الاضطرابات السياسية تهدد بانتكاس اقتصاد السودان

أعمدة دخان تتصاعد من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في العاصمة الخرطوم. 15 أبريل 2023
أعمدة دخان تتصاعد من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في العاصمة الخرطوم. 15 أبريل 2023 المصدر: AWP
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ما إن يتعافى اقتصاد السودان حتى يأتي ما يؤرقه ويعيده ثانية إلى الانكماش، ليتآكل معه ناتجه المحلي الضعيف الذي لم ينمو سوى مرة واحدة خلال السنوات الخمس الماضية.

كان العام الجاري سيمثل أكبر تعافٍ لاقتصاد البلاد في 6 سنوات، في ظل اتخاذ الدولة إجراءات عدة لدعم اقتصادها وموازنتها العامة، إلا أن الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع فاقم الأوضاع وينذر بضياع إمكانية تحقيق أي نمو اقتصادي أو تحسن في مؤشرات الموازنة خلال هذا العام رغم الإجراءات الصعبة التي اتخذتها البلاد.

اندلعت خلافات بين قوات الجيش وقوات "الدعم السريع" في السودان، ووصلت إلى طريق مسدود مع اندلاع اشتباكات مسلحة بين الطرفين في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، يوم السبت، وسط اتهامات متبادلة تعكس عمق الخلاف.

وتتركز الخلافات بين الجانبين حول ملفات داخلية وخارجية، منها الإصلاح الأمني والعسكري، الذي ما يزال أحد أبرز أسباب تعطيل الاتفاق السياسي النهائي في السودان.

إجراءات صعبة

خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بدأ السودان اتخاذ إجراءات صعبة في الوقت الذي كان ينتظر فيه هذا العام لحصد ما تحمله من أعباء.

من بين تلك الإجراءات، ما قامت به الحكومة السودانية في 2022 عندما رفع الدعم نهائياً عن المحروقات ضمن إصلاحات اقتصادية متفق عليها مع صندوق النقد الدولي، شملت تحرير العملة المحلية. منذ انفصال جنوب السودان في 2011، تراجع إنتاج السودان من النفط، الأمر الذي دفعه إلى استيراد أكثر من 60% من احتياجاته من الوقود.

كان خفض قيمة الجنيه السوداني من أبرز وأصعب الخطوات التي اتخذتها البلاد في إطار سلسلة إصلاحات نفَّذتها حكومة انتقالية مدنية تحت إشراف صندوق النقد الدولي.

وأدى "التعويم المنظم" للعملة إلى استقرار سعر الصرف لأشهر. ولكن الاقتصاد تعرض لضغوط منذ أن أطاح الجيش بالحكومة في أكتوبر 2021، وعلق المقرضون الدوليون الكثير من المساعدات.

بداية كبوة

بدءاً من هذا العام، كان يُفترض أن تبدأ وتيرة تحسن الاقتصاد السوداني، حيث كان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد خلال السنوات الخمس المقبلة بنسب تصل إلى 3%، دون أن يواجه أي انكماش، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.

الاشتباكات في السودان لها عدة انعكاسات اقتصادية، وهي تدمير البنية التحتية للبلاد وخلل في سلاسل التوريد، وتحويل الإنفاق من قطاعات هامة إلى التمويل العسكري، وتراجع ثقة المستثمر والمستهلك المحلي، وفق محمد زيدان المحلل المالي في "اقتصاد الشرق".

يقول زيدان إن هذه العوامل ستؤثر على معدلات النمو المستهدفة والمتوقعة، ومن المرتقب أن يعود الاقتصاد إلى الانكماش (الكبير) مرة أخرى هذا العام، مدللاً على ذلك بالانكماش البالغ 17% في عام 2012، والذي كان بسبب انفصال "جنوب السودان".

الاضطرابات ستؤثر على التضخم الذي كان من المتوقع أن يتباطأ تدريجياً بدءاً من هذا العام، لكن التوقعات بزيادة عجز الموازنة وضعف العملة السودانية سيؤديان إلى ارتفاع أسعار المستهلكين فوق 100% مرة أخرى. كما أن ذروة البطالة لن تكون 33%، ومن المستبعد أن تجني الدولة 50% من إيراداتها من الموارد الضريبية وفق مستهدفها، بحسب زيدان.

الاستثمارات الأجنبية

ستفقد السودان الاستثمارات الأجنبية، التي كانت تعتمد عليها الدولة، حيث بدأت بوادر هذا الأمر حتى قبل اندلاع الاشتباكات، وفق حسن الصادي أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة.

وقال في حديثه مع "اقتصاد الشرق"، إن الدولة جذبت ما يقل عن مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، فيما خرج ما يفوق مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من البلاد منذ بداية العام الجاري فقط، مشيراً إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تحتاج أن تكون المخاطر السياسية عند أدنى مستوى لها.

أحدث بيانات الاقتصاد السوداني (وفق بيانات صندوق النقد الدولي)

الدين الحكومي: 127.6% من الناتج المحلي في 2022. التوقعات للعام 2023: 151%

التضخم: تراجع إلى 87% في 2022 بعدما كان 318.2% في 2021. التوقعات للعام 2023: و65%

البطالة: 33.1% متوقعة في 2023 ارتفاعاً من 32.1% في 2022. وتوقعات بتراجع البطالة على نحو مستمر بدءاً من العام المقبل.