كيف تسببت روسيا في اقتراب فنلندا والسويد من حلف الأطلسي؟

غزو موسكو لأوكرانيا قرب دولتي الشمال الأوروبي من التكتل العسكري الغربي

هل تنضم السويد وفنلندا إلى الناتو؟
هل تنضم السويد وفنلندا إلى الناتو؟ المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

راهنت فنلندا والسويد منذ الحرب الباردة على أن أمنهما القومي محمي بشكل أفضل من خلال البقاء خارج منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) رغم توجههما نحو الولايات المتحدة وغرب أوروبا.

كان البلدان يستهدفان تجنب الإخلال بالتوازن العسكري في منطقة بحر البلطيق واستفزاز روسيا. ومع ذلك، فإن غزو روسيا لأوكرانيا ومطالباتها بوقف توسع حلف الأطلسي دفع البلدين إلى السعي للانضمام إلى الحلف. والآن هما بحاجة إلى جميع الأعضاء الثلاثين الحاليين للتصديق على انضمامهما.

1) لماذا لم تنضم فنلندا والسويد للناتو من قبل؟

تجري الدولتان تدريبات عسكرية مع الناتو وتتشاركان معلومات المخابرات معه على نحو متزايد. وهما جزء من برنامج الشراكة من أجل السلام التابع للحلف، والذي يعزز التعاون مع غير الأعضاء فيه. كما أنهما وأوكرانيا من بين ست دول يُطلق عليها شركاء الفرصة المعززة الذين يقدمون "مساهمات مهمة للغاية لعمليات حلف شمال الأطلسي". لكنهما لم تنضما إلى الحلف في وقت سابق لأسباب تاريخية.

أمضت فنلندا 105 أعوام منذ استقلالها وهي تتفادى مجابهة روسيا، تلك العملاقة الرابضة إلى الشرق منها، والتي لها حدود تمتد إلى 1300 كيلومتر تقريباً (800 ميل). اتبعت فنلندا عقب حربين ضد الاتحاد السوفيتي بين عامي 1939 و1944 سياسة الاحترام والرقابة الذاتية تجاه السوفييت والتي أصبحت تعرف باسم "الفنلدة". بعد انتهاء الحرب الباردة، بدأت فنلندا تتجه أكثر نحو ديمقراطيات أوروبا الغربية، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي واعتمدت اليورو عملة لها. لكن "الفنلدة" ظلت باقية وتمسك الفنلنديون بحجر الزاوية في سياستهم الخارجية: الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا. لم يعتبر قادتها الناتو خياراً قابلاً للتطبيق، وكان الرأي العام، حتى أوائل 2022، يعارض بشدة الانضمام للحلف.

فنلندا والسويد تقتربان من الانضمام لحلف "الناتو" بعد موافقة تركيا

أما السويد، فلم تخض غمار الحربين العالميتين. وبينما تنافست القوتان العظميان على النفوذ خلال الحرب الباردة، كانت تنظر إلى الحياد على أنه أفضل طريقة لضمان استقلالها. مع ذلك، كان دفاع السويد خلال الحرب الباردة مصمماً لردع غزو سوفيتي، وتعاونت سراً مع الناتو. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991، أعادت السويد تعريف سياستها رسمياً على أنها عدم الانحياز العسكري، وقلصت قدراتها الدفاعية إلى حد بعيد. لكن منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014، زادت السويد تدريجياً من الإنفاق العسكري وسعت إلى تعاون أوثق مع الناتو.

2 ) ماذا سيعود على الناتو من انضمام الدولتين؟

يمكن القول إن انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف سيجعل من الأسهل تحقيق الاستقرار في المنطقة المحيطة ببحر البلطيق والدفاع عن أعضائه، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. وغالباً ما يُنظر إلى دول البلطيق الثلاث على أنها هدف محتمل للعدوان الروسي لأن لديها أقليات روسية كبيرة، واستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حماية هؤلاء الأشخاص ذريعة للتدخل في أوكرانيا. سيضيف ضم فنلندا والسويد جيشين متطورين ومجهزين تجهيزاً جيداً إلى الناتو مع عتاد متوافق بالفعل مع ذلك الذي يستخدمه الحلف. ومن شأن ذلك أن يطيل حدود الناتو مع روسيا، والتي لا تشكل الآن سوى 6% من محيط أراضي روسيا، ويمكن الحلف من تحسين مراقبته لخاصرتها الغربية.

