"دويتشه تيليكوم" عليها بذل مزيد لتعويض خسائرها في "بي تي"

الشركة الألمانية تكبدت خسائر فادحة منذ امتلاك حصة في نظيرتها البريطانية

أحد المشاة وراء صندوق هاتف أحمر اللون في أثناء مرورها أمام متجر "إي إي" للهواتف المحمولة، تديره "أورانج" و"دويتشه تيليكوم" في لندن، المملكة المتحدة
أحد المشاة وراء صندوق هاتف أحمر اللون في أثناء مرورها أمام متجر "إي إي" للهواتف المحمولة، تديره "أورانج" و"دويتشه تيليكوم" في لندن، المملكة المتحدة
Chris Hughes
Chris Hughes

Chris Hughes is a Bloomberg Opinion columnist covering deals. Previously, he worked for Reuters Breakingviews, the Financial Times and the Independent newspaper.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يعترف رئيس شركة "دويتشه تيليكوم" (Deutsche Telecom) بأن أكبر أخطائه كان عقد صفقة في 2015 لامتلاك حصة في "بي تي غروب". وينتاب عديداً من مديري الصناديق، ممن يملكون أسهم في شركة الاتصالات البريطانية، في الأغلب الشعور نفسه.

فما قاله تيم هويتجز لصحيفة "فاينانشال تايمز" لم يكن مجرد اعتراف، إذ يبدو أن طموحه المعلن لتعويض الخسائر على هذا الاستثمار كأنه تحوّل استراتيجي، بعدما قضى 10 سنوات في إدارة الشركة الألمانية.

إذا عدنا إلى الصفقة الأصلية فسنجد أن "بي تي" كانت تسعى لدخول مجال اتصالات الهواتف المحمولة مرة أخرى، بعدما ندمت الشركة على بيع وحدة شبكة "إم إم أو تو" (mmO2) في 2001. لذا اشترت شركة "إي إي" (EE) من مالكيها المشتركين "دويتشه تيليكوم" الألمانية و"أورانج" الفرنسية بتقييم بلغ 12.5 مليار جنيه إسترليني (14.9 مليار دولار).

"بي تي" تسجل خسائر ضخمة

حصلت "أورانج" بشكل أساسي على معظم قيمة حصتها في الصفقة نقداً، إلى جانب حصة تبلغ 4% في "بي تي". وعلى العكس منها، فإنّ أغلب ما حصلت عليه "دويتشه تيليكوم" في الصفقة كان أسهم "بي تي"، متمثلة في حصة تبلغ 12%.

منذ ذلك الحين، خسرت "بي تي" نحو ثلثي قيمتها. وأحد الأسباب الرئيسية لهذه الخسارة هو الشكوك حول ما إذا كانت التكلفة الضخمة لتحديث شبكة النطاق العريض ستثمر عن عوائد.

ضعف الإسترليني يفاقم خسائر "دويتشه تيليكوم"

يبدو الوضع أسوأ لـهويتجز، إذ يفاقم ضعف الجنيه الإسترليني الخسائر التي تتكبدها "دويتشه تيليكوم" باليورو. ولا ننسى أيضاً المقارنة السلبية مع قرار "أورانج" بالحصول على نصيبها نقداً ثم بيع كل حيازاتها من "بي تي".

بالنسبة إلى "دويتشه تيليكوم"، كان امتلاك حصة في "بي تي" قراراً استراتيجياً ومالياً، إذ كانت الشركة الألمانية تؤمن باستراتيجية "بي تي" للتقارب، التي تجمع فيها بين خطوط الهواتف الأرضية والهواتف المحمولة والإنترنت، وخدمة الاشتراك التليفزيوني. قد يسهّل هذا النهج أيّ عملية استحواذ مستقبلية على "بي تي"، أو على الأقل يجعل من الصعب استحواذ شركة أخرى عليها. وكان هويتجز يتعامل أيضاً بوصفه مدير صندوق من حيث رهانه على صعود الأسهم، لكن ذلك لم يكن من بين مهامه.

"دويتشه تيليكوم" تتفاوض للاستحواذ على حصة في "تي موبايل"

نقلت "دويتشه تيليكوم" لاحقاً استثمارها في "بي تي" إلى صندوق معاشاتها، ليتحول بذلك إلى إحدى حيازاتها غير الأساسية. لكن اهتمام هويتجز بالشركة يشير إلى أنها أكثر من مجرد استثمار مالي خامل.

