ما يجب معرفته عن الوفيات والحساسية المرتبطة بلقاح "كورونا"؟

ممرضة تجهز حقنة تطعيم بلقاح من صنع "فايزر-بايوإنتك" ضد كوفيد-19 في أحد المراكز الصحية بالعاصمة الفرنسية باريس
ممرضة تجهز حقنة تطعيم بلقاح من صنع "فايزر-بايوإنتك" ضد كوفيد-19 في أحد المراكز الصحية بالعاصمة الفرنسية باريس المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحوم بعض المخاوف حول مدى سلامة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا التي حصلت على تصاريح مؤخراً، كحال الأدوية والعقاقير الجديدة كافةً، بالإضافة إلى القلق حيال عوارضها الجانبية المحتملة.

وكشف العديد من الأشخاص الذين حصلوا على واحد من اللقاحين الغربيين، سواء الذي طوَّرته "فايزر" بالتعاون مع "بيونيك" أو الذي طوَّرته شركة "موديرنا" أنَّهم عانوا من ارتفاع بدرجات الحرارة، وألم في الرأس، وألم مكان الحقنة. وعادة ما تزول هذه الآثار الجانبية سريعاً.

وأثارت النرويج موجة من القلق حين أعلنت عن وفاة عدد من الأشخاص المتقدِّمين في السن ممن يعانون من مشاكل صحية بعد أن حصلوا على لقاح "فايزر- بيونتيك"، مشيرة إلى احتمال أن تكون الآثار الجانبية للقاح هي التي أدت للوفاة. كما أنَّ بعض المتلقين الآخرين للقاح عانوا من ردَّة فعل تحسسية حادة، تعرف بصدمة الحساسية أو "التأق"، وهي ردَّة فعل خطرة، ولكنَّها قابلة للعلاج.

ما الذي نعرفه عن حالات الوفاة؟

أعلنت النرويج في منتصف يناير عن وفاة 33 شخصاً من أصل 42 ألف حصلوا على لقاح "فايزر- بيونتيك"، مع العلم أنَّ البلاد كانت منحت أولية التلقيح لنزلاء دور رعاية المسنين. وظهر أنَّ جميع المتوفين هم ضمن الفئة العمرية 75 وما فوق (لم تعطَ الأعمار المحددة حفاظاً على الخصوصية). وبينهم مرضى في مرحلة صحية حرجة، لم يكن يتوقَّع أن يعيشوا لأكثر من أسابيع أو أشهر.

وبعد التدقيق بكافة الوفيات التي حصلت في غضون أيام من تلقي اللقاح، لم تجد الهيئات الصحية النروجية رابطاً مباشراً بين حالات الوفاة الـ33 واللقاح.

وأفادت الوكالة النروجية للطب أنَّ معدَّل 400 شخص يموتون أسبوعياً في دور رعاية المسنين ومرضى الرعاية المديدة. إلا أنَّ سيغورد هورتيمو، كبير الأطباء في الوكالة لم يستبعد أن تشكِّل ردود الفعل السلبية الشائعة عند الحصول على أيِّ لقاح، مثل ارتفاع الحرارة أو الغثيان، خطراً على المرضى الذي يعانون في الأصل من مشاكل صحية حادة.

2. هل سجلت وفيات في أماكن أخرى؟

في ألمانيا، إذ حصل أكثر من 800 ألف شخص على الجرعة الأولى من لقاح "فايزر – بيونتيك"، أعلن مركز "بول إيرليك" أنَّ سبعة أشخاص على الأقل توفوا بعد وقت قصير من تلقيهم اللقاح. إلا أنَّ المعهد رجَّح في تقريره أن يرجع سبب الوفاة لأمراض كان يعاني منها أولئك الأشخاص، من بينها الأورام السرطانية، والقصور الكلوي والزهايمر، وليس اللقاح.

ما هي ردات الفعل التي عانى منها الأشخاص المتوفون؟

وترافقت حالات الوفاة في النرويج، مع ارتفاع بالحرارة وغثيان وإسهال، وهي جميعها عوارض شائعة، وتستمر فترة قصيرة. كما قد يعاني منها بعض الأشخاص عقب تلقي أيِّ نوع من اللقاحات، بحسب ما قالته إدارة السلع العلاجية الأسترالية. (وتعمل الإدارة الأسترالية حالياً مع وكالة الأدوية الأوروبية التي تضمُّ النرويج قبل أن تقرر ما إذا كانت ستوافق على استخدام اللقاح في استراليا).

