"إكسون موبيل" تملك أموالاً أكثر من اللازم حالياً

وفرة السيولة قد تدفعها لشراء شركة نفط صخري أميركية كبيرة تعمل بحوض بيرميان

لافتة شركة "إكسون" معلقة بمحطة وقود في ميامي بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية
لافتة شركة "إكسون" معلقة بمحطة وقود في ميامي بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية المصدر: غيتي إيمجز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تمر شركة "إكسون موبيل" بمشكلة لطيفة وهي توفّر نقود أكثر من اللازم. بعد أن استمتعت ببداية سنة تعد الأكثر ربحية في تاريخها؛ اختتمت الربع الأول بأرصدة بنكية بلغت 32.7 مليار دولار.باستثناء 4 فترات ربع سنوية بين أواخر 2007 وأوائل 2008، عندما صعدت أسعار النفط لمستوى قياسي عند 150 دولاراً للبرميل؛ يعتبر هذا أكبر مبلغ نقدي في تاريخها.

إذا كان هذا يشابه نوعاً من الثروات في فيلم "All the Money in the World"، يجسد ثروات قطب أعمال النفط الراحل جيه بول جيتي، فذلك لأنَّ "إكسون" تحولت حالياً لماكينة ضخ نقدية.

خلال الربع الأول من العام الجاري، جنت الشركة 16.3 مليار دولار نقداً من العمليات التشغيلية. بعد استقطاع 5.8 مليار دولار من الإنفاق النقدي على المشروعات و8.1 مليار دولار توزيعات أرباح وعمليات إعادة شراء للأسهم، استطاعت تقليص ديونها بصورة طفيفة وادّخار 3 مليارات دولار.

توقعات أداء "إكسون" في 2023

وضع تقدير استقرائي لسنة كاملة على أساس ربع واحد مسألة محفوفة بالمخاطر قطعاً، لكن اعذوروني في إعادة قراءة بعض الأرقام. في حال استمرت وتيرة أداء "إكسون" للفترة من يناير إلى مارس على مدى بقية السنة الجارية؛ فستنهي 2023 وفي أرصدتها البنكية 42 مليار دولار. بحسب بيانات "بلومبرغ"؛ فإنَّ ذلك سيتخطى أعلى مستوى لها بالتاريخ الذي بلغ 41.4 مليار دولار خلال 2007.

أرباح "إكسون" و"شيفرون" تزدهر وكأن سعر النفط 145 دولاراً

حتى في حالة عدم تمكّن "إكسون" من الحفاظ على وتيرة الأداء نفسها؛ فإنَّ السؤال البديهي يتمثل فيما يجب أن تفعل بكل الأموال التي جمعتها فعلاً؟ تجد كاثي ميكيلز، المديرة المالية للشركة، متعة في مشكلة من هذا النوع. عندما سألتها حول إذا لم يكن هذا هو الوقت المناسب لفتح حصالة النقود، ردت مازحة بأنَّ الشركة كانت تجني أموالاً جيدة من وفرة السيولة النقدية. تدفع إكسون حوالي 3% بالمتوسط فائدة على ديونها، بينما أسعار الفائدة قصيرة الأجل على المدخرات في أميركا تزيد بالوقت الراهن على 4%.

آخر مرة راجعت فيها الوضع، برغم ذلك، لم تكن "إكسون" تستغل عملية مراجحة أسعار الفائدة، والتي قد تكون مربحة. إذا لم تَحتج الشركة لكل هذه الأموال الكبيرة؛ فسيجد حاملو أسهمها طرقاً لإنفاقها بالطبع.

برغم ذلك، تنفق "إكسون" فعلاً بسخاء على مستثمريها. وتعتزم تخصيص ما يفوق 30 مليار دولار خلال 2023 لعمليات توزيع الأرباح وإعادة شراء الأسهم. أشارت ميكيلز لنقطة جيدة تبين أنَّ "إكسون" تفضل الامتلاك على ما تسميه هي الميزانية العمومية "القلعة" في مواجهة دورة أسعار النفط. مع ذلك؛ في ظل تراجع صافي الدين لـ4% فقط من رأسماله، وتكدّس السيولة النقدية بالبنك، فقد بنت تلك القلعة فعلاً. ستكون "إكسون" قريباً بحاجة للتفكير في خيارات أخرى.

نفط

خيارات إنفاق "إكسون"

يتمثل الخيار الأول في الإسراع بوتيرة عمليات إعادة شراء الأسهم خلال النصف الثاني من العام الجاري في حال بقي مستوى الربحية مرتفعاً على منوال الفترة نفسها بين يناير ومارس الماضيين. خططت الشركة لإعادة شراء أسهم بقيمة 17.5 مليار دولار العام الجاري، ونفس الأمر لـ2024. كما سترفع هذا المبلغ غالباً لـ20 مليار دولار تقريباً إذا بقيت أسعار النفط عند المستويات الراهنة، واستطاعت الاستمرار في تقييد الإنفاق.

يوجد خيار آخر، وهو شراء شيء ما. عندما توفّر هذا المبلغ الهائل من السيولة النقدية آخر مرة، بعهد الرئيس التنفيذي السابق ريكس تيلرسون، استحوذت على شركة "إكس تي أو" (XTO) المنتجة للغاز الصخري في مقابل 30 مليار دولار. كانت صفقة استحواذ كارثية حيث جاءت أثناء ذروة دورة السوق. خفضت الشركة القيمة الدفترية الخاصة بها بطريقة كبيرة.

قيمة "إكسون" تتخطى"تسلا" مع عودة شركات النفط بقوة

لكن في ظل وفرة الاحتياطيات النقدية بالميزانية العمومية، توجد أنباء منتشرة بقوة بقطاع النفط الأميركي تشير إلى أنَّ "إكسون" قريبة من بدء موجة اندماج واستحواذ أخرى، إذ تدخل في شراء شركة نفط صخري أميركية كبيرة تعمل بحوض بيرميان وفير الإنتاج، على غرار شركة "بايونير ناتشورال ريسورسز". كانت آخر صفقة كبيرة لـ"إكسون" في أميركا هي شراء أراضي النفط الصخري التي تعود لعائلة باس بالجزء المكسيكي الجديد من حوض بيرميان، إذ سدد ما يفوق 5.6 مليار دولار دفعة مقدمة خلال 2017، علاوة على مليار دولار أخرى من المدفوعات الإضافية.

"حوض بيرميان" جائزة كبرى

تحاول ميكيلز برغم ذلك تقليل التوقُّعات، إذ أخبرتني أنَّ شركة "إكسون" ستكون "دقيقة" فيما يتعلق بصفقات الاندماج والاستحواذ. في ظل زيادة نتاج النفط في غيانا؛ فإنَّها ليست بحاجة للتسرع قطعاً. ربما سيكون لدى "إكسون" و"غيتي" هذه المرة أمر مشترك يتخطى توليد مبالغ نقدية كبيرة. عُرف قطب أعمال النفط الراحل بسياسته التقشفية عندما يرتبط الأمر بالنفقات، لدرجة أنَّه دخل بمفاوضات دفع فدية لحفيده في فترة السبعينيات من القرن الماضي.

ليست "إكسون" بحاجة للذهاب لمثل هذه المواقف المتطرفة، لكن لا ينبغي لها أن تنفق ببذخ أيضاً. يعتبر حوض "بيرميان" جائزة كبرى، لكنْ ليس بأي ثمن.