كما أشار هويتجز، في حديثه مع صحيفة "فاينانشال تايمز" إلى الخسارة، مؤكداً أنه "سيسترد تلك الأموال" (في اقتباس واضح للتعليقات التي أدلت بها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر للمجلس الأوروبي من قبل).

سيناريو تعويض الخسائر

كان سعر سهم "بي تي" 423 بنساً قبيل عقد صفقة "إي إي"، وأغلق السهم الخميس الماضي عند 141.5 بنس، فيما كان متوسط توقعات المحللين 188 بنساً. ولكي تقترب "دويتشه تيليكوم" من تعويض خسائرها، يجب على الأسهم تخطي ذلك المستوى، وسيتحتم على أي مشترٍ مستقبليّ دفع علاوة إضافية، لكن ذلك يبدو أمراً بعيد الاحتمال.

يملك رائد الأعمال الملياردير باتريك دراهي حصة تبلغ 18%، كما يُعتبر أحد المشترين المحتملين. لكن الرهان على تجميع دراهي لائتلاف لتقديم عرض سخي يتطلب بعض الشجاعة، وستتوخى المملكة المتحدة الحذر في ما يتعلق بالسماح لهذا الأصل بالدخول في عرض شراء تقدمه شركة استثمار مباشر أجنبية.

الأسهم البريطانية الرخيصة تتحول إلى أهداف محتملة لصفقات استحواذ مقبلة

البديل بالنسبة إلى هويتجز هو الإصرار وشراء مزيد من الأسهم، أو حتى تقديم عرض للاستحواذ الكامل على الشركة، مع احتمال أن يصبح دراهي شريكاً صاحب حصة أصغر في الشركة. سينتهي استهلاك "بي تي" للسيولة النقدية في شبكة الألياف الضوئية خلال سنوات قليلة.

الخيارات المتاحة أمام هويتجز

إذا توسعت الشركة البريطانية في قاعدة عملائها من مستخدمي شبكة النطاق العريض، ثم بدأت تحقق سيولة نقدية، قد يدعم ذلك تدفقات توزيعات الأرباح القوية والعوائد السريعة. ليس من المفاجئ أن هويتجز أخبر "فاينانشال تايمز" أن الخيارات المتاحة أمامه تتضمن زيادة حيازاته من "بي تي" أو عقد شراكة مع مساهم كبير آخر.

شركات الأسهم تبحث عن الفتات في صفقات قطاع الاتصالات الأوروبي

بالطبع سيواجه ارتباط متكامل بين "دويتشه تيليكوم" و"بي تي" أيضاً تدقيقاً يتعلق بالأمن القومي في المملكة المتحدة. ستُعتبر أي صفقة فعلياً شراكة سياسية، نظراً إلى أن الحكومة الألمانية هي المساهم الرئيسي في "دويتشه تيليكوم". من حيث كونها صفقة عابرة للحدود، فإنّ ماهية الوفورات أبعد ما تكون عن الوضوح.

حتى لو ظل الحصول على أسهم "بي تي" مدعاة للندم، يمكن لهويتجز الاعتراف بذلك. فإن المكاسب التي تحققت في الولايات المتحدة تفوق تداعيات الاعتراف بخطأ الاستثمار في المملكة المتحدة.

تفوّق في الولايات المتحدة

أظهرت "تي-موبايل أميركا" (T-Mobile US)، التي تملك الشركة الألمانية قرابة نصفها، أداءً متفوقاً. كما تُعَدّ "دويتشه تيليكوم" إحد أفضل الاستثمارات في مجال الاتصالات على مستوى العالم خلال عهد هويتجز، وما يجعل ذلك أكثر إبهاراً هو أن الشركة كانت ضخمة منذ البداية.

لكن إن أراد هويتجز الاندماج مع "بي تي" بشكل كامل، يجب أن يكون ذلك مبنياً على أكثر من مجرد حدسه أنها صفقة زهيدة الثمن. وسيكون عليه توضيح منطق واضح خاص بهذا القطاع. بخلاف ذلك، سيكون تصرفه أشبه بتصرف مدير صندوق استثماري من جديد.