أهمية مؤشر أسعار المستهلك تتراجع مؤقتاً أمام الأزمة المصرفية

مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة
مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم تعد قراءة معدل التضخم هي الحدث الأهم في الأجندة الاقتصادية الذي يسبق اجتماع تقرير السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في شهر مارس الجاري، إذ إنَّ الاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي حالياً تطغى على قراءة مؤشر أسعار المستهلك يوم الثلاثاء.

أصبح مصرف "سيليكون فالي بنك" يوم الجمعة الماضي يمثل أكبر حالة إفلاس في بنوك الولايات المتحدة منذ عشرة أعوام بعد أيام فقط من إعلان شركة "سيلفرغيت كابيتال كورب" (Silvergate Capital Corp) عن إغلاق بنكها. وفي يوم الأحد، استحوذت هيئة تنظيم قطاع المال في ولاية نيويورك على مصرف "سيغنتشر بنك" (Signature Bank)، ودفعت هذه الانهيارات بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إطلاق برنامج جديد للطوارئ يهدف إلى دعم البنوك. لذلك لم يعد مستوى التضخم الآن على رأس اهتمامات المستثمرين.

قال ستيف سوسنيك، رئيس الاستراتيجية في شركة "إنتراكتيف بروكرز" (Interactive Brokers): "إنَّ الإحصاءات العادية - حتى شديدة الأهمية منها مثل مؤشر أسعار المستهلك – تراجعت إلى الخلفية أمام الأزمة المصرفية".

إعادة تقييم سعر الفائدة

هذه الأحداث تدفع المتعاملين إلى إعادة تقييم حجم ووتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي لترويض معدل التضخم.

قال دانيال إيفاسين من شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management) يوم الإثنين إنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يوقف زيادة أسعار الفائدة في أقرب وقت هذا الشهر، في حين قال الاقتصاديون في "غولدمان ساكس غروب" إنَّهم لم يعودوا يتوقَّعون أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة في اجتماعه في مارس.

هل يرفع "الفيدرالي" الفائدة بأقل من المتوقع وسط أزمة المصارف؟

قال مات ميسكين، الرئيس المشارك لاستراتيجية الاستثمار في شركة "جون هانكوك إنفستمنت مانجمنت" (John Hancock Investment Management) لإدارة الاستثمار: "إنَّ مثل هذه المشكلات الهيكلية، ومنها احتمال تدفق المودعين إلى سحب أموالهم من أحد البنوك أو أي أزمة تتعلق بالسيولة، ستحل محل البيانات الاقتصادية في المدى القريب"، مضيفاً أنَّه قبل أيام قليلة من اندلاع الاضطرابات في القطاع المصرفي، ألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أنَّ البنك المركزي قد يرفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 50 نقطة أساس في اجتماعه المقبل.

تصريحات تجاوزها الزمن

تلك التصريحات تبدو الآن قديمة تجاوزها الزمن، إذ لا يرجح أن يتبنى البنك المركزي الآن موقفاً متشدداً، وقد انخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 18 نقطة أساس يوم الإثنين في نيويورك إلى 3.52%، بعد خسارتها 20 نقطة أساس يوم الجمعة. وفي الوقت نفسه، تراجع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين يوم الإثنين بما يقرب من 60 نقطة أساس إلى 3.99% عند لحظة معينة.

غير أنَّ بعض مراقبي السوق يقولون إنَّ كل ذلك مؤقت، وسيعود الاهتمام قريباً إلى مراقبة معدل التضخم.

قالت سيلفيا جابلونسكي، الرئيسة التنفيذية ورئيسة قسم المعلومات في صندوق "ديفايانس إي تي إفس" (Defiance ETFs)، إنَّ مشاكل التضخم والنشاط الزائد في سوق العمل ما زالت قائمة برغم الأحداث الأخيرة التي يمكن أن تؤثر تأثيراً انكماشياً من حيث كونها تمحو جزءاً من رأس المال من النظام المصرفي.

أضافت جابلونسكي: "من المرجح أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي مساره بزيادة أسعار الفائدة مرة أخرى. وربما يحدث تباطؤ للاقتصاد، أو يتوقف مؤقتاً في وقت أقرب، لكنَّني لا أعتقد أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من مهمته، أو أنَّ رفع أسعار الفائدة لم يعد مطروحاً، بغض النظر عن قراءة مؤشر أسعار المستهلك".

قالت جوان بيانكو من شركة "بوند بلوكس إنفستمنت مانجمنت" (BondBloxx Investment Management) لبرنامج "إي تي إف آي كيو" على تلفزيون "بلومبرغ": إنَّ مؤشر أسعار المستهلك "سيعود إلى صدارة المشهد في وقت قريب بما فيه الكفاية، ولكن ربما يجري تجاهله في الوقت الحالي".