الصين تبدأ إجراءات جديدة لتقييد وصول الأجانب لبيانات الشركات

المتطلبات تم فرضها من الجهات التنظيمية في وقت تروّج فيه البلاد لجذب الاستثمارات الأجنبية

أعلام الصين ترفرف في ميدان تيانانمين مع أعلام حمراء أخرى قبل جلستها العامة الخامسة للدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر المؤتمر الشعبي الوطني في قاعة الشعب الكبرى في بكين، في الصين الأحد الموافق 12 مارس 2023
أعلام الصين ترفرف في ميدان تيانانمين مع أعلام حمراء أخرى قبل جلستها العامة الخامسة للدورة الأولى للمجلس الوطني الرابع عشر المؤتمر الشعبي الوطني في قاعة الشعب الكبرى في بكين، في الصين الأحد الموافق 12 مارس 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

توقف مقدمو البيانات المالية في الصين في الآونة الأخيرة عن توفير معلومات الشركات الكبرى للعملاء الأجانب، ما يبرز الصعوبة المتنامية التي تتعرض لها الشركات الأجنبية عند محاولة الحصول على بيانات قد تعتبرها بكين حساسة.

توقفت "ويند إنفورميشن" (Wind Information) خلال الشهور الأخيرة عن السماح للعملاء باستعمال منصتها خارج البر الرئيسي الصيني للوصول إلى قاعدتها لسجلات بيانات الشركات، بحسب عدد من الأشخاص على دراية بالأمر رفضوا الإفصاح عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع.

أضاف الأشخاص أن التغيير يأتي ضمن متطلبات الجهات التنظيمية، فيما أكدوا أن أجزاء أخرى من الخدمات المقدمة مستمرة كما هو معتاد دون تغيير.

صعوبات المستثمرين

يتعرض المستثمرون العاملون في الصين لبيئة أشد صعوبة رغم مساعي بكين لتحسين العلاقات عالمياً. وتقع شركات الخدمات الاستشارية الأميركية بصفة خاصة تحت المجهر، إذ استهدفت السلطات في الأسابيع الأخيرة المكاتب الصينية لشركات "باين أند كومباني" (Bain & Company) و"مينتز غروب" (Mintz Group) و"كابفيجين" (Capvision)، بحسب تقارير إعلامية.

وسع قانون جديد أصدرته الحكومة الشهر الماضي لمكافحة التجسس من قائمة الأنشطة التي يمكن أن تعتبر تجسساً، ما يفاقم المخاطر على الشركات الأجنبية.

أوضح جورج ماغنوس، مؤلف كتاب "الأعلام الحمراء: لماذا الصين في عصر شي عرضة للخطر"، في إشارة إلى الحزب الشيوعي الصيني، أن هذا التحرك "يبرز تشييد الحزب الشيوعي الصيني لجدار جديد يفصلها عن باقي دول العالم، وخلال عقود من البحث في القطاع الخاص والأكاديمي، تعثرت في مشاكل النشر العرضية مع الحكومات التي تتعامل بحساسية، لكنني لم أصادف أبداً حكومات تغلق أو تقيد الوصول إلى مصادر البيانات المحلية".

صحيفة حكومية: الصين مطالبة بالتوازن بين النمو والأمن

تجمع "ويند" بيانات لما يفوق 200 مليون شركة و270 مليون وكيل قانوني ومدير تنفيذي، بحسب موقعها على الإنترنت. وتحتفظ بمعلومات حول مساهمي الشركة ووحداتها التابعة، وأنشطة عمليات التمويل والاستثمار، والنزاعات القانونية ومخاطر التشغيل.

فقد بعض المستخدمين خارج البر الرئيسي الصيني في بعض الأوقات القدرة على الوصول لقواعد بيانات سجلات الشركات في شركتي " كيشاشا" (Qichacha) و" تيانيانشا" (TianYanCha)، حيث تقدمان خدمات مشابهة، بحسب عدد من الأشخاص الآخرين.

حظر الأجانب

أكد ما يزيد على 10 أشخاص من مستخدمي "ويند" الأجانب، تواصلت معهم "بلومبرغ"، أنه لا يزال باستطاعتهم الوصول لبيانات أخرى بخلاف قاعدة بيانات سجلات الشركات، ولم يتعرضوا لمشكلات في تجديد الاشتراك بالخدمة. أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن بعض الشركات الأجنبية لم تحددها، بما فيها مراكز أبحاث وشركات بحوث، لم تتمكن من تجديد الاشتراك في "ويند" لأسباب تتعلق بما وصفته الشركة مشكلات "امتثال للقواعد".

