انهيار مؤشر الخوف في وول ستريت مع إقدام المستثمرين على المخاطرة

بعض المشاة يسيرون في وول ستريت بالقرب من بورصة نيويورك
بعض المشاة يسيرون في وول ستريت بالقرب من بورصة نيويورك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تراجع مؤشر التقلب الذي تفضله وول ستريت مع انتعاش الأسهم انتعاشاً قوياً وسط ارتفاع أسهم البنوك ورسائل الطمأنة من السلطات الأميركية التي هدأت مخاوف المستثمرين من أن تؤدي الاضطرابات المالية الأخيرة إلى أزمة شاملة. وربما يكون ذلك عودة إلى الهدوء، أو الهدوء الذي يسبق العاصفة.

مهما كان الأمر، فإن الإجراءات المتناغمة التي اتخذت لمعالجة الأزمة المصرفية أعادت بعض مظاهر النظام في الوقت الحالي.

شهد ما يسمى مؤشر الخوف في السوق، أو مؤشر التقلب (VIX)، أكبر انخفاض له لمدة يومين منذ شهر مايو.

وقبيل صدور قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يراهن المتعاملون على زيادة أخرى في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع استمرار المسؤولين في معركتهم ضد التضخم والإشارة إلى الالتزام بضمان الاستقرار المالي.

قال نيكولاس كولاس، الشريك المؤسس في شركة "داتاترك ريسيرش" (DataTrek Research): "على هذا الأساس تكون حالة السوق أفضل. فالتوقعات بأن يحدث تغيير جذري في السياسة النقدية آخذة في التضاؤل. وأصبحت تقديرات السوق لقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن سعر الفائدة على المدى القريب ضمن نطاق الممكن، وهو تطور إيجابي".

تراجعت توقعات رفع أسعار الفائدة خلال الأسبوعين الماضيين وسط انهيار ثلاثة بنوك إقليمية أميركية والاستحواذ على مجموعة "كريدي سويس" السويسرية. ومع ذلك، فإن مستوى الغموض وعدم اليقين بشأن قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي أصبح واحداً من أعلى معدلات الغموض منذ أن تسبب وباء كورونا في سلسلة تخفيضات طارئة في أسعار الفائدة في عام 2020.

"الفيدرالي" قادر على محاربة التضخم.. ووقف عدوى البنوك أيضاً

عنصر آخر مهم في اجتماع هذا الأسبوع هو أن صناع السياسة النقدية سيعلنون توقعات محدثة لأسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ديسمبر، لتقديم إرشادات حول ما إذا كانوا مايزالون يتوقعون أي زيادات إضافية هذا العام.

تجاوز مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" مستوى 4000 نقطة، ليرتفع أكثر فوق مستوى المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم، أما مؤشر التقلب (Cboe Volatility Index) فقد هبط إلى حوالي 21 نقطة بعد أن تجاوز مستوى 30 نقطة الأسبوع الماضي ولأول مرة منذ شهر أكتوبر.

ارتفعت جميع الأسهم التي تندرج تحت تصنيف الأسهم المالية الكبرى في الولايات المتحدة، وحلق سهم "فيرست ريبابليك بنك" بنسبة 30% تقريباً – في أفضل يوم تداول في تاريخه – وسط تفاؤل المستثمرين بخطة جديدة رهن المناقشة لمساعدة البنك الإقليمي.

ليس بسرعة بالغة

والآن لا يعني ارتفاع أسعار الأسهم الأعلى خطورة في السوق أن كل شيء واضح في هذه المرحلة.

بالنسبة إلى مات مالي من شركة "ميلر تاباك+" (Miller Tabak +)، يجب على المستثمرين توخي الحذر في الاستنتاجات التي يستخلصونها من تقدم الأسهم الأخير، حيث توجد طريقتان على الأقل للنظر إليه.

