الولايات المتحدة تواجه سيناريو التضخم المرتفع وتباطؤ النمو

استمرار معدلات التضخم المرتفعة بالتزامن مع قوة سوق العمل يدعم حجة الاحتياطي الفيدرالي للاستمرار في رفع أسعار الفائدة

عامل ينقل كومة من الألواح الشمسية في مصنع "هانوا كيو سيلس" للخلايا الشمسية في دالتون بولاية جورجيا، الولايات المتحدة
عامل ينقل كومة من الألواح الشمسية في مصنع "هانوا كيو سيلس" للخلايا الشمسية في دالتون بولاية جورجيا، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تباطؤ الاقتصاد الأميركي كان قائماً حتى قبل حدوث أي ضغط ناجم عن أزمة الائتمان الأخيرة بسبب انهيارات البنوك، في وقت يتسارع التضخم، الأمر الذي يسلط الضوء على التحدي الهائل الذي يواجهه بنك الاحتياطي الفيدرالي.

أظهرت بيانات مكتب التحليل الاقتصادي، اليوم الخميس، أنَّ الناتج المحلي الإجمالي نما بمعدل 1.1% على أساس سنوي في الربع الأول، وهو ما يقلّ بشكل ملحوظ عن متوسط التوقُّعات البالغ 1.9% في الاستطلاع الذي أجرته "بلومبرغ".

بيانات تدعم حجّة رفع الفائدة

كان التباطؤ مدفوعاً إلى حد كبير بتراجع المخزونات، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي الذي لعب دور المحرك الرئيسي للنمو. ومع ذلك؛ حذّر الاقتصاديون من أنَّ الزخم تباطأ مع تقدم الأيام والأسابيع في الربع الأول من العام، وهو ما يعدّ علامة تحذيرية بالنسبة إلى الربع السنوي الحالي.

بشكل محبط بالنسبة إلى الاحتياطي الفيدرالي؛ ارتفع مؤشر الأسعار الأساسي المفضل لدى البنك المركزي -والذي يستثني الغذاء والطاقة- بنسبة 4.9% في الفترة من يناير إلى مارس، وهي أسرع وتيرة في عام. وفي الوقت ذاته، أكد تقرير منفصل على استمرار قوة سوق العمل، إذ انخفضت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية بشكل غير متوقَّع.

بيانات أميركية جديرة بالمتابعة قبيل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي

كل ذلك يزيد من الحجة القوية لدى جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وزملائه، لرفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إضافية في اجتماع السياسة النقدية في 2 و3 مايو. وقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين بناءً على ذلك الرهان صباح الخميس. ويشير ذلك أيضاً إلى تزايد مخاطر حدوث تضخم مصحوب بالركود، حيث يتباطأ الاقتصاد فيما يظل التضخم ثابتاً عند مستويات أعلى بكثير من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.

قال كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في "إندبندنت أدفيسور ألاينس" (Independent Advisor Alliance): "كانت بيانات هذا الصباح هي الأسوأ على كلا الصعيدين، حيث انخفض النمو، وارتفع التضخم".

ضعف الاستهلاك

ستقدم البيانات المقرر صدورها يوم الجمعة، نظرة تفصيلية أكثر حول كيفية تطور الإنفاق الاستهلاكي خلال الربع الأول من العام. يتوقَّع الاقتصاديون تسجيل انخفاض بنسبة 0.1% في الإنفاق الشخصي الحقيقي للشهر الثاني في مارس بعد قفزة بلغت 1.5% في يناير، عندما دعم الطقس الدافئ مبيعات التجزئة.

كتب الاقتصاديون المتخصصون في شؤون الولايات المتحدة في "مورغان ستانلي" بقيادة إيلين زينتنر في مذكرة: "كان الاستهلاك ضعيفاً في أواخر الربع الأول.. بالإضافة إلى أنَّ الطقس حفّز الإنفاق مبكراً، فقد لعب الدعم الفيدرالي الأقل الخاص بتكاليف الغذاء للأسر ذات الدخل المنخفض دوراً أيضاً في الحد من المشتريات في أواخر الربع الأول".

انخفاض بأكثر من المتوقع لطلبيات المصانع الأميركية

ذكرت زينتنر وزملاؤها أنَّهم "يتوقَّعون أن يكون هناك تباطؤ كبير في الربع الثاني من 2023، إذ إنَّ الأثر التراكمي للسياسة النقدية الأكثر تشدداً وضغوط القطاع المصرفي، يدفعان النمو إلى المنطقة السلبية".

يتوقَّع الاقتصاديون أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة ثابتة تبلغ 0.2% خلال ربع السنة الحالي، بحسب ما أظهر استطلاع أجرته "بلومبرغ".

نقاط مهمة حول الربع الأول:

  • عكست الزيادة السنوية في الإنفاق الاستهلاكي البالغة 3.7% مكاسب في كل من السلع والخدمات، بما في ذلك زيادة في مشتريات السيارات.
  • سجلت الخدمات زيادة بلغت 2.3%، قادتها قطاعات الرعاية الصحية، وكذلك المطاعم والفنادق.
  • ارتفع الإنفاق على السلع بنسبة 6.5%، وهي الأعلى منذ حوالي عامين.
  • شهد إنفاق الشركات على المعدات، أكبر انخفاض منذ بداية تفشي الوباء، حيث تراجع على أساس سنوي بنسبة 7.3%.
  • قلّصت المخزونات الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.26 نقطة مئوية، وهي أعلى نسبة مسجلة في عامين.

ارتفعت المبيعات النهائية المعدلة حسب التضخم للمشترين المحليين من القطاع الخاص -وهو مقياس رئيسي للطلب الأساسي- بأكبر معدل منذ الربع الثاني من 2021، بعد ركودها في نهاية العام الماضي. وتم تعزيز هذا المعدل من خلال أرقام الإنفاق الاستهلاكي.

اقرأ أيضاً: التضخم قد يستمر حتى لو دخلنا في ركود اقتصادي

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":

"الاقتصاد الأميركي أقوى مما يبدو، حيث يستمر المستهلكون في الإنفاق على كل من السلع والخدمات. وبرغم أنَّ الناتج المحلي الإجمالي نما 1.1% فقط بشكل عام في الربع الأول؛ فإنَّ المبيعات النهائية للمشترين المحليين ارتفعت بقوة أكبر بلغت 3.2%، مما يبدد مخاوف الركود في الوقت الحالي". _ إليزا وينغر، خبيرة اقتصادية

كانت تعاملات الأسهم ما قبل افتتاح السوق قد أظهرت أنَّ المستثمرين يضعون حوالي 90% من الترجيحات لرفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، وذلك ارتفاعاً من 79% في وقت متأخر من يوم الأربعاء.

أظهرت بيانات منفصلة صدرت اليوم الخميس أنَّ طلبات إعانات البطالة تراجعت للمرة الأولى منذ ثلاثة أسابيع. ولم تطرأ تغييرات كبيرة على الطلبات المستمرة، التي يمكن أن تقدم نظرة ثاقبة حول مدى سرعة عثور الأميركيين العاطلين عن العمل على وظائف جديدة.

قال كليف هودج من "كورنرستون ويلث" (Cornerstone Wealth): "ما يزال التضخم مستعصياً، إلى جانب القوة المستمرة في سوق العمل، مما يعني أنَّه يجب على الاحتياطي الفيدرالي أن يبقي على مسار زيادة أسعار الفائدة في مايو، وربما يونيو".