هل يُنفذ "المركزي الأوروبي" تعهده برفع الفائدة 50 نقطة أساس اليوم؟

استقبال الأسواق لجهود إنقاذ "كريدي سويس" تساهم في تحديد قرار سعر الفائدة المُرتقب

كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، في مؤتمر صحفي في فرانكفورت، ألمانيا
كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، في مؤتمر صحفي في فرانكفورت، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحوّلت خطة البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة أخرى اليوم الخميس، إلى موضع تساؤل، في ظل الاضطرابات المصرفية التي بدأت في الولايات المتحدة، لكنَّها أحدثت فيما بعد صدمة على مسافة قريبة من عقر داره.

تركت أزمة "كريدي سويس غروب"، التي أعقبت انهيار "سيليكون فالي بنك"، المحللين أقل يقيناً من أنَّ زيادة الفائدة التي وعد بها البنك المركزي الأوروبي ستتحقق في الواقع. كما قلّص المستثمرون أيضاً رهاناتهم لتقترب الزيادة في رأيهم من 25 نقطة أساس، وهو ما تتوقَّعه "بلومبرغ إيكونوميكس" و"دويتشه بنك" الآن.

"المركزي الأوروبي" يرفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس ويعد بمثلها في مارس

في حين أنَّ مخاوف التضخم لم تختفِ بعد؛ فإنَّ التحدي يكمن في محاربة زيادة الأسعار المرتفعة في وقت يمر الاستقرار المالي بالفعل بمرحلة حرجة. الأمر ذاته ينطبق على الولايات المتحدة، مع فارق أنَّ اجتماع تحديد أسعار الفائدة التالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي سينعقد بعد أسبوع، وبالتالي؛ سيعطي البنك المركزي الأوروبي أول مؤشر عن أثر الأزمة التي يمرّ بها القطاع المصرفي على السياسة النقدية.

الفائدة بين محاربة التضخم والاستقرار المالي

في فترة الصمت التي يلتزم بها صانعو السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي قبل اجتماعات تحديد سعر الفائدة، نصح المسؤولان السابقان في البنك فيتور كونستانسيو ولورنزو بيني سماغي بزيادة تكلفة الاقتراض بمقدار ربع نقطة على الأكثر.

في سياق متصل، تبنّى نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق آلان بليندر الفكرة ذاتها، وقال لتلفزيون "بلومبرغ" إنَّه يرجح الإبقاء على تكاليف الاقتراض دون تغيير هذا الشهر، بسبب العواقب المحتملة على أوروبا في حال فشل بنك "كريدي سويس".

بدأ البنك الوطني السويسري (البنك المركزي) جهود الإنقاذ، حيث قدّم سيولة من خلال تسهيلات قرض مُغطّى. وقال "كريدي سويس" في الساعات الأولى من يوم الخميس إنَّه سيقترض ما يصل إلى 50 مليار فرنك (54 مليار دولار).

قرار البنك المركزي الأوروبي المرتقب صدوره الساعة 2:15 بعد الظهر بتوقيت فرانكفورت، قد يتوقف الآن على كيفية استقبال الأسواق للأخبار. كما سيأخذ صانعو السياسة النقدية أيضاً في الاعتبار التوقُّعات الاقتصادية الفصلية الجديدة لمنطقة اليورو، التي من المقرر أن تُظهر تراجع التضخم الرئيسي بشكل أسرع من السابق حتى مع ثبات مكاسب الأسعار الأساسية.

التضخم الأساسي في منطقة اليورو يتسارع ويباغت "المركزي الأوروبي"

من المنتظر أن تعقد رئيسة البنك كريستين لاغارد مؤتمراً صحفياً في الساعة 2:45 بعد الظهر. وتشير المشكلات المصرفية الأخيرة إلى أنَّه قد لا يتم الإفصاح بشكل واضح عن التوجهات المعتادة بشأن ما يمكن توقُّعه في الاجتماعات اللاحقة، لا سيما أنَّ صانعي السياسة النقدية "الحمائم"، مستعدون بالفعل لمقاومة مثل هذه الإشارات.

