لهذه الأسباب.. تغير المناخ هو الخطر الأكبر على تطور البشرية

تراجع مؤشر التنمية في العامين الماضيين بسبب الاحتباس الحراري

شاطئ المحيط بعد عاصفة أمطار، سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، الثلاثاء، 5 يناير 2023.
شاطئ المحيط بعد عاصفة أمطار، سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، الثلاثاء، 5 يناير 2023. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بقلم: أكشات راثي

حصل جدّي في الهند على شهادة التعليم الثانوي قبل بدء حياته المهنية في مصنع. ودرس أبي الهندسة وبدأ مشروعاً صغيراً، أما أنا فتمكنت من الحصول على درجة الدكتوراه في الكيمياء وأعيش في لندن وأعمل لدى شركة متعددة الجنسيات.

تُعد تلك قصة تطور وارتقاء اجتماعي معتادة. مرّ الملايين من أرجاء العالم بنسخة قريبة من هذه القصة، وشهد الكثير تحسن جودة حياة عائلاتهم بشكل كبير في البضعة عقود الماضية. لكن هل تصبح قصة حقيقية للمليارات التي ستولد في كوكب يعاني الاحتباس الحراري؟

التوجهات الحالية ترجح أن تكون الإجابة "لا".

تراجع مؤشر التنمية

بالنظر إلى "مؤشر التنمية البشرية" (Human Development Index) الذي يقيس طول عمر الناس ورفاهيتهم، وتوافر فرص تعليمهم، ومستوى معيشتهم. منذ 1990، اتخذ المؤشر مساراً تصاعدياً، لكنه شهد تراجعين متتاليين في 2020 و2021.

يُلقى باللوم على جائحة كورونا وأضرارها الصحية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، لكن الغازات الدفيئة تتجمع، وقد بدأت بالفعل في إبطاء التقدم. في حوار مع بودكاست "زيرو" صرّح مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، بأن تغير المناخ "حقيقةً هو الخطر الأكبر على مستقبل التنمية، لذا، ينتظرنا سيناريو مظلم إذا لم نتصرف".

خفض الإنفاق الحكومي يشكل تهديداً جديداً للأهداف المناخية

يرى "شتاينر" أن تحديد مفهوم "التنمية" وفقا لمستوى معين من دخل الفرد يُعتبر فكراً قديماً، لكنها، في رأيه، سعي مستمر للتطور الإنساني، ما يعني أن التنمية الآن لا تشمل القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والملبس فقط، لكنها تمتد لتشمل الرعاية الصحية والتعليم والكهرباء، كما تضم ضمان حماية الناس من الأمراض المعدية والكوارث الناجمة عن الطقس السيئ وغيرها من المخاطر الشاملة.

يعني هذا الأمر أن تجنب التغير الكارثي للمناخ أصبح الآن محور أجندة التنمية، وهذا ما يجعل تغير المناخ "الفرصة الأكبر". وفقاً لتصريحات "شتاينر" فإن اتخاذ إجراءات في المشكلة المناخية يعني الابتعاد عن "مسار الصناعات الاستخراجية الملوثة، ومنخفضة القيمة في كثير من الأحيان، والتحول إلى مسار كيفية تنمية اقتصاداتنا".

أهداف التنمية للمناخ

يمكن رؤية التغيير في كيفية تحديد الأمم المتحدة لأهداف التنمية. ففي 2015، حددت الأمم المتحدة في أهداف الألفية للتنمية 8 أهداف، وحددت أهداف التنمية المستدامة التالية 17 هدفاً من المقرر تحقيقها بحلول 2030، وظهرت الإجراءات المناخية بقوة في 6 من هذه الأهداف على الأقل، كما أن تحقيق أهداف عديدة أخرى سيساعد العالم على زيادة قدرته على الصمود في وجه التداعيات المناخية.

انبعاثات الكربون تسجل رقماً قياسياً رغم تراجعها في أوروبا

لهذا السبب تحديداً يتحمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي –ضمن الشبكة المتشعبة لهيئات الأمم المتحدة- المسؤولية عن إنفاق القدر الأكبر من المال على المشروعات المرتبطة بالمناخ.

انصب تركيز البرنامج الإنمائي على استخدام المساعدات الأجنبية للدول الغنية لتحسين المعيشة في الدول الأشد فقراً، لكنه ما زال يتوسع في عمله في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال: الأرجنتين أحد أكبر المتبرعين للبرنامج، مع ذلك؛ تعتمد الدولة ذات الدخل فوق المتوسط على دعم البرنامج لتنفيذ المشروعات المرتبطة بالبيئة والرعاية الاجتماعية.

قال "شتاينر": "تغير المناخ هو أحد عواقب اتخاذ ملايين القرارات" كل يوم، لذلك يضع البرنامج الإنمائي الأمر في محور كل ما يفعله.

أصبح التفكير في اتخاذ إجراءات سريعة تجاه تغير المناخ مربكاً، وهناك الكثير لتنفيذه والكثير من العوائق، كما أن الحلول تبدو نظرية، سواء ارتبطت بسياسات أو باحتساب كميات الكربون، لكن المجهود هو ما يدعم بناء عالم يمكن فيه للبشر الاستمرار في الازدهار.