كيف أساءت السفن الكبيرة لسمعة الشحن البحري ورفعت تكلفته؟

سفينة شحن لشركة "إفرغرين مارين" التايوانية محملة بالحاويات تستعد للرسو في ميناء هتشيسن. هولندا
سفينة شحن لشركة "إفرغرين مارين" التايوانية محملة بالحاويات تستعد للرسو في ميناء هتشيسن. هولندا المصدر: ا ف ب
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواصل أسعار وتكلفة الشحن البحري ارتفاعاتها المتتالية التي بدأت مع تفشي فيروس كورونا، وخاصة شحن البضائع القادمة من الصين، لذا فإن لم تكن أحد التجار المتأثرين بتلك التكلفة فستكون مستهلكا يدفع ثمنها.

ويمكن قياس معدل الارتفاع في الأسعار بتتبع أداء مؤشر ات أسعار الشحن فقبل ستة شهور، كان مؤشر شنغهاي للشحن البحري عند مستوى 1,022 نقطة والاَن وفي يوم الجمعة الماضية يقترب من مستوى 3000 نقطة (معدل الارتفاع يقترب من 200%).

وفي الحلقة الأخيرة من البث الحي "أود لوتس" Odd Lots، تحدثنا مع الاقتصادي والمؤرخ مارك ليفينسون، مؤلف كتاب "ذا بوكس" الذي يتناول ثورة الشحن البحري، عن سبب الارتفاع الصاروخي في الأسعار وفهمنا أن التدفق القليل للغاية في الاتجاه المعاكس يزيد من التكلفة - وهو ما يعني أن تكلفة العودة الفارغة يدفعها التجار الذين يقومون بشحن بضائعهم من الصين - وهذا يعني لخط يربط بين الصين والولايات المتحدة كمثال أن كل طن تقوم الولايات المتحدة باستيراده يلعب دوراً في التكلفة.

تعليقات المشاركين في جلسة البث

السفن العملاقة: لن أقول بالضرورة إنه سيئ للاقتصاد العالمي ككل، ولكنه سيئ ​​لخطوط السفن بالتأكيد. بشكل عام، أفسدت تلك السفن العملاقة نظام النقل، فلديك بالفعل عدد أقل من السفن التي تصل إلى معظم الموانئ اليوم مما كانت عليه سابقاً. ولكنها قليلة العدد كبيرة الحجم. لذا، فكر فيما يمكن أن يفعل هذا بتشغيل الميناء، فليس لديك تدفق سلس للبضائع التي تمر عبر الميناء. الآن لا يحدث شيء في الميناء. هو خال اليوم، حتى تظهر سفينة تريد تفريغ 3000 حاوية في مينائك. ماذا ستفعل؟ كيف ستقوم بتفريغها؟

أين تضع الحاويات؟ الشيء الوحيد الذي حدث هو أن السفن تمضي وقتاً أطول في الميناء، وهذا مضيعة كبيرة لأن تحميل وتفريغ العديد من الحاويات يستغرق وقتاً أطول. تصطف الشاحنات عند البوابة نظراً لوجود العديد من الحاويات التي يجب إحضارها وإرسالها على هذه السفن أو العديد من الحاويات التي يجب تسليمها. لا تستطيع خطوط السكك الحديدية التي تنقل البضائع الواردة للموانئ التعامل مع هذا الطوفان المفاجئ من الحاويات، فلذلك تبقى الحاويات لفترة أطول في الميناء قبل إخراجها منه، وكل هذه الأشياء تؤدي إلى إطالة وقت الترانزيت وتصعب من حصول الشاحنين على شحناتهم التي من المفترض أن تصل في موعدها المحدد. وهذا أمر سيئ للجميع.

سيطرة واحتكار بالقطاع: أصبحت صناعة الشحن البحري بيد عدد قليل من اللاعبين الرئيسيين مقارنة بما كان عليه الوضع في ذروة التجارة العالمية منذ أكثر من عقد:

شكل اللاعبون الكبار ما يسمى بالتحالفات التي أدت إلى إخراج معظم اللاعبين الصغار من العمل. ويضم تحالف واحد شركة "ميرسك" Maersk الدنماركية، وشركة" ميديتيرينيان شيبينغ" Mediterranean Shipping التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، وتمتلك هاتان الشركتان ما يزيد قليلاً عن ثلث إجمالي شحن الحاويات في العالم.

وهناك تحالف آخر يضم شركة "كوسكو" Cosco الصينية للشحن البحري، وشركة "سي إم إيه، سي جي إم" CMA CGM الفرنسية، وشركة "إيفير غرين" Evergreen التايوانية ويسيطر هذا التحالف على 30% من الشحن العالمي. ثم هناك تحالف آخر يضم شركة "هاباغ-لويد" Hapag-Lloyd الألمانية، والخطوط اليابانية، والخط الكوري، والتي لديها حوالي 20% من مجمل الشحن العالمي. ولذلك إذا جمعت هذه التحالفات الثلاثة معاً، فستقترب حصتها السوقية من 85%، فهل ستبقى هذه التحالفات مستمرة؟ يبدو الأمر مستقراً للغاية في الوقت الحالي، ويمكنكم أن تتخيلوا أنه في مرحلة ما ستتدخل الحكومة قائلة: "يا رفاق، لم يعد بإمكانكم الإبقاء على هذا التحالف". إنه أمر غير تنافسي ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.

وحتى قبل أن تبدأ الأمور في التدهور عالمياً وقبل الوباء، ارتكبت أكبر شركات الشحن ما تبين أنه خطأ إستراتيجي، فلقد تحولت إلى الناقلات العملاقة التي لم تثبت فعاليتها كما كان متوقعاً.

لماذا التحول للسفن العملاقة

لم يكن التراجع في نمو التجارة هو العامل الوحيد في التحول للشحن بالسفن العملاقة. فمثلها مثل الشركات في العديد من الصناعات الأخرى، سعت خطوط السفن بلا هوادة إلى تحقيق وفورات الحجم، وكلما كانت أكبر كلما كان أفضل. كان هذا صحيحاً عندما كان بإمكانك بناء سفينة يمكنها حمل 3000 بدلاً من 2000 حاوية، ما أدى إلى انخفاض تكاليف الحاوية بشكل كبير. وعندما يمكنك بناء سفينة تستطيع حمل 10 بدلاً من 5، تكون تكلفة الحاوية أقل بكثير، ولذلك سعت خطوط السفن بقوة إلى تحقيق وفورات الحجم، إلا أنهم لم يضعوا في عين الاعتبار أنه في مرحلة ما، ستصبح السفن كبيرة للغاية للدرجة التي لا يمكن فيها تحقيق وفورات الحجم. وهنا بدأت تشعر بهذا الارتباك في الموانئ، وهنا تبدأ التأخيرات في الشحن، وهنا يبدأ الوثوق في الصناعة بأكملها في التناقص، وهذه الموثوقية المتناقصة هي واحدة من الأشياء التي تجعل المصنعين وتجار التجزئة يتبعون نمطاً جديداً للتوريد بهدف إتاحة منتجاتهم في أماكن مختلفة والتخلص من سلاسل القيمة الزائدة عن الحاجة. الحجم ليس كل شيء، والعديد من خطوط السفن ظنت خطأ أنه كذلك.