ولا يتوقَّع أن تشكل ردود الفعل على اللقاح هذه مشاكل تذكر لدى الجزء الأكبر من متلقي اللقاح، فقد تمَّ توزيع ملايين الجرع من لقاح "فايزر – بيونتيك" في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وغيرها من الدول بدون تسجيل أي وفيات، بحسب

ما نقله مركز الإعلام العلمي الأسترالي عن أبرار شوغتاي، الأستاذ المحاضر في كلية الصحة العامة وطب المجتمع في جامعة نيو ساوث ويلز.

ما الذي نعرفه عن خطر اللقاح على المسنين والضعفاء؟

ليس الكثير. مع ذلك، قال ستاينر مادسين، المدير الطبي للوكالة النرويجية، في حديث للدورية الطبية البريطانية، إنَّه من المحتمل أن تؤدي الردود الفعلية السلبية الشائعة على اللقاحات التي لا تشكِّل أي خطر على الشباب المتمتعين بصحة جيدة إلى تفاقم الأمراض التي يعاني منها المسنّون.

وأوضحت الوكالة أنَّ عدداً قليلاً من الأشخاص فوق الـ85 عاماً قد شاركوا في الاختبارات السريرية واسعة النطاق التي أجريت على لقاح "فايزر – بيونتيك"، فقد بلغ متوسط عمر المشاركين في اختبارات اللقاحين الغربيين أوائل الخمسينات.

ما الذي تم فعله بعد تسجيل الوفيات؟

حدَّث المعهد النرويجي للصحة العامة إرشاداته حول إعطاء لقاح (كوفيد -19) للمسنين الضعفاء، وقال مادسين "نحن نطلب من الأطباء الاستمرار بالتلقيح، ولكن إجراء المزيد من التقييم للأشخاص المرضى المعرَّضين لتفاقم حالاتهم بسبب اللقاح".

ويشمل هذا التقييم مناقشة مخاطر التلقيح ومنافعه مع المرضى وعائلاتهم من أجل تحديد مدى ضرورة اللقاح. ومن جهتها، أوصت فنلندا بعدم تلقيح المرضى المصابين بأمراض عضالية للذين تمَّ وقف علاجهم (أي الذين يخضعون للرعاية المخففة للألم فقط)، وذلك لأنَّ العوارض الجانبية الشائعة للقاح، مثل ارتفاع درجة الحرارة المؤقت يمكن أن تفاقم حالتهم.

ما هي ردود الفعل الخطيرة الأخرى التي تمَّ تسجيلها؟

يحارب الجسم الأجسام الغريبة معتمداً على آليات مختلفة، مثل صنع بروتينات تعرف بالأجسام المضادة التي تطلق مادة سامة تقضي على الميكروبات، في حين يحرك الخلايا الحارسة لمحاربة العدوى. وكما الحال في أي صراع، أحياناً يمكن للجهد المبذول لمحاربة العدوى أن يلحق هو نفسه الضرر بالجسم.

وفي حالات نادرة، يمكن أن يسبب التهاباً وتورماً في الأنسجة ينجم عن ردَّة فعل تحسسية حادة، تعرف باسم "التأق". ويعاني نحو 5% من الأميركيين من ردود فعل تحسسية من هذا النوع على مواد مختلفة، التي قد تكون قاتلة في حال أدت إلى انسداد المجرى الهوائي لدى المريض، إلا أنَّ الوفيات الناجمة عن ذلك تعدُّ نادرة.

وعلى الرغم من أنَّ التحسس من لسعات الحشرات أو من بعض أنواع الطعام يمكن أن يسبِّب "التأق" إلا أنَّ معظم الوفيات الناتجة عن "التأق" في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هي بسبب الأدوية.

أين تم تسجيل حالات تحسس ناتجة عن لقاحات (كوفيد – 19)؟

بحسب تقرير صادر عن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في 6 يناير، تمَّ تأكيد 21 حالة تحسس مرتبطة بلقاح "فايزر- بيونتيك" في الولايات المتحدة منذ ديسمبر 2020، بينها 17 حالة لأشخاص سبق وعانوا من أنواع تحسس في السابق، وسبعة أصيبوا بـ"التأق"سابقاً. وكان المركز قدَّم عرضاً في 19 ديسمبر من العام الماضي، أشار فيه إلى حالتين تمَّ تسجيلهما في المملكة المتحدة مرتبطتين باللقاح نفسه.

