفادة إعلامية نادرة في بكين يوم الجمعة إنَّ أسعار الفائدة الحقيقية عند مستوى مناسب نسبياً. وألمح إلى دعم الاقتصاد بطرق أخرى، مُشيراً إلى أنَّ التخفيضات في نسبة متطلبات الاحتياطي تبقى وسيلة فعالة بالنسبة إلى بنك الشعب الصيني، حيث تمكّنه من توفير سيولة طويلة الأجل، كما أنَّ استقرار الأسعار هو أساس استقرار العملة.

تعافي اقتصاد الصين

يُظهر اقتصاد الصين علامات على التعافي السريع من الركود الذي تسبّب به وباء كورونا، إذ يراقب المستثمرون تحولاً في سياسة البنك المركزي مع تسارع معدلات النمو. خفّض الاقتصاديون توقُّعاتهم لإجراءات تسهيل كبيرة مثل خفض أسعار الفائدة بعد أن أعطى بنك الشعب الصيني مؤخراً نظرة متفائلة عن الاقتصاد، وأشار إلى مزيد من التساهل وسط ارتفاع أسعار الفائدة في السوق.

مسؤول بـ"المركزي": اقتصاد الصين سيعود إلى مسار النمو قريباً

يُتوقَّع أن يعدّل بنك الشعب الصيني سياسته النقدية في الوقت المناسب، بحسب ما قال نائب المحافظ ليو قوه تشيانغ خلال الإحاطة نفسها. وأشار إلى أنَّ المسؤولين لن يقلّصوا فجأة أو يطرحوا تحفيزاً مالياً كبيراً. كما توقَّع أن يبقى التضخم عند مستويات معتدلة في 2023 مع القدرة على التحكم "بضغط التضخم العام ".

وزير المالية الصيني يعيد تأكيد خطة التوسع المالي

فوجئ كبار المسؤولين الصينيين بالذروة المبكرة التي سجلتها أعداد إصابات كورونا والانتعاش اللاحق في الاقتصاد، بحسب ما ذكرت "بلومبرغ" هذا الأسبوع. انتعش قطاع الصناعة والخدمات أكثر من المتوقَّع في فبراير، كما ارتفعت مبيعات المنازل لأول مرة منذ 20 شهراً -وإن كان ذلك من قاعدة منخفضة- وعاد الازدحام المروري في المدن الكبرى إلى المستويات التي شوهدت قبل عام.

أهداف الحكومة بتحقيق النمو

يتوقَّع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" أن تهدف الحكومة إلى تحقيق نمو يتجاوز 5% عند إصدار أهدافها الاقتصادية يوم الأحد خلال المؤتمر الشعبي الوطني، وهو التجمع البرلماني السنوي. يتوقَّع بعض المحللين هدفاً يبلغ حوالي 5.5% أو أكثر.

من جهته، قال بروس بانغ، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في شركة "جونز لانغ لاسال"، إنَّه ما يزال يرى حاجة بنك الشعب الصيني إلى خفض نسبة الاحتياطي للبنوك وأسعار الفائدة، برغم توقُّعات استقرار معدلات أسعار الفائدة الأساسية على المدى القصير. و"يجدر الانتباه إلى فترة خفض نسبة متطلبات الاحتياطي الإلزامي في أبريل وأكتوبر"، حيث يمكن أن تدعم التخفيضات في النسبة الاقتصاد الحقيقي من المنظورين الكلي والهيكلي.

تعديلات في المناصب الحكومية

في حين أنَّه من التقليدي أن يخاطب كبار المسؤولين الحكوميين في الصين وسائل الإعلام في وقت قريب من مؤتمر الشعب الوطني؛ لكنَّ محافظ بنك الشعب الصيني لم يعقد مؤتمراً صحفياً شخصياً خلال السنوات الثلاث الماضية في فترة تفشي الوباء. يُتوقَّع أن يكون هذا الحدث الأخير لـ"يي" بمثابة حكم لأنَّه قد يتنحى عن منصبه في إطار تعديلات في المناصب الحكومية خلال مؤتمر الشعب الوطني الصيني.

ماذا يحمل التغيير المحتمل لقيادة البنك المركزي الصيني؟

تدرس الحكومة الصينية تعيين المصرفي المخضرم تشو هيكسين، الذي يشغل حالياً منصب رئيس مجموعة "سيتيك غروب" للاستثمار المملوكة للدولة، ليحل محل يي، وفقاً لشخص مطّلع على الأمر. وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أنَّ خه ليفينج -الذي يُتوقَّع أن يأتي خليفاً لليو في منصب نائب رئيس الوزراء الصيني المسؤول عن السياسة الاقتصادية- يجري النظر في تعيينه كسكرتير للحزب في بنك الشعب الصيني.

فيما يلي أبرز ما ورد خلال الإحاطة الصحفية لبنك الشعب الصيني:

سوق العقارات

بالنسبة إلى سوق العقارات، التي شهدت ركوداً طويلاً في الصين، شدّد مسؤولو البنك المركزي على هدفهم المتمثل في ضمان "قطاع معافى". وأشار نائب المحافظ بان قونغ شنغ إلى أنَّ الصين ستحافظ على سياسات الملكية الحالية، وستدفع بسوق العقارات للانتقال إلى نموذج تنمية جديد. كما أكد ما قالته الحكومة سابقاً بأنَّ السكن مخصص للعيش فيه وليس للمضاربة.

مبيعات المنازل في الصين ترتفع للمرة الأولى منذ 20 شهراً

أضاف نائب المحافظ أنَّ بنك الشعب الصيني وجّه البنوك لتوفير التمويل العادي لمطوّري العقارات، كما احتوى التوسع السريع للغاية في قطاع العقارات.

عملة البلاد

من جانبه، أشار المحافظ يي إلى مرونة سعر صرف اليوان الصيني، كما يتعين على الصين الحفاظ على نظام التعويم المدار للعملة، وعلى أنَّ سعر الصرف أصبح أكثر تقلباً من ذي قبل، لكن لم يشكّل ذلك مشكلة بالنسبة إلى الشركات أو الأسر.

أضاف يي أنَّ سعر الصرف الذي يبلغ 7 يوانات مقابل الدولار الأميركي لم يعد يشكّل "عقبة نفسية" بالنسبة إلى الصين، لأنَّ العملة ضعفت بعد هذا المستوى لثلاث مرات خلال السنوات الماضية.

شهد اليوان تراجعاً من أعلى مستوى له هذا العام في يناير، حيث تداول بالقرب من 7 يوانات مقابل الدولار. ويرجع التراجع في قيمة العملة إلى حدٍ كبير إلى ارتفاع قيمة الدولار الأميركي -الذي تغذيه توقُّعات تشديد مجلس الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية- بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.

مدخرات الاستهلاك

أشار نائب المحافظ ليو قوه تشيانغ إلى أنَّ الزيادة في الودائع المصرفية للأسر ناجمة عن تراجع الاستهلاك خلال فترة تفشي الوباء، فضلاً عن تراجع الرغبة في المخاطرة عند القيام بالاستثمارات. يُتوقَّع أن تتعزز الثقة في الاستهلاك والاستثمار مع تحسن اقتصاد الصين.

كما أكد مجدداً أنَّ بنك الشعب الصيني لن يغرق الاقتصاد بسياسة التحفيز المالي المفرط. مُشيراً إلى أنَّ الطلب على الاستهلاك يتزايد تدريجياً في الصين، وسيقدّم بنك الشعب الصيني مساعدات مالية تعزيزاً للاستهلاك.