بريطانيا تشتبه بتحايل روس على "التدقيق" لغسل أموال منهوبة من أوكرانيا

قطارات في طريقها إلى محطة جسر لندن أثناء إضراب موظفي السكك الحديدية
قطارات في طريقها إلى محطة جسر لندن أثناء إضراب موظفي السكك الحديدية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشتبه الحكومة البريطانية في استغلال مواطنين روس تساهل وكالة تسجيل الشركات في التدقيق بشأن محاولات غسل مكاسب الحرب التي استولوا عليها من أوكرانيا، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

حددت وكالات إنفاذ القانون في المملكة المتحدة عدداً كبيراً من الشركات الوهمية، التي تأسست خلال السنوات الأخيرة على يد أجانب من بلدان مختلفة بهدف غسل الأموال، أو التهرب الضريبي على الأرجح، حسبما قال أشخاص مطلعون طلبوا عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة أمور سرية.

سجّلت مئات الشركات مواطنين روس كونهم من الموظفين لديها، كما تحاول بعض الشركات التي يسيطر عليها الروس استغلال الحرب في أوكرانيا لتحقيق مكاسب مالية، وفقاً لأشخاص على دراية بالأمر.

تساهل في التدقيق

طالما كان الروس بصدارة الأجانب الذين جذبتهم لندن بفضل القواعد المتساهلة التي تسمح لهم بحماية أصولهم في ظل القليل من التدقيق، ورغم ما فرضته المملكة المتحدة من عقوبات واسعة ضد العديد من الشركات والأفراد الروس منذ غزو أوكرانيا، لكن النظام المالي البريطاني، ونتيجة لسنوات من التركيز على جذب الأموال الأجنبية، أصبح مزدحماً بشركات وهمية وهياكل مؤسسية غامضة، ما يعرقل جهود فرض قيود على المصالح الروسية.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يُقر عقوبات جديدة على روسيا

تعمل الحكومة البريطانية على تعزيز القوانين ذات الشأن، بهدف إعادة هيكلة وكالة تسجيل الشركات وتضييق الخناق على الجرائم المالية، حيث قدمت مشروع قانون الجرائم الاقتصادية وشفافية الشركات إلى البرلمان في 22 سبتمبر الماضي، والذي يهدف إلى زيادة صلاحيات وكالة تسجيل الشركات بما يسمح لها بالكشف عن مؤسسي الشركات والتحقيق في أي احتيال مشتبه.

تقول الحكومة إن لديها بعض أفضل ضوابط مكافحة غسل الأموال حول العالم، وإن القانون الجديد سوف يساهم في تضييق الخناق على آلاف الشركات المسجلة في المملكة المتحدة، التي يتم استخدامها لتسهيل غسل الأموال والاحتيال وتمويل الإرهاب وشراء الأسلحة غير المشروعة.

شركات وعناوين وهمية

ذكرت السلطات البريطانية أن إحدى الشركات المشتبه بها، شركة عنوان مكتبها في لندن، ومُسجلة ضمن شركات الشحن بصفتها مالكة لإحدى ناقلات الحبوب، حسبما قال الأشخاص المطلعون، الذين أشاروا إلى الاشتباه في نقل السفينة لحبوبٍ من أوكرانيا بطريقة غير مشروعة في انتهاك للعقوبات الدولية. وتظهر بيانات عامة سفر السفينة خلال الأشهر الأخيرة عدة مرات عبر البحر الأسود.

اقرأ أيضاً: صادرات القمح الروسي تتضاعف عن مستويات ما قبل الحرب

أظهرت بيانات الشركة تسجيل 3 موظفين حاليين وسابقين لدى وكالة تسجيل الشركات، وجميعهم من المواطنين الروس ممن لديهم عناوين سكنية في روسيا، بينما لا يوجد لديهم أو للشركة أي نشاط ملحوظ في لندن.

ناقش الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الشركة ضمن الإجراءات الأخيرة، وفقاً لوثائق اطلعت عليها بلومبرغ، لكن الشركة حُذفت من القائمة المقترحة قبل إقرارها خلال المفاوضات بين الدول الأعضاء.

تكشف الوثائق أن عنوان الشركة في لندن، كان نفس عنوان تسجيل مواطنين روس أخرين لعدد من الشركات لم يكن لها هي الأخرى أية أنشطة في بريطانيا، من بينهم موظف بوزارة الشؤون الداخلية الروسية، يسكن في شقة سكنية وسط موسكو، حسب البيانات المدرجة في وكالة تسجيل الشركات البريطانية.

تكلفة تأسيس رخيصة

قال متحدث باسم وكالة تسجيل الشركات: "نعلم بإساءة استخدام تسجيل الشركة في دعم نشاط غير مشروع"، بينما رفض الإجابة عن أسئلة حول شركات الأفراد، وأضاف: "عندما نشتبه في نشاط إجرامي نُحيل الأمور إلى وكالات إنفاذ القانون ونعمل معها عن قُرب لدعم التحقيقات".

اقرأ أيضاً: صائدو الأصول في لندن يعملون على توسيع العقوبات ضد روسيا

قال أوليفر بولو، الكاتب وخبير الجرائم المالية، الذي كتب سلسلة من الكتب عن التهرب الضريبي وغسل الأموال في بريطانيا، إن آلاف المجرمين أسسوا شركات في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة لأن تكاليف التأسيس رخيصة هناك، إضافة إلى التساهل بشأن تدقيق المعلومات التي يتعين عليهم تقديمها، كما أن تأسيس الشركة في بريطانيا يضفي عليهم مزيداً من التقدير.

وأشار بولو إلى استخدامهم حسابات مع بنوك بريطانية رقمية، أو حسابات في الخارج لغسل الأموال. وأضاف بأن خبرته في تتبع الأنشطة غير المشروعة تجعله "على يقين أن الشركات البريطانية التي أسسها أجانب قبل عدة سنوات متورطة الآن في نهب أوكرانيا".

يستخدم المجرمون الشركات البريطانية لتحويل مبالغ كبيرة من الأموال للبلاد وإبقائها هناك عدة سنوات. وقبل أن يضطروا إلى تقديم حسابات إلى وكالة تسجيل الشركات، ينقلوها من جديد، أو يقدموا حسابات مغلوطة لا تفصح عن الأصول الحقيقية التي تحتفظ بها الشركة، حسبما قال شخص مطلع على تحقيقات وكالات إنفاذ القانون البريطانية المتخصصة في مكافحة غسل الأموال.