لم ترد "ويند" و"تيانيانشا" على استفسارات عبر البريد الإلكتروني مرسلة إلى عناوين مدرجة بمواقعهم الإلكترونية. ولم يستجب ممثل "كيشاشا" على طلب للتعليق على الموضوع. كما لم ترد إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية على اتصالين هاتفيين وفاكس، إذ ما زالت البلاد في إجازة عطلة عيد العمال.

بايدن يقيّم إجراءات تقييد الاستثمار الأميركي في قطاع التكنولوجيا الصيني

توفر أيضاً شركة "بلومبرغ إل بي" الشركة الأم لـ"بلومبرغ نيوز"، بيانات ومعلومات لقطاع الخدمات المالية.

تتصاعد عمليات التدقيق بعمل شركات الاستشارات الأميركية. ونقل تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أمس الثلاثاء عن 4 أشخاص لم تحدد هوياتهم على دراية بالأمر قولهم إن الشرطة داهمت مكتب "كابفيجين" في شنغهاي. وأكدت "باين" الأسبوع الماضي أن السلطات الصينية استجوبت موظفين بمكتبها في شنغهاي، دون الإفصاح عن تفاصيل توضح طبيعة التحقيق. أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها خلال مارس الماضي بأنه في الحالة الأشد تطرفاً حتى الآن، اُعتقل كافة الموظفين المحليين الخمسة في شركة "مينتز" في أثناء مداهمة للشركة.

مداهمات للمكاتب

يتعارض الضغط المتصاعد على الشركات الأجنبية العاملة في الصين، على ما يبدو، مع جهود بكين لتحسين العلاقات الدبلوماسية في أعقاب إعادة فتح اقتصاد البلاد. وتعهد رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ - الرجل الثاني في البلاد بعد الرئيس شي جين بينغ - خلال مارس الماضي بإتاحة "مساحة شاسعة " للشركات الدولية تسمح بنموها داخل الصين.

رحبت البلاد بمجموعة من القادة ووفود الأعمال من دول شتى منها ألمانيا وفرنسا. وخلال الشهر الماضي، طالب المكتب السياسي الصيني ببذل جهود أكبر لزيادة الاستثمار الأجنبي.

بات المستثمرون العالميون أشد حذراً حيال الصين، رغم تحسن العوامل الأساسية للاقتصاد. وهبط مؤشر "إم إس سي آي تشاينا" 17% تقريباً من مستوى ذروته بلغه يناير الماضي، بينما لم يشهد المؤشر العالمي لشركة "إم إس سي آي" تغيراً يذكر خلال الفترة نفسها.

تفاقم الشعور بالقلق حول شفافية المعلومات في ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، ما قوض عوامل جذب الاستثمار. وخلال أكتوبر الماضي، أجلت الحكومة إصدار تقارير اقتصادية مهمة عديدة، من بينها أرقام الناتج المحلي الإجمالي، دون توضيح السبب. كثيراً ما دعت منظمة الصحة العالمية الصين إلى أن تكون أكثر صراحة حول موقف وباء كوفيد داخل حدودها.

شددت الصين من قبضتها على قطاعها المالي المحلي منذ انعقاد مؤتمر الشعب الوطني خلال مارس الماضي، عندما كشف "شي" النقاب عن مجموعة من الإصلاحات التي تهدف لتشديد الرقابة على القطاع الخاص والقطاعات الاستراتيجية الأساسية.

أكدت ديانا تشويليفا، كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة "إينودو إيكونوميكس" (Enodo Economics)، وهي شركة بحوث مقرها لندن تهتم بالصين: "يُعدّ القطاع المالي عنصراً أساسياً للأمن القومي للبلاد، من وجهة نظر الرئيس الصيني شي جين بينغ، وعن طريق إجراء إصلاح تنظيمي شامل صادق عليه مؤتمر الشعب الصيني خلال مارس الماضي، يسعى القائد الأعلى لإحكام السيطرة التامة على القطاع المالي الهائل في الصين".