"المركزي الأوروبي" بحاجة إلى إبطاء الزيادات السريعة للفائدة

اعتراف صناع السياسة النقدية بمخاطر النمو وضرورة معالجة التضخم.. بداية التصدي لمشكلة ارتفاع الأسعار

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا.
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا. المصدر: بلومبرغ
Marcus Ashworth
Marcus Ashworth

Marcus Ashworth is a Bloomberg Opinion columnist covering European markets. He spent three decades in the banking industry, most recently as chief markets strategist at Haitong Securities in London.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يواجه البنك المركزي الأوروبي قراراً صعباً آخر في اجتماع السياسة النقدية المقرر غداً الخميس. من المبكر الدعوة إلى وقف دورة زيادة أسعار الفائدة، إذ يستمر التضخم عند مستوى يفوق كثيراً المعدل المستهدف. لكن، من الحصافة أن يبطئ صناع السياسة النقدية وتيرة التشديد النقدي، وأن يمنحوا أنفسهم الوقت الكافي لتقييم أثر وقف برنامج التحفيز الكبير الذي قاموا به حتى الآن.

زيادة الفائدة بمقدار ربع نقطة على الودائع الرسمية لتبلغ 3.25%، تتيح أكبر قدر من الخيارات، وتأتي متماشية مع توقعات سوق العقود الآجلة. يحتاج البنك المركزي الأوروبي بالفعل إلى المحافظة على المرونة، إذ لا يزال النمو في منطقة اليورو ضعيفاً، بعد تسجيله 0.1% فقط خلال الربع الأول. ليس بالضرورة أن يؤدي خفض وتيرة زيادة أسعار الفائدة عن معدلات نصف نقطة التي باتت تمثل القاعدة، إلى خفض الذروة التي يمكن أن تصل إليها تكاليف الاقتراض، إلا أن الأمر بعد ذلك قد يحتاج وقتاً أطول.

قرار صعب

سيكون قراراً صعباً يتعلق بإمكانية إقرار زيادة أخرى بمقدار نصف نقطة على أسعار الفائدة غداً الخميس، أو سيقود الحذر إزاء توقعات النمو والتفاؤل حول أسعار المستهلكين إلى زيادة ربع نقطة. في كلتا الحالتين، سيشهد الأسبوع الجاري سابع ارتفاع على التوالي من نقطة انطلاق سالب 0.5% خلال يوليو الماضي، لكن مفاقمة المصاعب من خلال زيادات كبيرة، تعني المخاطرة بارتكاب خطأ في السياسة النقدية من الممكن تفاديه.

يُنتظر أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة ربع نقطة فقط اليوم الأربعاء. نما الاقتصاد الأميركي فقط 1.1% على أساس سنوي خلال الربع الأول، ما يُعد تراجعاً كبيراً مقارنة بـ2.6% خلال الربع الأخير من العام الماضي. يتعين أن تكون هذه إشارة تحذيرية. وتشير التوقعات أيضاً إلى أن زيادة بنك إنجلترا المركزي ستكون بمقدار 25 نقطة أساس في 11 مايو الجاري، في أعقاب اتباعه لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي فعلياً بإبطاء وتيرة التشديد النقدي. يُعتبر تركيز البنك المركزي الأوروبي على قضايا منطقة اليورو أمراً ضرورياً، لكن التفرد بكونه البنك المركزي الكبير الأكثر جرأة فيما يتعلق بأسعار الفائدة، تنجم عنه تعقيدات، لا سيما خطر إضعاف قوة الصادرات بسبب قوة سعر صرف اليورو.

اقرأ أيضاً: التضخم الأساسي بمنطقة اليورو يتباطأ في أبريل

هبط معدل التضخم في منطقة اليورو بصورة كبيرة من مستوى ذروته عند 10.6% في أكتوبر الماضي، رغم أنه لا يزال بعيداً عن المعدل المستهدف من البنك المركزي الأوروبي الرسمي البالغ 2%. ينصب الاهتمام الأساسي حالياً على الأسعار الأساسية القياسية، عدا الغذاء والطاقة، والتي ظلت في مسارها التصاعدي. رغم ذلك، هناك بوادر مشجعة لتحوّل المعركة لصالح البنك المركزي الأوروبي، حيث تدل بيانات التضخم الخاصة بكل دولة على حدة، من ألمانيا إلى بلجيكا وإسبانيا، على تراجع آخر في معدل التضخم الكلي لمنطقة اليورو خلال أبريل المنصرم.

انحسار الائتمان

أشار فريدريك دوكروزيت، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في بنك "بيكتيت أند سي" (Banque Pictet & Cie) في تغريدة الأسبوع الماضي، إلى أن توقعات التضخم في استطلاعات الرأي التي أجرتها المفوضية الأوروبية، آخذة في الانخفاض على كافة الأصعدة. الأمر الأكثر أهمية بحسب شركات التجزئة والتصنيع، هو أن توقعات أسعار البيع بدأت تهبط سريعاً. وقد بلغت هذه التوقعات ذروتها على ما يبدو، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قطاع الخدمات الذي يتسم عادة بالتباطؤ.

يشير ديفيد باول، كبير خبراء الاقتصاد المتخصص في منطقة اليورو في "بلومبرغ"، إلى تزايد إمكانية حدوث هبوط قاسٍ، مع تحول نمو المعروض النقدي السنوي باليورو من المستوى الأول (M1) إلى مستوى أكثر سلبية. يرجّح أن تكشف بيانات الائتمان في الاتحاد الأوروبي عن شهر مارس الماضي، والصادرة أمس الثلاثاء، بدء انحسار قروض الأسر والشركات.

بصرف النظر عن أسعار الفائدة، لن تُتخذ قرارات جوهرية أخرى غالباً حتى المراجعة الاقتصادية الفصلية في 15 يونيو المقبل. ولا يُتوقع ارتفاع الوتيرة الشهرية لخفض التشديد الكمّي حتى ذلك الوقت. خلال يونيو المقبل، سيتوقف العمل ببرنامج دعم سيولة النظام المصرفي السخي بقيمة 1.3 تريليون يورو من قبل البنك المركزي الأوروبي، وهي عمليات إعادة تمويل محددة الهدف وطويلة الأجل. لذلك، ربما يُضطر البنك المركزي الأوروبي إلى دراسة مرحلة انتقالية في هذه الأثناء، لتفادي أي صعوبات في توافر السيولة لم تكن بالحسبان. يُجري حالياً البنك المركزي الأوروبي مراجعة تشغيلية، ومن المقرر صدور تقرير بشأنها في وقت لاحق من العام الجاري، سيتناول فيه طريقة إدارة أسعار الفائدة وسط تراجع السيولة المفرطة. أما بنك إنجلترا، فيبحث في سبل المضي قدماً في استغلال آلية إعادة الشراء قصيرة الأجل الذكية والمركزة.

يمتلك البنك المركزي الأوروبي أسباباً منطقية عديدة للتمهل وإبطاء –وليس إنهاء- معركته في مواجهة التضخم. مع تزايد خطر الإفراط في تشديد السياسية النقدية، قد يساعد التعقل في ذلك كثيراً عند اتخاذ قرار الأسبوع الجاري.