محطات تاكسي باريس الطائر قد تكون جاهزة قبل المركبات نفسها

نجاح تجارب المركبات الجوية في باريس سيدشن أول خدمة سيارات أجرة طائرة تجارية عالمياً

مركبة "فولوكوبتر اكس 2" تحلق في محطة بونتواز بالقرب من باريس
مركبة "فولوكوبتر اكس 2" تحلق في محطة بونتواز بالقرب من باريس المصدر: فولوكوبتر
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بجوار مدرج طائرات في "مطار بونتواز" في ضواحي باريس، يقع مبنى عصري أنيق بحجم مقهى له نوافذ تمتد من الأرضية حتى السقف ويحتضن منصة اختبار "ري إنفنت إير موبيليتي" (Re.Invent Air Mobility) الجوية، وهو أول مدرج تاكسي طائر، أو ميناء لمركبات جوية عمودية على مستوى أوروبا.

احتفالاً بتدشين المبنى في نوفمبر؛ شُغّلت مركبة كهربائية طائرة بيضاء لامعة لاختبار الإقلاع والهبوط عمودياً من طراز "إي فيتول" (eVTOL) بمحرك مكوّن من 18 من العنفات الدوارة، وحلّقت فوق المكان بإشراف طيار اختبار قبل أن تعاود الهبوط.

ستكون هذه التجارب، إن حالفها قدر محدود من الحظ، انطلاقة لشبكة مواقع بهذه المواصفات لأول خدمة سيارات أجرة جوية تجارية في العالم، تنقل الركاب بين مطارات باريس الدولية وأماكن الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024، أو قد يحالفها قدر كبير من الحظ.

اعتماد طائرة شركة "فولوكوبتر" (Volocopter) طراز "فولوسيتي 2 إكس" (Volocity 2X) التي أُطلقت في الحفل في نوفمبر يسمح لها بالطيران التجريبي فقط.

تعتمد خطة الطائرات العمودية بشكل كلي على حصول الطائرة على مصادقة كاملة، مما سيجعلها أول طائرة "إي فيتول" مُعتمدة لنقل الركاب في أي مكان في العالم.

قال دانكن ووكر، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "سكاي بورتس" (Skyports) التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها وتطور المشروع بالتعاون مع "غروب إيه دي بي" (Groupe ADP)، مشغل المطارات الدولية في باريس: "هذا هو الجانب الطموح لما هو ممكن".

يعد إنشاء بنية تحتية لشكل من أشكال النقل ما يزال افتراضياً خطوة واثقة كبيرة إلى حد كبير، لكنَّها على الأرجح ضرورية. برغم ذلك؛ لن يحتاج أي نظام "تاكسي جوي" إلى المركبات فحسب؛ بل سيحتاج أيضاً إلى محطات لدخول الركاب والخروج منها.

قال سيرجيو سيكتا، وهو استشاري الطيران: "لا بد أن تتضافر كثير من العناصر لإنجاح هذا المشروع. الأمر أشبه بخبز كعكة. إذا قمت بخلط المكونات بطريقة خاطئة، فلن تخرج الكعكة بشكل جيد.".

شركات "التاكسي الطائر" ستحتاج للكثير من المطارات لخدمة ركابها

نضج التقنية

إذا نجحت خطة باريس، سيمثل ذلك الوصول إلى مرحلة النضج بالنسبة إلى هذا النوع من التقنية، التي تخلفت عن مواعيد إطلاقها على النحو الذي يطمح إليه مؤيدوها الأكثر تفاؤلاً، برغم أنَّها اجتذبت استثمارات بقيمة 13 مليار دولار منذ 2010.

تدعو الخطة لإنشاء أسطول يضم 10 طائرات من طراز "فولوسيتي" لنقل الركاب عبر مسارين بين مطارين دوليين في باريس و"كوي دوستيرليتز" (Quai d'Austerlitz) في وسط المدينة، والآخر بين مهبط الطائرات "إيسي ليه مولينو" (Issy-les-Moulineaux) في المدينة ومطار "سان سيريل ليكول" (Saint-Cyr l’École) قرب فرساي.

تقوم الفكرة على الاستفادة من أولمبياد باريس لتمهيد الطريق لإقامة شبكة إقليمية دائمة، يقول المتحدث باسم "غروب إيه دي بي" إنَّها لا بد أن تعمل بكامل طاقتها "في نهاية العقد".

