أزمة البنوك تضع "المركزي الأوروبي" أمام معضلة في اجتماعه اليوم

بعد أشهر من الترويج لزيادة أسعار الفائدة.. مسؤولو البنك يستعدون لاتخاذ أحد أهم القرارات منذ بدء الاضطرابات المصرفية

تجمعات سكنية قريبة من مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا
تجمعات سكنية قريبة من مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستعد مسؤولو البنك المركزي الأوروبي لاتخاذ أحد أهم القرارات منذ أشهر، إذ سيعلنون حكمهم بشأن اضطرابات السوق التي تتمحور حول مصرف "كريدي سويس غروب"، وما إذا كانت سيئة بما فيه الكفاية لتعطل عملية زيادة أسعار الفائدة التي طال انتظارها.

إذا أقرّ مسؤولو البنك رفعاً للفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية كما سبق لرئيسة البنك كريستين لاغارد أن أشارت إليه للمرة الأولى في ديسمبر الماضي، وهو ما قيل إنه "مرجح للغاية" منذ ما يفوق 10 أيام بقليل، فإنهم بذلك يخاطرون بإصدار قرارات متشددة بعد فوات الأوان في حال تدهور الوضع سريعاً.

يمكن أن يسفر اللجوء إلى زيادة أصغر بمقدار ربع نقطة مئوية، حسبما يتوقع مصرف "دويتشه بنك" و"بلومبرغ إيكونوميكس" في الوقت الراهن، أو حتى أقل من ذلك عن طريق الاستمرار عند المستوى الحالي، عن تأجيل الجهود الرامية لكبح معدلات التضخم المتفاقمة.

اجتماع الخميس

أثناء الاجتماع غير الرسمي قبل إصدار القرار في فرانكفورت، حيث يناقش صناع السياسة النقدية وجهات نظرهم، وفي المناقشات الرسمية اليوم الخميس، يمكنهم بحث نصيحة اثنين من كبار مسؤولي البنك المركزي الأوروبي السابقين بخفض خططهم، علاوة على توقعات المستثمرين التي تبدلت سريعاً أيضاً.

يستطيع مجلس محافظي البنك أيضاً تقييم الأدلة على أن أزمة أسعار المستهلكين التي تنوء بها المنطقة، ما زالت حقيقية تماماً إثر تفاقم ضغوطات الأسعار الأساسية لتبلغ مستوى قياسياً جديداً، حسبما كشفت أرقام التضخم لشهر فبراير الماضي.

نائب رئيس "المركزي الأوروبي": التضخم سيظل مرتفعاً مطلع 2023

تتمثل المفارقة السيئة للغاية في أنه، لا مصرف "سيليكون فالي بنك" في الولايات المتحدة، ولا مصرف "كريدي سويس" في سويسرا -كلاهما يعتبر محور الاضطرابات في الوقت الحالي- يقع داخل نطاق منطقة اليورو. رغم ذلك، فإن البنك المركزي الأوروبي، وليس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والذي من المقرر أن يجتمع الأسبوع المقبل، هو الذي يتوجب عليه القيام بالتحرك الأول تجاه المخاطر الناجمة عن تلك الاضطرابات.

معضلة البنوك المركزية

قال نورييل روبيني، المحلل الذي اشتهر بتعليقاته أثناء الأزمة المالية في 2008 ورئيس مجلس إدارة شركة "روبيني ماكرو أسوشيتس" (Roubini Macro Associates) لتلفزيون بلومبرغ: "نعاني من مشكلات مالية منهجية، لكننا أيضاً نمرّ بموقف لا تزال فيه معدلات التضخم عالية تماماً، وفكرة أن هذا الضغط المالي سيسفر عن هبوط في معدلات التضخم لم تتضح حتى الآن بناء على البيانات الاقتصادية. ولذلك، تواجه البنوك المركزية معضلة".

تتجسد هذه المعضلة أيضاً في أن المستثمرين تبنّوا حلولاً وسطية، وتوقعوا زيادة أصغر لأسعار الفائدة اليوم الخميس، وهي وجهة نظر تتماشى مع وجهة نظر "بلومبرغ إيكونوميكس".

"المركزي الأوروبي" قد يرفع الفائدة إلى 4% مع صعود التضخم

سأل خبراء الاقتصاد، ديفيد باول ومايفا كوزين وجيمي راش، في مذكرة للعملاء، حيث بدأوا يعدلون توقعاتهم: "هل أن (كريدي سويس) أكبر من أن يُسمح بانهياره؟ ربما هو كذلك، لكن ما هو أكيد هو أنه أكبر من أن نتجاهله. لذلك، تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" حالياً أن يكون مجلس محافظي البنك أشد حذراً".

أسعار الفائدة

في وقت مبكر اليوم الخميس، وجّه عضو المجلس التنفيذي السابق في البنك المركزي الأوروبي، لورنزو بيني سماغي -الذي يشغل حالياً منصب رئيس مصرف "سوسيتيه جنرال"– من يخلفوه في منصبه إما بتأجيل زيادة نصف نقطة مئوية أو تقليصها لربع نقطة مئوية. اتفق معه زميله السابق فيتور كونستانسيو، حيث كتب على موقع "تويتر" أن على المسؤولين أن يزيدوا سعر الفائدة 25 نقطة أساس على أقصى تقدير .

يكمن الخطر، بحسب بيني سماغي، في تكرار خطأ وقع فيه البنك المركزي الأوروبي عندما كان يشغل منصبه في 2011، ما يفاقم تكاليف الاقتراض فقط ليضطر إلى التراجع عن هذه الزيادة في وقت مناسب. جاء ذلك تكراراً لموقف آخر مماثل قبل 3 أعوام.

التضخم الأساسي في منطقة اليورو يتسارع ويباغت "المركزي الأوروبي"

قال بوب ميشيل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "جيه بيه مورغان أسيت مانجمنت" لتلفزيون بلومبرغ: "ستكون معدلات زيادة أسعار الفائدة على الأرجح -سواء للبنك المركزي الأوروبي الأسبوع الجاري أو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل- أكبر هفوة منذ زيادة البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة خلال يونيو 2008".

حالات فردية

تتمثل وجهة النظر البديلة في أن الاضطرابات حول حالات فردية للأسهم المصرفية، لا تجسد الموقف المتأزم داخل منظومة منطقة اليورو، وأنه ليس من المفترض أن يبالغ المسؤولون في ردة فعلهم. تتفق مع وجهة النظر هذه، غيرترود تومبيل غوجيريل، وهي عضو سابق أيضاً في فريق صناعة السياسة النقدية لدى البنك المركزي الأوروبي.

قالت تومبيل غوجيريل في مقابلة: "يمثل (كريدي سويس) مشكلة واحدة، ومسألة تتعلق بمشكلة مصرفية، كما إنه أيضاً ليس بنكاً في منطقة اليورو، وتوجد حالة من عدم اليقين بسبب مشكلة مصرف (سيليكون فالي بنك) في الولايات المتحدة، ولكن هذه أيضاً مشكلة تنظيمية بطريقة كبيرة، وأعتقد أنه ينبغي أن يميز أي شخص الفارق بين جهود التصدي لمعدلات التضخم المرتفعة، والمشكلات التنظيمية".

سيصدر القرار عند الساعة 2:15 مساء اليوم الخميس بتوقيت فرانكفورت، وسيعقبه مؤتمر صحفي لرئيسة البنك كريستين لاغارد.