هل تحقق الحلم الأميركي للشركات البريطانية بإدراجها في وول ستريت؟

الإدراج في نيويورك لا يكون مناسباً سوى للشركات التي تحقق إيرادات قوية في أميركا أو لديها روابط قوية بالمنطقة

مركز خدمة عملاء منصة "كازو" لبيع السيارات عبر الإنترنت في ساوثهامبتون، المملكة المتحدة
مركز خدمة عملاء منصة "كازو" لبيع السيارات عبر الإنترنت في ساوثهامبتون، المملكة المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شركات كثيرة في المملكة المتحدة قد تروج لمزايا أسواق رأس المال العميقة في نيويورك، غير أنَّ قلة منها حققت نجاحاً خارج البلاد.

على مدى العقد الماضي، أدرجت 22 شركة بريطانية أسهمها في السوق الأميركية، 3 منها فقط ما زالت تتداول بأسعار أعلى، و4 منها شطبت أسهمها، وفق بنك "بي إن بي باريبا"، وقد خلُصت بيانات جمعتها "بلومبرغ" لأرقام مماثلة.

قال توم سنوبول، رئيس أسواق الأسهم في المملكة المتحدة لدى البنك: "ليس من السهل بالنسبة إلى شركة أجنبية خاصة أن تصدر أسهمها في الولايات المتحدة".

جاذبية أسواق رأس المال الأعمق في الولايات المتحدة واحتمال ارتفاع تقييم الأسهم أطلقا شرارة الابتعاد عن لندن، وتعد شركة "أرم" (Arm)، نجمة التكنولوجيا البريطانية والمملوكة لـ"سوفت بنك"، من بين أحدث الشركات التي فضلت نيويورك كوجهة إدراج رئيسية على مدينة لندن.

جاذبية لندن للاستثمار تتراجع سريعاً عقب "بريكست"

كما أنَّ بعض الشركات المدرجة على مؤشر "فوتسي 100" المعياري تفكر في نقل انتمائها إلى "وول ستريت"، بحسب ما أفادت "بلومبرغ نيوز". ففي الشهر الماضي، قالت شركة "سي آر إتش" (CRH)، ومقرها دبلن، وهي واحدة من أكبر شركات مواد البناء في أوروبا، إنَّها تخطط لنقل إدراجها الرئيسي إلى نيويورك من المملكة المتحدة، فيما قالت "أوكسفورد نانوبور تكنولوجيز" (Oxford Nanopore Technologies)، التي أدرجت أسهمها في لندن منذ حوالي 18 شهراً فقط، إنَّها تفكر في الإدراج ببورصة خارجية

سوق ليست مناسبة للجميع

مع ذلك؛ يحذر المصرفيون من أنَّ الإدراج في السوق الأميركية قد لا يناسب جميع الشركات. يقول أندرياس بيرنستروف، رئيس أسواق الأسهم في "بي إن بي باريبا": "حوالي 5% إلى 10% فقط من الشركات البريطانية المرشحة للطرح الأولي العام أمامها فرصة واقعية لتختار بين نيويورك ولندن، بينما الإدراج المحلي هو الخيار الوحيد بالنسبة للأغلبية العظمى".

هروب جماعي للشركات من بورصة لندن بسبب تكاليف الإدراج

قال بيرنستروف: "يتعين علينا النظر في كل حالة على حدة.. وبشكل عام؛ لا يكون الأمر منطقياً سوى للشركات التي تحقق إيرادات قوية في الولايات المتحدة أو لديها روابط أخرى قوية مستمرة بالمنطقة"

أما الشركات التي ليس لديها مثل هذا السجل القوي، التي عبرت المحيط الأطلسي من خلال شركة "شيك على بياض"؛ فقد فشلت بالتأكيد. على سبيل المثال؛ منيت شركة تطبيق الرعاية الصحية "بابيلون هولدينغز" (Babylon Holdings)، ومنصة مبيعات السيارات عبر الإنترنت "كازو غروب" (Cazoo Group)، علماً أنَّهما سلكتا تلك الطريق للأسواق العامة، بانخفاض صادم في أسعار أسهمهما ناهز 98%.

تهديد الهجرة الجماعية من لندن

في مواجهة تهديد الهجرة الجماعية للشركات، عززت الحكومة البريطانية جهودها لزيادة نشاط الإدراج عبر تعديل قواعد الإدراج لوضع بورصة لندن على قدم المساواة مع نظيرتها الأميركية، لكن لم تؤتِ هذه التغييرات ثمارها حتى الآن.

لندن تسجل أدنى مستوى في حصيلة الطروحات الأوروبية منذ 2009

لم يدرج في لندن سوى ثلاث شركات صغيرة حتى الآن خلال العام الجاري، وجمعت مجتمعة حوالي 14 مليون دولار فقط، وهو الرقم الأدنى منذ 2009 على الأقل، وقد تجاوز ذلك التراجع المشهود على الجانب الآخر من المحيط، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ". وفي حين سننتظر حتى نرى فيما إذا كانت شركات جديدة ستنضم للسوق البريطانية أم لا؛ فإنَّ مجرد الاحتفاظ بالشركات المدرجة حالياً سيعد مكسباً بالنسبة إلى لندن.