أسعار الفائدة

بعد اجتماعه في فبراير، وعد البنك المركزي الأوروبي بزيادة الفائدة على الودائع 50 نقطة أساس لتصل إلى 3% هذا الشهر، قائلاً إنَّه سيقوم بعد ذلك "بتقييم المسار اللاحق" للسياسة النقدية.

مع ذلك؛ فإنَّ المخاطر المصرفية المتزايدة قد توفر أسباباً لرفع تكاليف الاقتراض بنسبة أقل -أو عدم زيادتها على الإطلاق- فضلاً عن إقناع المتشددين بترجيح عدد أقل من زيادات تكلفة الاقتراض المطلوبة في الأشهر المقبلة.

وتجدر الإشارة إلى بدء تفكك التناغم النسبي الذي ساد مجلس المحافظين في البنك المركزي الأوروبي خلال حملة التشديد النقدي الأكثر حدة في تاريخه. فقد تعرّضت التعليقات التي أدلى بها محافظ البنك المركزي في النمسا روبرت هولزمان الأسبوع الماضي -التي دعا فيها إلى إقرار المزيد من الزيادات الكبيرة لرفع الفائدة إلى 4.5% بحلول يوليو- إلى انتقادات شديدة من قبل نظيره الإيطالي إغنازيو فيسكو.

قال فيسكو، حتى قبل ظهور مشكلات "سيليكون فالي بنك": "عدم اليقين مرتفع للغاية، لدرجة أنَّ مجلس المحافظين وافق على اتخاذ القرارات لكل اجتماع على حدة بشكل مستقل، دون توجيهات مسبقة.. لذلك لا أقدّر تصريحات زملائي حول زيادات أسعار الفائدة المستقبلية والممتدة".

كما أنَّ الأمر المثير للاهتمام أيضاً، سيكون عبر التعرّف على وجهة نظر لاغارد في تقليص أسواق المال ورهاناتها على تكاليف الاقتراض. إذ يرى المستثمرون حالياً أنَّ معدل الإيداع سيبلغ ذروته عند نحو 3.1% في النصف الثاني من العام -انخفاضاً من أكثر من 4%- بينما تظل توقُّعات التضخم كما هي.

توقعات التضخم

ستُظهر التوقُّعات المُحدَّثة لمنطقة اليورو، التي تضم 20 دولة، نمواً أبطأ في الأسعار للعامين الحالي والمقبل، إلى جانب تضخم أساسي أقوى الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم هذا الشهر.

ستقدم الترجيحات الأولى (تباطؤ نمو التضخم) دعماً للأقل تشدداً ممن يسعون إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أقل، بينما سيسمح التوقُّع الأخير (تسارع التضخم الأساسي) لنظرائهم الأكثر تشدّداً لمواصلة الضغط من أجل نهج أكثر صرامة.

ومع ذلك؛ فإنَّ إعادة تسعير السوق الأخيرة للرهانات قد تجعل التوقُّعات الأخيرة وكأنَّ الزمن قد عفا عليها حتى قبل نشرها، لأنَّ مثل هذه التنبؤات تمثل مُدخلات مهمة في التوقُّعات.

الاستقرار المالي

سلّط وزراء مالية منطقة اليورو، الذين اجتمعوا يوم الإثنين، الضوء على "إطار العمل التنظيمي القوي للغاية في المنطقة" أثناء نقاشهم بأنَّ تداعيات "سيليكون فالي بنك" ستكون محدودة.

من بين مسؤولي البنك المركزي الأوروبي، لم يبدِ سوى يانيس ستورناراس من اليونان ثقة، قائلاً إنَّه مع زملائه "لا يرون أي تأثير" على بنوك منطقة اليورو.

من المؤكد أنَّ لاغارد ستواجه أسئلة حول ما إذا كانت تجربة "كريدي سويس" في سويسرا المجاورة -حيث خسر سهمه ما يصل إلى 31% يوم الأربعاء- يمكن أن تكون نذيراً لأزمة مالية مكتملة الأركان.

وقد تُسأل أيضاً كيف يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يوازن بين الجهود المبذولة لتحقيق استقرار الأسعار مع الحفاظ على الاستقرار المالي، خاصة أنَّ ارتفاع الفائدة يكشف نقاط الضعف التي تراكمت خلال سنوات من انخفاض تكاليف الاقتراض بشكل قياسي.