تعمل شركة "فولوكوبتر" في جنوب ألمانيا أيضاً مع شركاء لإطلاق الخدمة في روما وسنغافورة في عام 2024، واليابان والمملكة العربية السعودية في العام الذي يليه.

تعتمد كل هذه الخطط على إدخال "تاكسي جوي" يعمل في الخدمة بنجاح. روّجت الشركات المصنّعة المحتملة لظهور وشيك لمركباتها منذ سنوات، لكنَّ الاعتمادات، أو حتى إظهار القدرة على نقل الركاب بين نقطة وأخرى، ظلت بعيدة المنال.

يمر اعتماد أي طائرة بإجراءات مطوّلة ومكلفة، وتواجه طائرات "إي فيتول" تحدياً أكثر صعوبة نظراً لحداثة هذه الطائرات والطريقة التي تفوق من خلالها كل ما هو ممكن باستخدام التقنيات الهندسية الحالية.

مع ذلك؛ فإنَّ "فولوكوبتر" تقترب من أن تحتل قصب السبق قبل مئات من شركات "إي فيتول" الطموحة. تعمل الشركة منذ 2011 في إطلاق طائرات ركاب، وقد سجلت أكثر من 1500 رحلة طيران منذ ذلك.

يقوم مفهوم تصميم طائراتها في الأساس على الطائرات المسيّرة الموسعة بـ4 عنفات. برغم كونها أبطأ وأصغر حجماً من بعض الطائرات المنافسة؛ لكنَّها أيضاً أبسط ميكانيكياً، مما يضيف إليها ميزة فيما يتعلق بالاعتمادية والصيانة.

من لندن إلى لوس أنجلوس..خطة لإنشاء مراكز للتاكسي الطائر في 65 مدينة

مفهوم محدود الإمكانيات

من المؤكد أنَّ هذا المفهوم محدود الإمكانيات، إذ إنَّ المركبة الطائرة "فولوسيتي 2 إكس" مزوّدة بمقعدين فقط، أحدهما للطيار والآخر للعميل. نظراً إلى أنَّه من المتوقَّع أن تقوم الطائرة برحلتين إلى ثلاث رحلات في الساعة، وأنَّ كل رحلة تحمل راكباً واحداً؛ فإنَّ هذه المنظومة في أولمبياد باريس لن تفوق سعتها اليومية الإجمالية عن بضع مئات الركاب.

يعترف ديرك هوك، رئيس "فولوكوبتر" التنفيذي، بأنَّ الاقتصاديات في هذه الحالة يستحيل تحقيقها بشكل أساسي. أضاف: "لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك. الميزة هي أنَّنا سنكتسب خبرة في التشغيل بينما لا يحلق أحد غيرنا. سنكون وحدنا في السوق".

في ظل تفاؤل معتاد لأي مشروع عند بدء التشغيل، تخطط "فولوكوبتر" لتطوير قدرات طيران مستقلة وبطاريات أفضل وتقنيات أخرى ستساعدها على نقل مزيد من الركاب في كل مركبة، وهو تحول يمكن أن يحسّن آفاقها المالية بشكل جذري.

حتى مع تحسّن نسبة الطيار إلى الركاب، لا أحد يعرف حقاً ما إذا كان يمكن تشغيل خدمات "إي فيتول" بشكل يحقق ربحية. هناك عدد من الأسئلة الرئيسية العالقة، ويتمثل في تكاليف التشغيل في العالم الحقيقي، ومقدار الضوضاء التي ستحدثها الآلات، وعدد الركاب الذين سيكونون على استعداد لدفع المقابل.

ثم بالطبع، هناك مسألة ما إذا كان سيتم السماح لطائرات "إي فيتول" بالتحليق والأماكن التي ستحلق فوقها. يهدف مشروع منصة الاختبار في بونتواز إلى الإجابة على بعض هذه الأسئلة، لكنَّ الصورة الكاملة ستظهر فقط مع بدء الخدمة على نطاق تجاري.

هذا لا يعني الحصول على إذن لبدء الخدمة أثناء الألعاب الأولمبية فقط؛ بل الحصول على الضوء الأخضر للالتزام بها بعد ذلك أيضاً. قال والكر: "سيتحول الأمر إلى إخفاق للجميع، فإذا كانت هناك رحلات جوية أثناء انعقاد الأولمبياد، فسوف تحظى بصيت واسع، ثم تتوقف الخدمة بعد ستة أسابيع".