انهيار "كريدي سويس" يكشف حقائق بغيضة للمستثمرين عن سويسرا

الدولة لجأت لتشريع دستوري يتجاوز قوانين تنظم السوق المفتوحة مثيرة المخاوف حول سيادة القانون

علم سويسرا يرفرف بجانب المقر الرئيسي لمصرف "كريدي سويس غروب" في زيورخ، سويسرا.
علم سويسرا يرفرف بجانب المقر الرئيسي لمصرف "كريدي سويس غروب" في زيورخ، سويسرا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

روّجت سويسرا لنفسها لعقود بوصفها ملاذاً لليقين والاستقرار القانوني لمستثمري السندات والأسهم، لكن انهيار مصرف "كريدي سويس غروب" كشف عن بعض الحقائق البغيضة في موطنه.

استندت الحكومة في سباقها لإتمام صفقة شراء مصرف "يو بي إس غروب" لمنافسه الأصغر نهاية الأسبوع الماضي، على الحاجة للجوء إلى تشريع الاستقرار والطوارئ الذي يتجاوز عنصرين أساسيين من عناصر تنظيم الأسواق المفتوحة، وهما قانون حماية المنافسة وحقوق حاملي الأسهم، إذ اكتشف حاملو السندات فجأة أن ما يُسمى بديون المستوى الأول الإضافي التي تصل قيمتها 17 مليار دولار أميركي أصبحت بلا قيمة.

كيف اختفى "كريدي سويس" من الوجود؟

بغض النظر عن الشعور بالخزي من انهيار المصرف، يرى المراقبون القانونيون أن المفاجآت الثلاث تثير بعض الأسئلة الأساسية المتعلقة بسيادة القانون المصرفي السويسري، وألقت أيضاً بالشكوك في نفوس المستثمرين الأجانب حول إيداع الأموال في البلاد.

سويسرا تلجأ لتشريع دستوري

قال كيرن ألكسندر، أستاذ القانون والتمويل بجامعة زيورخ، إنه ليس في صالح سويسرا "أن يعتقد المستثمرون أنه يمكن التغاضي عن حقوقهم، وأن الطريقة التي تمت بها إدارة الأزمة اتسمت بالذعر، وقوضت سيادة القانون وأضعفت سويسرا".

في إعلانها عن بيع "كريدي سويس" بوساطة حكومية لمنافسه في زيورخ، مساء الأحد الماضي، احتجت الحكومة السويسرية بمادة من دستورها تسمح لها بإصدار مراسيم قانونية مؤقتة "لمواجهة التهديدات الراهنة أو الوشيكة التي تنذر باضطراب خطير في النظام العام أو الأمن الداخلي أو الخارجي". في هذه الحالة، يتضمن ذلك تجاوز قوانين الاندماج المتعلقة بعمليات تصويت حاملي الأسهم.

"بيمكو" و"إنفسكو" بين أكبر الخاسرين في سندات "كريدي سويس"

على إثر ذلك، عندما تعرضت رئيسة هيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية، مارلين أمستاد، لسؤال خلال مؤتمر صحفي في وقت لاحق من ذلك المساء حول ما إذا كانت الحكومة تتجاهل المخاوف المرتبطة بالمنافسة بإجراء صفقة اندماج، أكدت أن تحقيق الاستقرار المالي يتقدم على مخاوف المنافسة.

سيحتفظ كل من "كريدي سويس" و"يو بي إس" معاً بودائع عملاء تصل قيمتها 333 مليار فرنك سويسري (ما يعادل 360 مليار دولار)، وهو ما يفوق "رايفايزن" (Raiffeisen) أقرب منافس لهما بـ115 مليار فرنك، بحسب عرض تقديمي للمستثمرين في "يو بي إس".

المعارضة الأكبر من نصيب شطب قيمة السندات

لكن المعارضة الأكبر من المستثمرين فيما يتعلق بالصفقة إلى حد الآن كانت من نصيب قرار هيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية بشطب قيمة سندات رأس المال الأساسي الإضافي التي أصدرها "كريدي سويس" لتصبح صفراً.

طُرحت سندات رأس المال الأساسي الإضافي عقب حدوث الأزمة المالية العالمية للتأكد من تحمل المستثمرين وليس دافعي الضرائب الخسائر. كان المغزى منها أن تكون بمثابة داعم لرأس المال للاستخدام في أوقات الضغوط. تحظى الديون من هذا النوع في أغلب المصارف الأخرى في أوروبا والمملكة المتحدة قطعاً بطرق حماية أكثر بكثير، أما صياغة بنود سندات رأس المال الأساسي الإضافي التي أصدرها "كريدي سويس" والمنافس السويسري السابق "يو بي إس" تسمح بالشطب الكامل لها عوضاً عن تحويلها إلى أسهم.

لماذا تبخرت 17 مليار دولار من سندات "كريدي سويس" المشروطة؟

حتى مع إيضاح مخاطر تلك السندات للمستثمرين في الوقت التي قبلوا فيه بشرائها، فإن هذا النموذج الصارخ للحالات الاستثنائية السويسرية يشكل خروجاً عن القاعدة العامة التي تمنح حاملي السندات الأولوية قبل حاملي الأسهم.

المستثمرين قد يلجؤون لإجراءات قانونية

قال جاكوب كيركغارد، كبير الباحثين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "ستُرفع دعاوى قضائية كثيرة نتيجة لذلك، ما سيبرز السلوك الاستفزازي والذي يتسم بالأنانية من جانب المسؤولين السويسريين وسط هذه الأزمة".

هددت مؤسسة " إيثوس فاونديشن"، التي يتشكل أعضاؤها من 246 صندوق معاشات تقاعدية ويمثلون 1.9 مليون فرداً بأصول تبلغ 370 مليار فرنك سويسري، باتخاذ إجراءات إزاء مسألة منع تصويت حاملي الأسهم.

"كريدي سويس" يمتلك سندات بـ2.5 مليار دولار غير قابلة للشطب

أشارت "إيثوس فاونديشن"، ومقرها في جنيف وزيورخ، في بيان أمس الإثنين إلى أنه "في مواجهة هذا الإخفاق الذي لم يسبق له مثيل عبر تاريخ المركز المالي السويسري، ستواصل مؤسسة (إيثوس) الدفاع عن مصالح حاملي الأسهم الأقلية، بداية من صناديق التقاعد السويسرية".

اختتمت بأنها "ستدرس كافة الخيارات خلال الأيام المقبلة، بما فيها الخيارات القانونية، لتحديد المسؤوليات فيما يتعلق بوقوع هذه الكارثة".