أزمة المصارف لا ينبغي أن تثني "الفيدرالي" عن رفع الفائدة

رفع أسعار الفائدة محفوف بالمخاطر لكن الفشل في إخضاع التضخم للسيطرة أكثر خطورة

المقر الرئيسي لمصرف "سيليكون فالي بنك" في سانتا كلارا، كاليفورنيا، الولايات المتحدة
المقر الرئيسي لمصرف "سيليكون فالي بنك" في سانتا كلارا، كاليفورنيا، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في الأسبوع الماضي، بعد شهادة متشددة من رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول، توقعت الأسواق زيادة أسعار الفائدة بمقدار 0.5% خلال اجتماع السياسة النقدية المقبل للبنك، لكن غيّر تكالب المودعين على السحب من مصرف "سيليكون فالي بنك"، والمخاوف اللاحقة بشأن حدوث أزمة أوسع، آراء العديد من المستثمرين، ليراهن بعضهم على أن "الاحتياطي الفيدرالي" سيتخلى تماماً عن المزيد من زيادات الفائدة العام الجاري.

تشير أحدث أرقام التضخم إلى أن ذلك سيكون خطأً. فالحاجة إلى الاستمرار في كبح الطلب لم تختفِ، ولا ينبغي أن ينحرف مسار "الاحتياطي الفيدرالي" عن الهدف الذي حدده باول ألا، وهو إعادة معدل التضخم إلى هدفه المعلن وهو 2% نتيجة فشل "سيليكون فالي بنك".

صفر أو أقل أسعار الفائدة الحقيقية حالياً

ارتفعت أسعار المستهلكين 0.4% في فبراير، أو 4.5% على أساس سنوي. وصعد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي - الذي يستثني الغذاء والطاقة - بنسبة 0.5%، أو 5.6% على أساس سنوي. كما ارتفعت أسعار الخدمات الأساسية، التي يوليها "الاحتياطي الفيدرالي" اهتماماً شديداً بشكل خاص - وإن كان يستخدم مقياساً مختلفاً- بنسبة 0.6%، أو 7.7% على أساس سنوي.

التضخم الأساسي في أميركا يفوق التوقعات ويضع الفيدرالي أمام خيارات صعبة

أشارت الأرقام الجديدة لأسعار الجملة إلى الاتجاه المعاكس، وفاجأت المحللين بالانخفاض، وبالنظر إلى الأرقام إجمالاً، فإنها تظهر أن اتجاه التضخم قد ينحسر عند مستوى يزيد عن هدف البنك المركزي بأكثر من الضعف - وأن أسعار الفائدة الحالية التي تتراوح بين 4.5% إلى 4.75% بعيدة عن أن تكون مُقيّدة بالدرجة الكافية، وما تزال قيمتها الحقيقية تعادل صفراً أو أقل.

من المؤكد أنه إذا سمحت الجهات التنظيمية لحالة الطوارئ التي تسبب بها مصرف "سيليكون فالي بنك" - وبعده انهيار "سيغنتشر بنك"، وهروب المستثمرين من بعض المؤسسات الأصغر - بإحداث انهيار مالي في النظام بأكمله، فلن تكون هناك حاجة لأسعار فائدة أعلى. في تلك الحالة، سيكون فائض الطلب هو أقل المشاكل التي يواجهها "الاحتياطي الفيدرالي". مع ذلك، تم احتواء مخاطر انتشار العدوى على ما يبدو، ومن المرجح أن تكون الآثار الجانبية على الاقتصاد الأوسع ضئيلة.

أولئك الذين يطالبون بوقف تشديد السياسة النقدية يجادلون بأنه لا ينبغي فصل الخوف بشأن مصرف "سيليكون فالي بنك" عن التوقعات الاقتصادية، ويقولون إنه يشير إلى مخاطر رفع أسعار الفائدة سريعاً جداً، وأن الخوف هو في حد ذاته مؤشر رئيسي على تراجع الطلب - فهو يظهر أن التشديد المُطبّق بالفعل بدأ يؤتي ثماره أخيراً.

وقت التراجع عن التشديد لم يحن بعد

لا يعتبر أي من الاعتراضين مقنعاً، فمن ناحية، صحيحٌ أن رفع أسعار الفائدة محفوف بالمخاطر، ليس فقط لأنه يكبد البنوك، مثل مصرف "سيليكون فالي بنك"، خسائر غير محققة نظراً لتوجيهها ودائع كبيرة جداً إلى أوراق مالية طويلة الأجل بسعر فائدة ثابت، لكن لأن الفشل في إخضاع التضخم لسيطرة أكبر هو أمر أكثر خطورة، وأي توقف مؤقت الآن فقط سيؤخر ولن يلغي الحاجة إلى أسعار فائدة أعلى بل قد يوجد الحاجة لزيادات أكبر لاحقاً .

الأسواق العالمية تتأهب لسيناريو بلوغ الفائدة الأميركية ذروتها عند 6%

من ناحية أخرى، وفيما يتعلق بما إذا كان التشديد حتى الآن كافياً أم لا، فإن فشل بنك مُدار بشكل سيئ ليس أمراً حاسماً، أما أرقام التضخم، إلى جانب مؤشرات سوق العمل، فتعطي قراءة أفضل لحالة الطلب، فرسالتها، في الوقت الحالي، لا لبس فيها.

بالتأكيد، توضح أزمة مصرف "سيليكون فالي بنك" شيئاً واحداً: فجأة، يمكن أن تتغير الأمور. الوضع يستحق المراقبة، وعلى "الاحتياطي الفيدرالي" أن ينتبه دائماً للمعلومات الجديدة. لكن في الوقت الحالي، فإن ضمان سلامة النظام المالي والسيطرة على التضخم هُما مهمتان منفصلتان، وهذا ليس وقت التراجع.