روسيا تحتفظ بـ80 مليار دولار من مواردها في أصول خارجية خلال عام من العقوبات

الأموال المخفية بالخارج تلعب دور "احتياطيات الظل" وتساعد في توفير موارد لموسكو

سيارة شرطة بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل في الساحة الحمراء في موسكو، روسيا
سيارة شرطة بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل في الساحة الحمراء في موسكو، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تمكنت روسيا من أن تحتفظ في الخارج بنحو ثلث المكاسب المفاجئة التي حققتها من صادرات السلع، والبالغة 227 مليار دولار، ما يمكن أن يشكل مصدر توتر جديد محتمل، حيث تتطلع الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تشديد العقوبات ضد موسكو بسبب غزوها أوكرانيا.

يتوزع هذا الجزء من المكاسب والبالغ 80 مليار دولار تقريباً، على شكل سيولة نقدية وعقارات واستثمارات في شركات تابعة في الخارج، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".

تلعب الأموال المخفية في الخارج دور احتياطيات الظل، وهي ناتجة عن فائض في الحساب الجاري القياسي -وهو الفارق بين الصادرات والواردات- الذي ساعد في توفير الموارد المالية لموسكو منذ هجومها على أوكرانيا في فبراير 2022.

الكرملين يجمع الفوائض في حسابه الجاري

قالت ماريا شاغينا، الخبيرة الاقتصادية لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومقره المملكة المتحدة: "نظراً لتأخر أوروبا في استهداف قطاع الطاقة الروسي، تمكّن الكرملين من تكديس أحد أكبر فوائض الحساب الجاري في تاريخه".

أضافت: "في الواقع، أبطل ذلك تأثير تجميد أصول البنك المركزي في مارس 2022، حيث تمكنت روسيا من تعويض ما خسرته".

يمكن أن تصبح أي مكاسب جديدة تتراكم في الخارج، هدفاً مغرياً بالنسبة إلى خصوم روسيا، خصوصاً إذا كانت الأموال خاضعة لسيطرة الدولة.

تمتلك الحكومة الروسية حصصاً في العديد من أكبر شركات التصدير في البلاد، والتي لعبت دوراً بارزاً في تحقيق المكاسب المفاجئة خلال العام الماضي. لكن يبقى السؤال حول مآل هذه الأموال، ومن يسيطر عليها، لغزاً أكبر.

الاتحاد الأوروبي يتعثر في بحثه عن أصول المليارديرات الروس المُخبأة

عبر تكديس الأصول العالمية في العام الماضي، رفعت روسيا فائض الحساب الجاري بما يناهز 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى قريب من المتوسط في الفترة بين 2009 إلى 2013 عندما صعدت أسعار النفط وكانت التدخلات في سعر الصرف محدودة من جانب البنك المركزي الروسي.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

"مراكمة الأصول الدولية كانت قسرية وليست متعمدة، إذ دفعت العقوبات الروس إلى خفض الواردات، في حين عزّزت أسعار السلع الصادرات. وإذا كان هناك ثمة شيء، فهو أن الحكومة الروسية خففت اللوائح للمساعدة في زيادة الواردات التي تحتاج إليها لتحقيق الاستقرار في معدل التضخم محلياً، بدلاً من تحفيز الشركات على بناء أصول أجنبية".

_ ألكسندر إيزاكوف، محلل متخصص في شؤون الاقتصاد الروسي

ما مصير الأموال الروسية في الخارج؟

يتزايد التركيز على مصير الأموال الروسية في الخارج، إذ تطرح الدول الداعمة لأوكرانيا، مثل كندا وألمانيا، فكرة استخدام المليارات من الأصول الروسية المجمدة لتعويض كييف ومساعدتها في جهود إعادة الإعمار.

بالنسبة إلى الحكومة، تمثل الأصول المتراكمة في الخارج مورداً يمكن الاستفادة منه عن طريق فرض ضرائب غير عادية على المصدرين، حسب ألكسندر نوبل من أكاديمية التجارة الخارجية الروسية التي تديرها الدولة.

المليارديرات الروس فقدوا 67 مليار دولار من ثرواتهم منذ غزو أوكرانيا

قال نوبل: "يمكن تحويل (احتياطيات الظل) رسمياً لصالح الدولة بطرق عدة"، مرجحاً أن تجذب الأموال في الخارج مزيداً من الاهتمام، كونها هدفاً محتملاً للعقوبات، لا سيما في ظل تراجع اعتماد الاتحاد الأوروبي على إمدادات الطاقة الروسية.

القيود تمنع روسيا من الوصول إلى احتياطياتها

القيود غير المسبوقة التي فُرضت على البنك المركزي الروسي العام الماضي، منعته من الوصول إلى نحو 300 مليار دولار من احتياطياته، لتصبح أمامه خيارات قليلة للاستثمار بخلاف اليوان والذهب.

كما جرى تجميد أصول رجال الأعمال الروس الخاضعين للعقوبات في بعض الدول الغربية، ما تركهم في حالة من الغموض.

مع انخفاض أسعار السلع وسريان القيود الجديدة على صادرات النفط مؤخراً، انخفض فائض الحساب الجاري بشكل حاد. يتوقع المركزي الروسي أن يبلغ الفائض 66 مليار دولار خلال 2023، وأن يصل إلى 48 مليار دولار في عام 2024، ومن ثم 41 مليار دولار في عام 2025.

حتى إذا كان بمقدور الحكومات الأجنبية تحديد ملكية الأموال الروسية الجديدة في الخارج وربطها بالدولة، فمن المرجح أن يكون الإجمالي أقل من التقديرات الرسمية.

مبالغة في تقدير الاستحواذات الروسية الخارجية

في الوقت الذي يقول فيه البنك المركزي الروسي إن صافي استحواذ روسيا على الأصول الأجنبية في العام الماضي بلغ 107 مليارات دولار، تقدّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أن الرقم من المرجح أن يكون مبالغاً فيه بنحو 21 مليار دولار.

قامت تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس" على تعديل الرقم الإجمالي بعد احتساب الإنفاق السياحي ومشتريات أسطول الظل من ناقلات النفط والتدفقات الخارجة المتعلقة بفتح الروس حسابات في البنوك الأجنبية.

تشوه مثل هذه التحويلات المصرفية، البيانات، لأنها تظهر باعتبارها زيادة في الأصول الأجنبية، ولكنها تمثل بدلاً من ذلك إعادة توجيه للواردات.

ودائع الروس في البنوك الخارجية ترتفع إلى أعلى مستوياتها في 4 سنوات

قال سيرغي غورييف، الخبير الاقتصادي الذي كان مستشاراً للحكومة الروسية، لكنه فرّ لاحقاً إلى باريس، حيث يعمل الآن رئيساً لمعهد الدراسات السياسية في باريس "ساينس بو" (Sciences Po): "تكديس روسيا للاحتياطيات المخفية أمر محتمل تماماً، والسؤال الرئيسي هو إلى أي مدى ستكون هذه الاحتياطيات كافية لتمويل عجز الموازنة في العام الجاري".