3) ما المطلوب للانضمام إلى الناتو؟

تشمل المعايير ديمقراطية فاعلة قائمة على اقتصاد السوق، والمعاملة العادلة للأقليات، والالتزام بحل النزاعات سلمياً، والاستعداد لتقديم مساهمة عسكرية لعمليات الناتو والقدرة على ذلك. السويد وفنلندا من بين أكثر دول العالم تقدماً وتتمتعان بديمقراطية مستقرة ومؤسسات سياسية موثوقة للغاية. ليس من الضروري أن يبارك المواطنون التحرك للانضمام، لكن الرأي العام المؤيد يضفي الشرعية على طلب بلد ما للحصول على العضوية. اعتباراً من منتصف مارس، صادق 28 عضواً في الناتو على محاولتي دولتي الشمال الأوروبي؛ فقط تركيا والمجر لم تصادقا بعد.

4 ) كيف ردت روسيا على الفكرة؟

قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن انضمام فنلندا إلى الناتو سيشكل "قطعاً" تهديداً لروسيا. حذرت موسكو من "عواقب عسكرية وسياسية وخمية" من انضمام فنلندا والسويد، الأمر الذي إن حدث سيدفع روسيا للرد. وفي أبريل نيسان قالت روسيا إنها ستنشر أسلحة نووية في منطقة بحر البلطيق وما حولها إذا انضمت الدولتان. الرئيس الليتواني غيتاناس ناوسيدا رفض التهديد ووصفه بأنه "أجوف"، واتهم روسيا بوضع أسلحة نووية تكتيكية بالفعل في كالينينغراد، معقلها في بحر البلطيق. كانت روسيا قد حذرت دول البلطيق من عواقب وخيمة قبل انضمامها إلى الناتو في 2004 ، لكن تبين أن ذلك كان مجرد خداع وجعجعة بلا طحين.

في تحوُّل بعد حرب أوكرانيا.. السويديون والفنلنديون يدعمون الانضمام إلى "الناتو"

من ناحية أخرى، قالت جمهورية الجبل الأسود في 2016 إنها أحبطت خطة مدعومة من روسيا لاغتيال رئيس الوزراء آنذاك ميلو ديوكانوفيتش بسبب خطط بلاده للانضمام إلى الناتو، والتي تحققت بعد عام. أصدرت محكمة في 2019 أحكاماً بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاماً على 14 شخصاً، بينهم زعماء معارضة ومواطنون روس وصرب فيما يتعلق بمؤامرة فاشلة، غير أن محكمة استئناف ألغت الأحكام. يتوقع الفنلنديون مواجهة المزيد من عمليات التجسس والهجمات الإلكترونية وانتهاك المجال الجوي وتدابير للتأثير على شؤونهم الداخلية من قبل روسيا إذا انضموا إلى حلف الناتو.

5) كيف يغير هذا فنلندا والسويد؟

تعمل الدولتان على زيادة التعاون العسكري فيما بينهما ومع الدول الأخرى، وهو العمل الذي بدأ يتسارع في الفترة التي سبقت الحرب في أوكرانيا. في مارس 2022، زار الرئيس الفنلندي سولي نينيستو نظيره الأميركي جو بايدن، الذي وعد، في مكالمة هاتفية مشتركة مع رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون، بتعميق التعاون بين الدول الثلاث. لا ينطبق تعهد الناتو بالدفاع الجماعي إلا على الأعضاء، لكن الولايات المتحدة قدمت العام الماضي ضمانات أمنية لكلا المتقدمين بطلب لعضوية الحلف، فنلندا والسويد، إذا هددتها روسيا. ووقعتا أيضاً اتفاقيات تعاون أمني مع المملكة المتحدة. تعتزم كلتاهما مواصلة تكثيف الإنفاق الدفاعي، مع وضع السويد خطة طويلة الأجل لزيادة تمويل قواتها المسلحة 30% تقريباً من 2021 إلى 2024.