ماذا يعني وجود جهة تنظيمية مالية جديدة بالنسبة لـبنك الشعب الصيني؟

الصين أجرت تغييرات شاملة لضبط النظام الرقابي المالي تضمنت إنشاء هيئة قوية

بنك الشعب الصيني في بكين
بنك الشعب الصيني في بكين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تؤدي التغييرات الشاملة التي تجريها الصين لضبط النظام الرقابي المالي إلى فقدان البنك المركزي لبعض وظائفه لصالح هيئة إشراف جديدة وموسعة، ليركز على إدارة الاستقرار الاقتصادي والمالي الأوسع نطاقاً.

من المرتقب استيعاب أنشطة هيئة الرقابة المصرفية والتأمين في مكتب جديد - إدارة تنظيمية مالية وطنية - للإشراف على جميع القطاعات المالية باستثناء صناعة الأوراق المالية، وفقاً لخطة صدرت عقب انعقاد المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني أمس الثلاثاء.

بموجب خطة الإصلاح، لن يتولى بنك الشعب الصيني بعد الآن الإشراف على الشركات المالية القابضة والحماية المالية للمستهلكين.

اقتصاد الصين يحقق نمواً بـ4.4% على الأقل في 2022

ما يحدث في الصين يضاهي نموذجاً تنظيمياً مطبّقاً في أستراليا، والتي لديها ثلاث هيئات منفصلة تشرف على النظام المالي. في الواقع، قال أحد مستشاري بنك الشعب الصيني عام 2018 إنه يستلهم تجربة أستراليا وكذلك المملكة المتحدة أثناء تشكيل إطاره التنظيمي.

فيما يلي بعض النقاط الرئيسية للإصلاح الحكومي وما يعنيه ذلك بالنسبة للبنك المركزي:

نمذجة نظام أستراليا

قال شينغ جاوبينغ، كبير المحللين الاستراتيجيين المتخصصين في شؤون الصين لدى "أستراليا أند نيوزيلندا بانكينغ غروب" إن التغييرات التي أُعلن عنها، الثلاثاء، ستجعل نظام الصين أقرب ما يكون إلى النظام الأسترالي.

بموجب هذا النموذج، فإن بنك الاحتياطي الأسترالي مسؤول عن إدارة السياسة النقدية، والعمل للحفاظ على نظام مالي قوي وإصدار عملة الدولة، كما تتولى لجنة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية تنظيم عمل الشركات والأسواق والخدمات المالية في البلاد، وتشرف هيئة التنظيم الاحترازية الأسترالية على البنوك وشركات التأمين وصناعة المعاشات التقاعدية.

رأي خبراء " بلومبرغ إيكونوميكس"

"توفر هذه الخطوات مهاماً وحدوداً واضحة للمؤسسات التي تنظم القطاع المالي. في هذا الصدد، يزيل الهيكل الجديد الفجوات والتداخلات التنظيمية.

ديفيد كو المتخصص في متابعة شؤون الاقتصاد الصيني

أبقت بكين على لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، التي تشرف على أسواق الأوراق المالية والعقود الآجلة، لتكون بمثابة هيئة قائمة بذاتها.

ستشرف الجهة التنظيمية المالية الجديدة المُعززة لسلوك السوق على المستوى الجزئي والمؤسسات المالية وحقوق المستهلك، في حين سيتولى بنك الشعب الصيني إدارة المخاطر على المستوى الكلي، أو على مستوى النظام والاستقرار المالي من خلال مهمة التحوط الكلي.

مع ذلك، فإن تقسيم العمل غير واضح المعالم تماماً على غرار أستراليا. سيظل بنك الشعب الصيني مسؤولاً عن الإشراف على سوق السندات بين البنوك في الصين، والتي تمثل ما يقرب من 90% من السندات المحلية، وشهدت تدفق الاستثمارات الأجنبية في السنوات الأخيرة.

ماذا يحمل التغيير المحتمل لقيادة البنك المركزي الصيني؟

قال جون ياسودا الأستاذ في جامعة جونز هوبكنز والمتخصص في الحوكمة التنظيمية بالصين: "إن إعادة التنظيم من شأنها تحسين الأداء، لكنها لن تحل مسائل الغرف المنعزلة والصراع بين الوكالات".

بنك مركزي أكثر تنظيماً

يعتزم بنك الشعب الصيني خفض عدد فروعه على مستوى المقاطعات، والتي سيتم استيعابها في الفروع على مستوى المدينة، حسب تقرير يوم الثلاثاء. كما يلغي البنك مجموعة من الفروع التي يشرف كل منها على العمل في مقاطعات متعددة، وبدلاً من ذلك سيؤسس 31 فرعاً على مستوى الأقاليم إلى جانب خمسة فروع منفصلة في المدن بما في ذلك شينزن.

