شولتس يزور أفريقيا وسط تنافس أوروبي صيني على النفوذ في القارة

أوروبا تتعلم الدرس من الاعتماد على روسيا في الطاقة وتبحث تنويع مصادر سلاسل التوريد في القارة السمراء

المستشار الألماني أولاف شولتس
المستشار الألماني أولاف شولتس المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتوجّه المستشار الألماني أولاف شولتس إلى كينيا وإثيوبيا اليوم الخميس في إطار جهود أوروبية للتواصل مع ما يسمى دول جنوب العالم ومواجهة نفوذ الدول الاستبدادية مثل روسيا والصين.

الحكومة في برلين مقتنعة أن أوروبا يمكن أن تصبح شريكة أفضل لأفريقيا مقارنة بالصين، ويسعى شولتس إلى دفع المحادثات بشأن اتفاقيات التجارة والتعاون مع الدولتين خلال زيارته التي تستغرق ثلاثة أيام.

بموجب مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، قدمت الصين حوالي 900 مليار دولار على مدى العقد الماضي لمشروعات في البنية التحتية ومجالات أخرى في جميع أنحاء العالم، وكذلك في أفريقيا.

هل أوقعت الصين نفسها في فخ الديون الأفريقية؟

وفي ظل معاناة الدول المقترضة الفقيرة لإدارة أعباء ديونها، تتعرض بكين لانتقادات لدورها كأكبر دائن حكومي في العالم للدول النامية.

أوروبا تتعلم الدرس

تنظر ألمانيا ودول أوروبية أخرى إلى بكين بشكل متزايد على أنها منافسة استراتيجية، وتكافح لتقليل اعتمادها الاقتصادي على الصين، وهو درس مستفاد من اعتمادها المفرط على الطاقة الروسية. كما تريد ألمانيا ودول أوروبية أخرى التأكد من أن لديها سلاسل إمداد يمكن الاعتماد عليها في بلدان ثالثة صديقة.

أصبحت كينيا وإثيوبيا بين أكثر الدول التي حصلت على قروض من الصين في القارة، وفقاً للبيانات التي جمعتها مبادرة البحوث الصينية الأفريقية في جامعة "جون هوبكينز"، ويشمل ذلك تمويل أكبر مشروع بنية تحتية في كينيا بعد استقلالها، وهو خط سكة حديد بين نيروبي ومومباسا واجه منذ ذلك الحين مشاكل في إعادة التمويل.

أصبح دور الصين كمقرضة رئيسية للعديد من الدول النامية أحد أركان المنافسة الاستراتيجية الأوسع مع الولايات المتحدة على النفوذ في جميع أنحاء العالم. وروّج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لبدائل خاصة بهما لمواجهة مبادرة "الحزام والطريق"، لكن اعتمدت مخططاتهما على تقديم القطاع الخاص للقروض ما جعل فرص نجاحهما غير مؤكدة.

الاتحاد الأوروبي يقدم بديلاً للحزام والطريق الصيني عبر بوابته العالمية

قال المسؤولون المشاركون في التحضير للزيارة، إن شولتس خلال محادثاته في إثيوبيا وكينيا، يريد مناقشة التحدي المتمثل في خفض الديون ودور الصين في تلك الجهود.

يسعى شولتس خلال الزيارة إلى تعميق العلاقات التجارية ومناقشة التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، ويرافقه وفد تجاري كبير.

الهيدروجين الأخضر.. مجال تعاون مشترك

في إطار التوجه لتأمين إمدادات الطاقة وتنويعها، تراهن ألمانيا على الهيدروجين الأخضر كونه وقود المستقبل، وترى أن البلدان الغنية بالشمس مثل كينيا وناميبيا أيضاً بمثابة شركاء مثاليين لإنتاج الهيدروجين الأخضر وبيعه للعملاء الأوروبيين بمساعدة التكنولوجيا والخبرة المتاحة لدى الشركات الألمانية.

وقال فولكر تراير رئيس قسم التجارة الخارجية في الغرفة الألمانية للصناعة والتجارة لـ"بلومبرغ": "تهتم الشركات الألمانية بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا.. في ضوء التحديات الجيوسياسية الحالية، يجب أن نستفيد من جميع الفرص المتاحة بما في ذلك في أفريقيا".

"البنك الأوروبي" يبحث عن شركاء للاستثمار بالهيدروجين الأخضر في المغرب

يرى شولتش أن كينيا بمثابة دولة شريكة واعدة أخرى، إذ تحصل بالفعل على أكثر من 90% من الكهرباء باستخدام الطاقات المتجددة وتستهدف 100% بحلول عام 2030.

وقال وزير الشؤون الخارجية الكيني ألفريد موتوا لـ"بلومبرغ" إن بلاده مهتمة بجذب المزيد من المستثمرين الألمان، مضيفاً أن زيارة شولتس إلى كينيا برفقة العديد من التنفيذيين، بمثابة إشارة واعدة.

محادثات شراكة تجارية في مرحلة متقدمة

تحرص كينيا بوجه خاص على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجالات التصنيع وإنتاج الغذاء، ولكنها تتطلع أيضا إلى توثيق التعاون في مجال الطاقات المتجددة والتقنيات الصديقة للمناخ.

أضاف موتوا أن "كينيا من الدول الرائدة في استخدام الطاقة الخضراء، ونحرص على تقاسم مواردنا منها مع ألمانيا وأوروبا".

الصين تتنازل عن قروض لأفريقيا وتوجه 10 مليارات دولار لدول بالقارة

خلال الاجتماعات في نيروبي، ترغب ألمانيا دفع المحادثات التي هي في مرحلة متقدمة بالفعل بين الاتحاد الأوروبي وكينيا لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية مؤقتة؛ وهي اتفاقية تجارية خاصة من شأنها إتاحة الوصول بدون تعريفات جمركية وحصص إلى السوق الموحدة العملاقة للتكتل لمعظم السلع الواردة من كينيا بينما لا تلغي تلقائياً الحواجز التجارية أمام الشركات الأوروبية لدخول السوق الكينية.

قال مسؤولون مشاركون في الإعداد لزيارة شولتس إن ألمانيا تأمل في استخدام الاتفاقية لتكون بمثابة نقطة انطلاق لإبرام اتفاقية تجارة حرة أوسع بين الاتحاد الأوروبي ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.