دورة التشديد تقترب من نهايتها مع هبوط عوائد السندات دون تكلفة الاقتراض

عوائد السندات قصيرة الأجل انخفضت بين البنوك في معظم اقتصادات الدول المتقدمة

بخار يتصاعد فيما يعبر أحد المارة شارعاً بالقرب من بورصة نيويورك في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة.
بخار يتصاعد فيما يعبر أحد المارة شارعاً بالقرب من بورصة نيويورك في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعلنت أسواق السندات العالمية أن أكبر دورة تشديد نقدي على مستوى العالم خلال جيل واحد أوشكت على الانتهاء.

انخفضت عوائد السندات القياسية قصيرة الأجل إلى ما دون تكلفة الاقتراض بين البنوك في معظم اقتصادات الدول المتقدمة، كل على حدة، خلال جلسات التداول القليلة منذ انهيار مصرف "سيليكون فالي بنك" (SVB).

قالت إيمي شي باتريك، رئيس قسم استراتيجيات الدخل في مجموعة "بندال" (Pendal Group) في مدينة سيدني الأسترالية: "انخفاض عوائد السندات لأجل عامين إلى ما دون تكلفة الاقتراض بين البنوك، تخبرنا أن دورة رفع أسعار الفائدة ستنتهي، لكنها لا تخبرنا بموعد حدوث ذلك. على مستوى النظام، يشير انهيار (سيليكون فالي بنك) إلى أنه عندما ينتهي التيسير النقدي، تبدأ المشكلات في الظهور".

أوضحت "باتريك" أن عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات قد تنخفض إلى 1% في حالة حدوث ركود اقتصادي.

انخفاض كبير

جاءت عوائد السندات الأميركية لأجل عامين في الطليعة هذا الأسبوع بأكبر تراجع لها منذ ثمانينيات القرن الماضي، إذ هوت بأكثر من نقطة مئوية على مدى 3 أيام، وأخذ المتداولون في حسبانهم خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين خلال 3 أيام. كما انخفضت عوائد السندات للأجل نفسه في كل اقتصادات الدول المتقدمة، باستثناء اليابان، 39 نقطة أساس على الأقل.

ورفع أول انهيار لبنك أميركي منذ 2008 المخاوف من أن تؤدي جهود صانعي السياسات للقضاء على التضخم -وعلى رأسها رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 4.5 نقطة مئوية خلال عام واحد– إلى دخول الاقتصادات في ركود.

الأسواق تتوقع خفض "الاحتياطي الفيدرالي" الفائدة ربع نقطة قبل نهاية العام

كما سرّع انهيار "سيليكون فالي بنك" أيضاً من وتيرة الرهانات على اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، الذي كان من المؤكد، منذ أيام قليلة، أن يشهد رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة على الأقل.

انقسام الآراء

يتوقع "غولدمان ساكس" الآن إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال الاجتماع الذي سيُعقد في 21 و22 مارس الجاري، فيما تتوقع "نومورا سيكيوريتيز" (Nomura Securities) خفض أسعار الفائدة وإيقاف مبيعات السندات. وعلى العكس من ذلك، يقول "بلاك روك إنفستمنت إنستيتيوت" (BlackRock Investment Institute) إن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في دورة التشديد لمحاربة التضخم.

جيروم باول: لم نتخذ أي قرار بشأن تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة

لا يزال المتعاملون في سوق عقود المبادلة يراهنون على رفع أسعار الفائدة إما في مارس أو مايو، ويليها عكس المسار في يونيو. وتعكس العقود توقعات بانخفاض المستوى المستهدف للبنك المركزي إلى نحو 3.9% بحلول نهاية العام، من النطاق الحالي البالغ 4.5% إلى 4.75%.

واستمرت إعادة التسعير في سوق السندات، أمس الثلاثاء، إذ انخفضت عوائد السندات الأسترالية لأجل 3 سنوات 20 نقطة أساس إلى 3.01%، أي ما يقرب من 59 نقطة أساس تحت مستوى بنك الاحتياطي الأسترالي المستهدف لتكلفة الاقتراض بين البنوك. ويُعد ذلك أوسع التخفيضات نطاقاً منذ 2012، حينما كان بنك الاحتياطي الأسترالي يصب تركيزه على خفض أسعار الفائدة.

سوق عقود المبادلة تستبعد رفع أسعار الفائدة

استبعد المتعاملون في سوق عقود المبادلة الآن مزيداً من رفع أسعار الفائدة لبنك الاحتياطي الأسترالي، كما يتوقعون احتمال خفض سعر الفائدة بحلول يوليو.

وانخفضت عوائد السندات الألمانية لأجل عامين 41 نقطة أساس، يوم الإثنين، إلى 2.69%، ما جعلها عوائد السندات لآجال قصيرة الرئيسية الوحيدة التي لا تزال أعلى من تكلفة الاقتراض بين البنوك المقابلة للسندات.

يُعد البنك المركزي الأوروبي الآن هو البنك الرئيسي الذي يميل للتشديد النقدي بين صُناع السياسات على مستوى العالم، وفقاً للمتعاملين في سوق عقود المبادلة، الذين يتوقعون رفع البنك أسعار الفائدة 75 نقطة أساس خلال 6 أشهر. ومع ذلك، يمثل الأمر تراجعاً لوتيرة رفع أسعار الفائدة بواقع النصف، التي شهدها الأسبوع الماضي.

مسؤول بارز: "المركزي الأوروبي" يتجه إلى مزيد من رفع الفائدة

لكن حتى في منطقة اليورو، فإن المسار غير واضح. ويُرجح أن تواجه خطط البنك المركزي الأوروبي لمزيد من رفع أسعار الفائدة بشكل كبير، معارضة أقوى هذا الأسبوع بعد انهيار "سيليكون فالي بنك"، وفقاً لمسؤولين مطلعين على الأمر.

إشارات على ركود اقتصادي وشيك

في الوقت نفسه، لن تكون الخطوة أحادية الاتجاه. وصعدت عوائد السندات الأميركية لأجل عامين مرة أخرى بمقدار 17 نقطة أساس إلى 4.15% في التعاملات بآسيا، بعدما هوت بمقدار 61 نقطة أساس يوم الإثنين.

وأشار الصعود في السندات الأميركية لآجال قصيرة، يوم الإثنين، إلى إعادة حدة المنحنى بشكل كبير، وهي ظاهرة تُعتبر، على نطاق واسع، إشارة على أن الركود الاقتصادي وشيك الحدوث.

ولا يزال الفارق بين عوائد السندات الأميركية لأجل عامين والسندات ذات أجل 10 سنوات معكوساً، لكنه قفز بمقدار 48 نقطة أساس يوم الإثنين، وهي أكبر زيادة منذ يناير 2001، أي قبل شهرين فقط من البداية الرسمية لركود اقتصادي استمر حتى نوفمبر من العام نفسه.