أضاف مالي: "الطريقة الأولى هي أن نعتقد أن سوق الأسهم تتطلع إلى ما بعد هذه الأزمة الصغيرة وترى أن الاقتصاد (وبالتالي الأرباح) سينمو بوتيرة جيدة بمجرد أن نتجاوز هذه المشكلة. أما الطريقة الثانية، فهي الاعتقاد بأن الوضع لا يزال محفوفاً بالمخاطر، وأن السلطات تضخ الكثير من السيولة قصيرة الأجل في النظام بحيث لا يمكن لسوق الأسهم أن تنخفض في المدى القريب".

والواقع أن العديد من الاستراتيجيين يشعرون بقلق متزايد، حيث يقول مايكل ويلسون من بنك "مورجان ستانلي" إن خطر حدوث أزمة ائتمانية يتزايد بصورة حقيقية.

وكتب مايكل هارتنت من "بنك أوف أميركا" إن مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" قد يجد أرضاً ثابتة عند مستوى 3800 نقطة، غير أنه يجب على المستثمرين بيع الأسهم في أي ارتفاعات إذا وصل المؤشر إلى 4100 أو 4200 نقطة.

أظهر أحدث مسح عالمي أجراه "بنك أوف أميركا" لآراء مديري الصناديق أن أزمة ائتمان هيكلية حلت محل ارتفاع معدل التضخم باعتبارها الخطر الرئيسي الذي يواجه الأسواق. وأجري هذا الاستطلاع في الفترة من 10 إلى 16 مارس، بينما كان مديرو الأموال يشهدون انهيار مصرف "سيليكون فالي بنك" و"بنك سيغنتشر" الأميركيين ويراقبون الاضطرابات في "كريدي سويس" قبل استحواذ مجموعة "يو بي إس" على البنك السويسري.

انهيار "كريدي سويس" يكشف حقائق بغيضة للمستثمرين عن سويسرا

مرة أخرى، يرتفع احتمال ركود الاقتصاد للمرة الأولى منذ نوفمبر، حيث أظهر الاستطلاع أن 42% من المشاركين يتوقعون تباطؤاً خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة.

مثل سهم من أسهم الميم

تطور آخر مثير للقلق هو التقلب الشديد في السندات الحكومية قصيرة الأجل الذي استمر الآن لليوم التاسع على التوالي. شهدت سندات الخزانة لأجل عامين، والتي تعتبر عادة استثماراً منخفض المخاطر، ارتفاع عائدها بما يصل إلى 21 نقطة أساس إلى 4.18% يوم الثلاثاء.

ماثيو مسكين من شركة "جون هانكوك إنفستمنت مانجمنت" (John Hancock Investment Management) واثق أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لم تعد لديه وسيلة لتحقيق الهبوط السلس للاقتصاد، وهو يشير إلى الاضطرابات في سوق السندات لإثبات تلك المسألة.

قال مسكين لتلفزيون "بلومبرغ": "عندما يبدأ عائد سندات الخزانة لأجل عامين في التصرف مثل أسهم الميم، فمعنى ذلك أنك تواجه بعض المشاكل. إن سوق السندات تشير إلى رفع أسعار الفائدة، غير أن ذلك خطأ وسيتم تخفيضها مرة أخرى في المستقبل غير البعيد".

عشية الإعلان عن سعر الفائدة على الأرصدة الفيدرالية، سارعت الشركات إلى الاستثمار في سوق السندات الأميركية ذات الدرجة الاستثمارية. وجمعت 9 شركات مقترضة، معظمها من شركات المرافق، ديوناً جديدة بعد توقف استمر 6 أيام وانتهى يوم الإثنين. ومن بين هذه الأسماء شركة التأمين "ميتلايف" (MetLife)، التي باعت سندات بقيمة مليار دولار لأجل 10 سنوات تدر عائداً يبلغ 1.58 نقطة مئوية فوق عائد سندات الخزانة، بعد مفاوضات أولية على تسعيرها بواقع 1.85 نقطة مئوية فوق عائد سندات الخزانة، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.

الأميركيتان