التغييرات في الفروع الإقليمية تعكس خطة هيكلة تم وضعها في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، بعد الأزمة المالية الآسيوية، حسب بروس بانغ، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في شركة "جونز لانغ لاسال" (Jones Lang LaSalle Inc).

وتم إنشاء بعض الفروع عبر المقاطعات في ذلك الوقت لتجنب نشوب النزاعات مع الحكومات على مستوى المقاطعات.

قال "بانغ" إنه مع زيادة مركزية إدارة السلطات المحلية، فهذا يعني أن هناك حاجة أقل للفروع عبر الأقاليم، التي يمكنها تسهيل تنفيذ السياسات بشكل أفضل.

الصناديق العالمية تنظر بتفاؤل لتعزيز وجودها في الصين

يشير التجديد إلى أن "السياسة النقدية المستقبلية ستكون أكثر استهدافاً وتحديداً لكل منطقة"، حسبما كتب محللون لدى "إيه إن زد" (ANZ) في تقرير اليوم الأربعاء. أشار المحللون إلى أن الزيادة السريعة في استخدام بنك الشعب الصيني للأدوات النقدية الهيكلية- مثل برامج إعادة الإقراض التي تشجع منح القروض المصرفية لقطاعات مثل الابتكار التكنولوجي- دفعت بنك الشعب الصيني إلى العمل بشكل وثيق مع الحكومات المحلية.

منح تركيز أكبر على التحكم في المخاطر

قال دنكان ريجلي كبير المتخصصين في شؤون الاقتصاد الصيني لدى "بانثيون ماكروايكونوميكس" ( Pantheon Macroeconomics Ltd)، إن الإصلاحات التنظيمية "ستغلق فرص المراجحة بين الجهات التنظيمية" مثل شركات التمويل عبر الإنترنت التي تؤدي وظائف مصرفية فعلية مثل الإقراض، في ظل اشتراطات رأس مال أقل بكثير من البنوك.

شركة "آنت غروب" مثال على ذلك، حيث أوقف المنظمون الصينيون الطرح العام الأولي القياسي المحتمل للشركة في اللحظة الأخيرة خلال 2020، وسارعوا إلى إصدار قواعد جديدة لتنظيم نشاط شركات الإقراض عبر الإنترنت بما في ذلك "آنت".

قال "ياسودا":" هناك شعور متزايد بأن النظام الرقابي المجزأ يسمح لبعض المنتجات المالية بعدم تحقيق أهدافها".

"آنت" تحصل على أكبر قرض مستدام في آسيا قدره 6.5 مليار دولار

أضاف أن لجنة الاستقرار المالي والتنمية- وهي هيئة تنظيمية تأسست في إطار مجلس الدولة خلال 2017 بقيادة نائب رئيس الوزراء ليو هي - تم تصميمها لتلعب دوراً تنسيقياً في ضبط النظام المالي. مع ذلك، فإن التغييرات تشير إلى أن "قوى ضبط عمل مؤسسات التنظيم المالي تتمتع ببعض التفوق".

بعض الأمور كما هي من دون تغيير

يظل بنك الشعب الصيني تابعاً لمجلس الدولة، أي مجلس الوزراء الصيني، وأهدافه- وفقاً للقانون- تتمثل في إرساء قواعد السياسة النقدية وتنفيذها وكذلك منع المخاطر المالية تحت قيادة مجلس الدولة.

على عكس البنوك المركزية التي تتمتع بالاستقلال في معظم الاقتصادات المتقدمة، يحتاج بنك الشعب الصيني إلى نيل موافقة مجلس الدولة بشأن خطوات السياسة النقدية الرئيسية مثل إدخال تعديلات على أسعار الفائدة وعرض النقود.

في حين أن هناك بعض المجال لإدارة السيولة النقدية وفقاً لتقديره، يظل استقلال مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي أو على غرار بنك الاحتياطي الأسترالي اقتراحاً بعيد المنال.

قال "ريجلي" إن إصلاح عمليات الجهات التنظيمية "سيجعل بنك الشعب الصيني أكثر تركيزاً على تنفيذ السياسة النقدية، وبالتالي أقرب إلى المعايير الدولية"، "لكنه تحت قيادة مجلس الدولة، وفي هذا الصدد، يختلف كثيراً عن البنوك المركزية المستقلة في معظم الاقتصادات المتقدمة".