الشحن البحري يحتاج لتنويع الوقود بعد الاعتماد على صنف واحد

اقتراح بدائل لزيت الوقود من الغاز المسال والميثان والأمونيا.. و50% من الشركات تجرب وقوداً منخفض الكربون

إحدى سفن الحاويات المملوكة لشركة "هاباغ-لويد" تبحر قبالة أحد الموانئ
إحدى سفن الحاويات المملوكة لشركة "هاباغ-لويد" تبحر قبالة أحد الموانئ المصدر: بلومبرغ
Nathaniel Bullard
Nathaniel Bullard

Nathaniel Bullard is BloombergNEF's Chief Content Officer. He writes weekly for Bloomberg Green on energy, transport, technology, climate and finance

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُعد الشحن الدولي من القطاعات التقليدية التي "يصعب الحد من انبعاثاتها"، فبناء سفن الحاويات، وناقلات بضائع المعادن الخام والنفط والحبوب، وناقلات الركاب الكبيرة مرتفع التكلفة، كما أن عمرها الافتراضي يدوم لعقود. ومن الناحية التاريخية، ارتفعت كفاءة سفن الحاويات بزيادة حجمها.

يعمل أكثر من 95% من السفن في الوقت الراهن باستخدام المنتجات البترولية التي توفر الوقود لمحركات الديزل التي عُدلت لتلائم أغراضها الخاصة. وتنقل السفن نحو 90% من التجارة العالمية.

بينما توشك انبعاثات قطاع الطاقة العالمي على بلوغ ذروتها، لم تبدِ انبعاثات خطوط الشحن البحري أي علامة على ذلك. وبحسب وكالة الطاقة الدولية (International Energy Agency)، ارتفعت الانبعاثات الناتجة عن الشحن بمقدار الثلث تقريباً في القرن الحالي. ومع زيادة التجارة الدولية ونقل المدخلات والمنتجات منتهية التصنيع، سترتفع انبعاثات الشحن نتيجة لزيادة الحركة. فالتغيير في قطاع الشحن مسألة صعبة.

ضرورة تغيير نوع الوقود

لكن التغيير أصبح ضرورة أيضاً، حيث استخدمت أكبر السفن أنواع الوقود نفسها لعقود، والتي تعرف معاً باسم "وقود السفن"، وهي عبارة عن المخلفات الناتجة عن تكرير النفط لاستخراج أنواع وقود ومنتجات أخرى. ورغم أن وقود السفن أقل سعراً من أنواع الوقود الأخرى، إلا أنه ثخين اللزوجة فعلياً (تحتاج بعض الأنواع لتسخينها للانتقال عبر نظام الوقود)، ويسبب التلوث بالتأكيد. فوقود السفن غني بالكربون، ومن الطبيعي أن يمُزج بملوثات أخرى مثل الزئبق والكبريت، رغم أن اللوائح الجديدة خفضت نسبة الأخير بشكل كبير.

أظهرت دراسة جديدة عن القطاع كيف يفكر مالكو السفن في مستقبلهم، وكانت الإجابات مفيدة. كما كشفت دراسة مشتركة أجراها "المنتدى البحري العالمي"، و"المركز العالمي لإزالة الكربون من البحار"، ومركز "مكيني مولر للحياد الكربوني في الشحن" عن إجراءات تتخذ في الوقت الحالي، كما تقترح الدراسة سبلاً لتغيير القطاع.

عملاقة الشحن CMA CGM ترغب بشراء "بولور" اللوجستية بـ5.5 مليار دولار

النتيجة الأهم أنه بينما يُعد زيت الوقود هو المعيار المسلم به في القطاع حالياً، فلا تتوقع شركات الشحن التوصل إلى خيار موحد للوقود بحلول منتصف القرن الحالي. ويُنظر إلى مجموعة من أنواع الوقود، تتنوع ما بين الغاز الطبيعي المسال والميثان والأمونيا، على أنها تتساوى تقريباً في قابليتها للاستعمال عند المستوى المطلوب. كما يمكن أن تؤدي أنواع وقود أخرى، مثل الهيدروجين، دوراً، لكن الأرجح أنها ستستخدم على نطاق ضيق. ويمكن أيضاً أن تضطلع الطاقة النووية المستعملة في التطبيقات العسكرية بدور، وإن لم يكن كبيراً.

إجراءات جديدة

من النتائج المهمة الأخرى أن جهود الحد من انبعاثات القطاع في الوقت الحالي تتمحور حول الكفاءة، أي تنفيذ نفس العمل بكمية أقل من الوقود التقليدي. وتشمل تلك الجهود أنشطة مثل توجيه السفن إلى مناطق ذات طقس أفضل، ورفع كفاءة هياكل السفن ومراوحها الدافعة، وتطوير العمليات بغرفة المحرك. كلها إجراءات جيدة، لكن زيادة الكفاءة لن تغير نوع الوقود أو حجم الانبعاثات الناتج عن حرقها.

هنا تظهر ضرورة الابتكارات الأخرى، مثل: أنواع الوقود منخفضة الكربون من الديزل الحيوي والأمونيا المصنعة باستخدام الطاقة المتجددة، ومصادر الطاقة البديلة كالكهرباء المولدة على السفن باستخدام طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية. فما زالت خبرات القطاع متنوعة بشكل كبير.

السفن الخاملة ترسو قرب مراكز التصدير الرئيسية انتظاراً لتدفق التجارة

استخدم نصف شركات الشحن المشاركة في دراسة القطاع أنواع وقود منخفضة الكربون بشكل ما، وأغلبها ما زال في مراحل التجربة المبكرة، بينما لم يعتمد 35% منها فقط على الوقود منخفض الكربون على الإطلاق. مع ذلك، لم يجرب إلا 4% من الشركات مصادر الطاقة البديلة، فيما يخطط نصف الشركات- لكنها لم تجرب بعد- لذلك، وأكثر من ثلثها لا يخطط للاعتماد عليها بأي شكل.

دور الأطراف المعنية

نتيجة مهمة أخيرة: الشحن هو قطاع عالمي منظم، وأن يكون مالكو السفن ومشغلوها يجهلون الحاجة للحد من انبعاثات الكربون بشكل كبير هو احتمال ضئيل. فمن الطبيعي أن تكشف الدراسة عن أن العامل الفاصل الأهم لحد انبعاثات الشحن سيكون ما تفرضه الجهات التنظيمية على القطاع.

مع ذلك، فإن مالكي السفن ومصنعيها هم من سيحددون المسار. ما زالت الصين وكوريا واليابان تهيمن على بناء السفن، بينما تستمر شركات "دايو" (Daewoo)، و"سامسونغ"، و"هيونداي"، و"ميتسوبيشي" في التوسع عالمياً. وأي قرار تتخذه إحدى هذه الشركات شديدة التنافس سيحث الأخريات على الحذو حذوها.

وبوجه مشابه، يمكن لشركات تشغيل السفن مثل "ميرسك"، أو"مديترينيان شيبينغ كومباني" (MSC)، أو "كوسكو" أيضاً استخدام نفوذها لاختيار أنواع الوقود، ما سيقتضي أن يلحق بها أقرانها.

نعم، ستكون اللوائح ومعايير الانبعاثات مسألة جوهرية، لكن الأرجح أن العمل على مستوى الشركة سيحدد مزيج الوقود المستقبلي المعقد في القطاع.