لماذا يضخ المغرب ربع مليار دولار بصندوق "بذرة" الأميركي؟

الصندوق يستهدف الاستثمار بالشركات المبتكرة للحلول بمجالات الفلاحة والطاقة والمياه والتعدين

منجم فوسفات بمدينة اليوسفية وسط المغرب تابع لمجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط"
منجم فوسفات بمدينة اليوسفية وسط المغرب تابع لمجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط" المصدر: الشرق
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ضخّت مجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط" المغربية (OCP) 200 مليون دولار جديدة، في صندوق استثماري باسم "Bidra" أنشأته في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، بهدف الدخول في رأسمال الشركات المبتكرة للحلول بمجالات الفلاحة والطاقة والمياه والتعدين.

استُحدث الصندوق، الذي يستمد اسمه من كلمة "بذرة" بالعربية، في أبريل من العام الماضي، من قِبل "المكتب الشريف للفوسفاط" و"جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية" (UM6P) بميزانية استثمار تناهز 50 مليون دولار، وبعد مُرور عام تمّ ضخ 200 مليون دولار إضافية فيه من نفس المُستثمرين، ليصل إجمالي حجم الأموال المستثمرة في الصندوق إلى ربع مليار دولار.

الهدف من الصندوق الاستثماري هو اقتناص حصص في الشركات حديثة النشأة التي تقدم حلولاً مبتكرة بمجالات متنوعة، بهدف نقل المعرفة التي تقود لتحقيق التنمية المستدامة إلى المزارعين في مختلف دول القارة الأفريقية وخارجها، بحسب هشام الهبطي، رئيس مجلس إدارة "Bidra".

وأوضح لـ"اقتصاد الشرق" أن اختيار سان فرانسيسكو كمقر للصندوق يعود لأهمية التواجد قرب سوق الشركات الناشئة الأميركية، والانفتاح على الحلول التقنية الجديدة التي تطورها، والمساهمة في دعم نموها في مختلف دول العالم بما يخدم استراتيجية المجموعة المغربية.

معايير اختيار الشركات

الهبطي، الذي يرأس أيضاً، "جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية" بالمغرب، بيّن أن الصندوق يتطلّع قبل الاستثمار في أيّة شركة إلى وجود المواصفات والمعايير الضرورية لنجاحها على المديين المتوسط أو البعيد؛ "وأولها مدى نجاعة الابتكار الذي تسوقه الشركة المعنية، وتوفيره لتكنولوجيا يمكنها تقديم حلول لمشاكل راهنة أو مستقبلية في مجال التكنولوجيا الفلاحية أو الماء أو الطاقات المتجددة".

تُعتبر مجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط"، الداعمة لصندوق "Bidra"، من أكبر مُنتجي الأسمدة في العالم حيث تحوز على ما يناهز ثلاثة أرباع احتياطيات الفوسفات العالمية، وحققت العام الماضي أرباحاً بنحو 28.2 مليار درهم (2.76 مليار دولار) بزيادة 72% عن 2022، وهي الأعلى منذ تأسيس الشركة المملوكة للدولة منذ أكثر من قرن.

أرباح "الشريف للفوسفاط" المغربية تقفز 72% في 2022 إلى 2.7 مليار دولار

الهبطي أضاف أن المعيار الثاني الذي يحسم دخول الاستثمار؛ هو "مدى نجاح مؤسسي الشركة في تأسيس منظومة فعّالة من إداريين وموظفين وخبراء ووسائل عمل يمكنها المساهمة في جعل ابتكارها ناجحاً". أمّا المعيار الثالث، فيتمثل بوجود رؤية استراتيجية "تُمكِّن من جعل مشروع الشركة مستداماً ومتوازناً في المستقبل".

تنال الشركات المدعومة من قِبل الصندوق الموارد المالية للتطوير والتوسع، وتستفيد أيضاً من خبرة "الشريف للفوسفاط" الموجودة في مختلف دول العالم، وجامعة محمد السادس كمركز للتعليم والبحث والابتكار.

حصيلة 50 مليون دولار

خلال العام الأول، ضخ الصندوق 50 مليون دولار في عدّة شركات من بينها "نيكو روبوتيكس" (Niqo Robotics) التي تستخدم الروبوت لتقليص استخدام المواد الكيميائية في الزراعة، إضافة إلى شركة "باترن إيه جي" (Pattern Ag) المتخصصة في تحليل التربة.

كما استفادت من تمويلات الصندوق شركة "أغروسفيرس" (Agrospheres) المتخصصة في المبيدات الحيوية للحشرات القاتلة، وشركة "أبولو أغريكالتشر" (Apollo Agriculture) التي تتيح للمزارعين الكينيين الوصول إلى مدخلات المحاصيل، وشركة "ترافيرتاين" (Travertine) لتكنولوجيا عزل الكربون وإنتاج حامض الكبريتيك عن طريق إعادة تدوير جبس الفوسفات.

لا يضع صندوق "Bidra" نصب أعينه حصصاً معينة للاستثمار في الشركات المبتكرة، إذ ينوّه الهبطي بأن النسبة المحدّدة تعتمد على أهمية المشروع أو الابتكار واستجابته للمعايير الثلاثة المحددة سلفاً، ما يعني أنها قد تتراوح من حصص أقلية إلى أغلبية مطلقة.

خلال العام الماضي، انحصر تركيز الصندوق على الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا الفلاحية فقط، وبعد زيادة ميزانية استثماره سيتم توسيع مجالات التدخل لتشمل الطاقة والمياه والتعدين. ويرى رئيس مجلس إدارة الصندوق أن "توسيع الاستثمار سيساهم في الحد من البصمة الكربونية للصناعة الفلاحية بالتركيز على الزراعة المستدامة، مع مواجهة تحديات الأمن الغذائي وتوسع العمران ووتيرة التصنيع، والهدف هو وضع المغرب وأفريقيا في طليعة البحث والتكنولوجيا بهذا المجال".

استثمار أخضر

كانت مجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط" أعلنت نهاية العام الماضي عن برنامج استثماري "أخضر" بقيمة 12 مليار دولار للفترة من عام 2023 إلى 2027، بهدف زيادة الإنتاج بالاعتماد على الطاقة الخضراء، وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2040.

سيتيح هذا البرنامج الاستثماري بعد 5 سنوات، إنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراءـ، و5 غيغاواط من الطاقة النظيفة، و560 مليون متر مكعب من مياه البحر المُحلاة، و20 ألف طن من المنتجات الوسيطة التي تُستخدم في بطاريات "فوسفات الحديد والليثيوم" (LFP).

وحصلت المجموعة المغربية في أبريل الحالي على أول قرض بقيمة 100 مليون يورو من مؤسسة التمويل الدولية، التابعة لمجموعة البنك الدولي، لبناء 4 محطات للطاقة الشمسية بقدرة مجتمعة تناهز 202 ميغاواط لتوفير الطاقة النظيفة، بما يقلل بصمتها الكربونية ويعزز إنتاجها من الأسمدة الخضراء.