السيولة تتدفق على شركات النفط الصخري الأميركية بفضل "أوبك+"

تخفيضات الإنتاج تعد بجولة جديدة من الأرباح الاستثنائية للقطاع خلال 2023

صور ظلية لمضخات تعمل فوق آبار النفط في "باكن فورميشن" قرب ديكنسون في ولاية داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة
صور ظلية لمضخات تعمل فوق آبار النفط في "باكن فورميشن" قرب ديكنسون في ولاية داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يزيد قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" المفاجئ بتخفيض إنتاج النفط من ثراء مجموعة غير متوقعة وهي شركات التنقيب عن النفط الصخري الأميركية.

رفع الإعلان الصادم عن خفض الإنتاج أسعار النفط الأميركي بما يصل لـ6 دولارات للبرميل، ما يدل على أن قطاع النفط الصخري سيحظى بجولة جديدة من الأرباح الاستثنائية وهو الذي كان ذات مرة أشرس خصوم "أوبك" اللدودين. في غضون ذلك، ينذر ذلك التطور بالسوء للمستهلكين الذين يعانون فعلياً من ضغوط التضخم المستفحل ويتعرضون لخطر صعود أسعار البنزين مع قرب موسم القيادة بالعطلات الصيفية.

ومع تعهد المديرين التنفيذيين لشركات للنفط الصخري فعلاً بالحفاظ على إنتاج النفط ثابتاً بأغلب فترات العام الجاري حتى يستطيعوا التركيز على زيادة عائدات المستثمرين، فإن أسعار الوقود في أكبر اقتصاد عالمي ستحددها بطريقة كبيرة قرارات الإنتاج الصادرة بمناطق بعيدة على غرار الرياض ولواندا.

النفط الصخري

أوضح جيمس ميك، كبير مديري المحافظ في "تورتواز" (Tortoise): "يوجد أمر واحد مؤكد يتمثل في أن "أوبك" تتحكم وتقود التسعير، ولم يعد يُنظر لشركات النفط الصخري الأميركي كمنتج حدي، وأوبك تريد وبحاجة لسعر أعلى، وقد أخذوا بزمام المبادرة لتحقيق رغباتهم".

كانت شركات التنقيب الأميركي تنعم بتدفقات نقدية هائلة بعد صعود أسعار النفط على مدى الأعوام القليلة الماضية.

هل نجح "أوبك+" في التغلّب على المضاربين بسوق النفط؟

سيشجع حدوث طفرة أخرى لشركات النفط الصخري المستثمرين. حصد حاملو الأسهم في شركات النفط الأميركية أرباحاً استثنائية بلغت 128 مليار دولار أميركي خلال 2022 بفضل خليط اضطرابات بالإمدادات العالمية على غرار الحرب الروسية في أوكرانيا وتفاقم ضغوطات وول ستريت لجعل الأولوية لتحقيق العوائد على حساب العثور على احتياطيات النفط الخام غير المستغلة.

يأتي نمو الإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية أقل من نصف مستوى ما قبل 2020، ولم يرجع الإنتاج الإجمالي حتى الآن لمستويات ما قبل وباء كورونا. يتوقع المتنبئون الكبار تحقيق نمو قدره 500 ألف برميل يومياً فقط أو ما يقترب من ذلك خلال السنة الحالية من حوض بيرميان، وهو حقل النفط الصخري الأسرع نمواً على مستوى البلاد، أي أقل من نصف تخفيضات تحالف "أوبك+" المعلنة يوم الأحد الماضي التي تجاوزت المليون برميل.

نفط

تحالف المصالح

أكد جوزيف سيكورا، مدير استثمار في شركة "أبتوس كابيتال أدفايزرز" (Aptus Capital Advisors) في دالاس، والذي يدير أصولاً بقيمة 4.25 مليار دولار أميركي: " تجتمع "أوبك" وشركات النفط الصخري بنفس الفريق حالياً، مع انضباط الإمدادات على كلا الجانبين، ما يحافظ على أسعار النفط مرتفعة في المدى البعيد".

يتناقض ذلك بطريقة كبيرة مع أغلب فترات العقد المنصرم، عندما كان النفط الصخري الأميركي يشكل تهديداً لنفوذ "أوبك"، مستخدماً أموالاً رخيصة لإحياء حقول نفط قديمة يُعتقد أنها ستُستغل بواسطة تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي الحديثة. وفر النمو الرائع لقطاع النفط الأميركي إمدادات من الخام إلى الأسواق العالمية بداية من 2012 حتى بلوغه ذروته خلال 2020 ويفوق الإنتاج الحالي الكامل للعراق وإيران معاً. أرق هذا النمو منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها، الذين شاهدوا هيمنتهم على السوق عرضة للتهديد بطريقة غير مسبوقة.

النفط الصخري الأميركي غير قادر على سدّ فجوة المعروض بعد تخفيضات "أوبك+"

لكن تزايد نمو الإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية لم يعُد بفائدة تذكر على حاملي الأسهم، الذين شاهدوا بطريقة اعتيادية المديرين التنفيذيين يعززون الديون عن طريق ضخ أموال أكثر في حفر آبار جديدة. أفلست شركات تنقيب عديدة صغيرة جراء هبوط الطلب على النفط أثناء تفشي وباء كورونا، وتعهد الناجون بعدم تكرار استراتيجية تعقب نمو الإنتاج بأي تكلفة.

توسع مستقبلي

أشار آندي هندريكس، الرئيس التنفيذي لأحد أكبر مزودي معدات الحفر وأطقم العمل المتخصصة بالتكسير الهيدروليكي، إلى أن قرار "أوبك+" الذي يساعد في توفير حد أدنى لأسعار النفط، سيمكن شركات على غرار "باترسون يو تي اي انيرجي" من التخطيط لمستويات الأنشطة بطريقة أفضل.

صرح هندريكس أثناء مقابلة عبر الهاتف: "يمنحنا ذلك مزيداً من الوضوح مقارنة بذي قبل، مضيفاً أن صعود أسعار النفط ربما يشجع في نهاية المطاف شركات استكشاف النفط الصخري بتوسيع أعمال الحفر والتكسير الهيدروليكي، لكن ذلك سيأخذ بعضاً من الوقت.

اختتم: "ليست هناك معدات وأطقم عمل زائدة متوفرة، ويمكننا إعادة تشغيل بعض منصات الحفر، لكن سيتطلب ذلك من 6 إلى 9 شهور. لذلك يتعين التحرك فوراً لمن يرغب في تحقيق إنتاج مع حلول نهاية السنة الجارية".