العودة إلى الفحم كبدت العالم ثمناً فادحاً في أزمة المناخ

لم يتبقَّ سوى 7 سنوات فقط على هدف خفض الانبعاثات بنسبة 45% من مستوياتها المسجلة في 2010

عمال يحملون قطعاً من الفحم في ساحة بالقرب من منجم للفحم في سونبادرا بولاية أوتار براديش، الهند
عمال يحملون قطعاً من الفحم في ساحة بالقرب من منجم للفحم في سونبادرا بولاية أوتار براديش، الهند المصدر: غيتي إيمجز
 Lara Williams
Lara Williams

Lara Williams manages Bloomberg Opinion's social media channels.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في عصر يتسم بكثرة الأخبار السيئة عن المناخ وتسارع وتيرتها، جاء أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على المستوى العالمي بقليل من الأخبار الإيجابية على الأقل.

سأذكر أولاً الأخبار السلبية: إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من إنتاج واستهلاك الطاقة، إلى جانب العمليات الصناعية على مستوى العالم، ارتفع 0.9% إلى 36.8 غيغا طن في 2022. وتُعَدّ هذه زيادة أصغر مما كان يُخشى في البداية، لكنها بمثابة مكسب بسيط، إذ إنها تمثل أعلى مستوى على الإطلاق.

ساهمت عوامل عدة في هذه الزيادة، بما فيها الطقس القارس، والمفاعلات النووية غير المتصلة بشبكة الكهرباء، والأحداث الجيوسياسية. ونتجت أكبر زيادة في الانبعاثات عن توليد الكهرباء والتدفئة.

عندما تسببت الحرب في أوكرانيا في اضطراب إمدادات الغاز الطبيعي، تحوَّل بعض الدول، ومن بينها الهند وإندونيسيا، إلى البديل الأقل ثمناً، وهو الفحم.

أخبار جيدة رغم زيادة الانبعاثات

الانبعاثات الناتجة عن توليد الكهرباء باستخدام الفحم على مستوى العالم زادت 2.1%، أو 224 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

وفي كل القطاعات، كان الوقود مسؤولاً عن إطلاق كَمّ قياسي من ثاني أكسيد الكربون، بلغ 15.5 مليار طن في الغلاف الجوي، كما تخطت الزيادة البالغة 1.6% متوسط معدل النمو السنوي خلال العقد الماضي بكثير.

لماذا يُعَدّ الوصول إلى ذروة الانبعاثات بداية معركة المناخ؟

والآن نأتي إلى الأخبار الجيدة، إذ إنَّ استخدام موارد طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وغيرها من وسائل التكنولوجيا النظيفة مثل المضخات الحرارية والمركبات الكهربائية، حال دون وصول نحو 550 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي. ولولا النمو في موارد الطاقة المتجددة لكانت الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستبلغ قرابة 2.3%.

هناك ما يثير الحماسة بشأن القدرة على تحديد حجم التأثيرات الإيجابية للتكنولوجيا التي نعقد آمالنا عليها منذ فترة، ومن المقرر أخيراً أن نبدأ في 2025 تخفيف حدة الانبعاثات الناتجة عن استهلاك الوقود الأحفوري، وفقاً لشركة الأبحاث في مجال الطاقة "رايستاد إنيرجي" (Rystad Energy).

حان وقت العمل

لكن لم يَحِن بعدُ وقت التصفيق. فأولاً، علينا التفكير في استخدام الأراضي كأحد مصادر الانبعاثات، كما كتب زميلي دايفيد فيكلينغ.

ولوضع الهدف الذي حدده اتفاق باريس، البالغ 1.5 درجة مئوية، نُصْبَ أعيننا، لا بد أن نشهد خفض الانبعاثات على مستوى العالم بنسبة 45% من مستوياتها في 2010 بحلول 2030.

الأنظار تتجه إلى "كوب 27".. ماذا بعد وصول الاحترار إلى 1.5 درجة؟

وبما أنه لم يتبقَّ سوى 7 سنوات فقط، فنحن الآن عند مستويات أعلى من تلك التي شهدناها في 2010 بنحو 13%. إذا نظرنا إلى الصورة بأكملها، فإنّ حجم الانبعاثات التي جرى تفاديها، وتبلغ بضع مئات الملايين من الأطنان، لا يُعتَدّ به.

على الرغم من أن الاستخدام الشائع للفحم محبط للغاية، فإنّ هناك مزيداً من الأخبار الإيجابية. كان الاتحاد الأوروبي مركز أزمة الطاقة التي ولّدتها الحرب الروسية في أوكرانيا. وعانت دول الاتحاد من موجة جفاف شديدة أيضاً، حدّت من توليد الطاقة الكهرومائية.

تحوّل يُعتَدّ به

ومع إغلاق عديد من المفاعلات النووية بغرض صيانتها، تراجع إنتاج فرنسا من الطاقة النووية إلى أدنى مستوياته خلال 30 عاماً.

لكن رغم كل هذه الصعاب فإنّ الاتحاد الأوروبي شهد تراجعاً قدره 2.5% في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ورغم الشتاء المعتدل فإنّ استخدام التكنولوجيا النظيفة، وتغيير المواطنين الذين يخفضون استخدامهم للكهرباء لسلوكياتهم، كانا وراء جزء كبير من هذا التحوّل.

بالطبع ما نراه هنا هو الفجوة بين الدول التي بمقدورها تحمّل تكلفة التخلص من الكربون، وتلك التي لا تستطيع تحقيق ذلك. لم تستطِع الاقتصادات الناشئة في آسيا الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

استهلاك الفحم يتجه إلى تحقيق رقم قياسي جديد هذا العام

وبمجرد أن أصبح الحصول على الغاز صعب المنال، واجهت هذه الاقتصادات خياراً من اثنين: إما استهلاك الفحم، وإما العيش من دون كهرباء. في تلك الأثناء، كانت أوروبا تمتلك القدرة على تخزين الغاز واستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع معاً.

التحدي الذي نواجهه

يُظهِر نجاح الاتحاد الأوروبي في خفض الانبعاثات أنه من الممكن تخفيف حدة أي أزمة بطرق نظيفة وصديقة للبيئة ومستدامة.

التحدي الآن هو تسريع وتيرة الزخم وراء هذه التغيرات السلوكية، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، لكنه في الوقت ذاته بمثابة تذكرة بأن الأمر لن يكون ذا قيمة إن لم نساعد الدول الأقل ثراءً هي الأخرى في الحصول على مزيد من تمويل واستثمارات المناخ.