وفي وقت لاحق من الشهر، أصيب رجل في إسرائيل بصدمة "تأق" بعد ساعة من تلقيه اللقاح، بحسب ما نشرته صحيفة "جيروساليم بوست"، وقد أفادت الصحيفة أنَّ الرجل عانى في السابق من ردة فعل تحسسية تجاه "البنيسيلين".

وقال المسؤولون في المركز، إنَّهم سجلوا أيضاً ردود فعل لدى متلقي لقاح "موديرنا"، وهم يجمعون البيانات عنهم حالياً.

هل سبق أن تم ربط "التأق" باللقاحات من قبل؟

نعم. يتمُّ تسجيل هذا النوع من ردود الفعل 1.3 مرة لكلِّ مليون جرعة من لقاح الانفلونزا. أمَّا في حالات اللقاحات الأخرى، فيتمُّ تسجيل 12 إلى 25 مرة لكل مليون جرعة، إلا أنَّ الدراسات على هذا الصعيد لا تزال على نطاق ضيق.

وبحسب مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإنَّ نسبة "التأق" الناجم عن لقاح "فايزر – بيونتيك" المضاد لكوفيد بلغت 11.1 لكلِّ مليون جرعة، وهذا معدَّل منخفض جداً. وأكَّد المركز أنَّ خطر اللقاح لا يزال أقل من خطر الإصابة بحالة حادة من (كوفيد -19).

كم يدوم خطر حصول ردة فعل تحسسية؟

يقول مايكل كينش، خيبر تطوير الأدوية ونائب الرئيس المساعد في جامعة واشنطن في سان لويس، إنَّ الأمر لا يستغرق وقتاً طويلاً في العادة، بل يحصل في غضون دقائق إلى ساعات من التعرُّض للمادة المسببة للتحسس.

ووفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإنَّ وقت ظهور ردة الفعل التحسسية في الولايات المتحدة تراوح حتى الآن بين دقيقتين و150 دقيقة، ومتوسط الوقت بلغ 13 دقيقة.

ما الذي يتم القيام به على هذا الصعيد؟

ونصحت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأشخاص الذين يعانون من التحسس على أيٍّ من مكونات لقاح كوفيد بالامتناع عن تلقيه. مع العلم، أنَّه يمكن معالجة هذه الحالات بواسطة مضادات "الهيستامين" مع حقن "الأدرينالين"، التي تتوفَّر في منتجات دوائية مثل قلم "إبينفرين" من Mylan NV وهو ما يساعد على إبطاء أو وقف ردة الفعل المناعية.

ويحمل العاملون في مجال الرعاية الصحية المكلَّفون بإعطاء اللقاح هذه العقاقير معهم لاستعمالها في حالات الطوارئ. ولا بد من الإشارة إلى أنَّ إعطاء هذه العلاجات الطارئة لا يلغي منافع اللقاح.

وفي الولايات المتحدة، يتابع العمَّال الصحيون الأشخاص الذين يتلقون اللقاح لمدَّة 15 دقيقة بعد الحقنة لمراقبة أيّ مؤشرات على إصاباتهم بردة فعل، في حين تتمُّ مراقبة الأشخاص الذين لديهم تاريخ مقلق من التحسس لضعفَيِّ الوقت. كما نصح المركز الأشخاص الذين أصيبوا بردة فعل على الجرعة الأولى من اللقاح بالامتناع عن تلقي الجرعة الثانية.

هل نعرف أي مكون من مكونات اللقاح تسبب ردَّة الفعل هذه؟

الأمر ليس واضحاً بعد. ولكنَّ المكوِّنين الأكثر ترجيحاً للتسبب بالتحسس، هما "بولي ايثيلين الغلايكول"، وهي مادة كيميائية توجد في العديد من المأكولات، ومواد التجميل، والأدوية، وجزيئات النانو الدهنية التي تؤدي دور الحماية للحمض النووي الريبوزي، وهو أحد المكونات الجينية للقاح. وذلك بحسب ما شرحه إيريك تابول، خبير البحوث السريرية، ومدير معهد "سكريبس" للبحوث. وكان قد تمَّ ربط "بولي ايثيلين الغلايكول" في السابق بالعديد من حالات "التأق". ويقول توبول، حين يتمُّ تحديد السبب، يمكن حينها جعل لقاحات كوفيد، أكثر أماناً ممَّا هي عليه اليوم.