الأميركتان تتهيآن لطفرة في إنتاج النفط بغض النظر عن تراجع الأسعار

الولايات المتحدة والبرازيل وغويانا وكندا.. أبرز مكامن الإنتاج الإضافي البالغ 1.6 مليون برميل يومياً

منشأة إنتاج نفط عائمة تعمل على تخزين وتفريغ الإنتاج قبالة ساحل ريو دي جانيرو، البرازيل
منشأة إنتاج نفط عائمة تعمل على تخزين وتفريغ الإنتاج قبالة ساحل ريو دي جانيرو، البرازيل المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

للمرة الأولى منذ عامين على الأقل، ستكون الأميركتان (الشمالية والجنوبية) على موعد مع التحول إلى أكبر محرك عالمي لنمو إنتاج النفط، في وقت تخفّض فيه منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الإمدادات.

وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية؛ سيضيف منتجو النصف الغربي من الكرة الأرضية، أكثر من 1.6 مليون برميل يومياً من الإمدادات الجديدة خلال العام الجاري، مما يحول بوصلة النمو بعيداً عن التحالف الذي قاد زيادة الإنتاج العالمي حتى بداية عام 2023.

هذا النمو لن يأتي فقط من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذين تنافسوا لفترة طويلة مع "أوبك" على اقتطاع حصة أكبر من السوق، وإنما من الحقول الممتدة عبر أميركا الجنوبية وكندا أيضاً، والتي لا يمكن ثنيها بسهولة عن زيادة الإنتاج، حتى عندما تنخفض الأسعار.

تعويض تخفيضات "أوبك"

سيعوّض الإنتاج الجديد بشكل كامل تقريباً التخفيضات التي أعلنت عنها دول "أوبك" –إلى جانب حليفتها روسيا- ودخلت حيز التنفيذ اعتباراً من مايو الجاري، أملاً في دعم أسعار النفط العالمية.

قال شرينر باركر، رئيس قسم أميركا اللاتينية في شركة "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy): "نصف الكرة الغربي هو مصدر الإمدادات الموثوق الذي يحتاج إليه العالم على المدى المتوسط لمنع أسعار النفط من الارتفاع إلى مستويات عالية. فالبرازيل والمكسيك وغويانا والأرجنتين، وحتى فنزويلا، ستشهد زيادات في الإنتاج خلال العام الجاري، مما سيدعم الإمدادات جزئياً في مواجهة تخفيضات (أوبك) المستمرة للإنتاج".

تراجع إنتاج "أوبك" في أبريل بعد توقف خط أنابيب عراقي وإضراب في نيجيريا

وفقاً لمعلومات إدارة الطاقة؛ فإنَّ زيادة الإنتاج ستستمر حتى 2024، وهو العام الذي سيضيف خلاله منتجو نصف الكرة الغربي مليون برميل أخرى يومياً من إمدادات النفط الخام.

تخمة محتملة في المعروض

قال أنطوان هالف، كبير محللي النفط السابق في وكالة الطاقة الدولية، الذي يعمل في مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا حالياً، إنَّ الجزء الأكبر من زيادة الإنتاج التي ستأتي من المنطقة، سيتركز في مجال الخام الخفيف والخام متوسط الكثافة، مما قد يرفع سعر الخام الثقيل، حيث جرى تطوير العديد من المصافي لتحسين قدرتها على معالجته. ونظراً لأنَّ حوالي 20% من الإمدادات الجديدة ستأتي من المشروعات البحرية التي تضخ النفط على مدار الساعة؛ فإنَّ تخمة المعروض من المنطقة تعتبر احتمالاً قائماً بقوة، ما لم يرتفع الطلب على النفط بشكل كبير في وقت لاحق من العام الجاري.

قال باركر من شركة "ريستاد" إنَّ تراكم الإمدادات "سيؤدي إلى عراقيل على مستوى الاقتصاد والسياسة".

الولايات المتحدة

وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية ووكالة الطاقة الدولية؛ سيضيف حوض برميان وحده ما يعادل إجمالي إنتاج إيران حتى 2030، وسينمو أكثر من أي منطقة أخرى خلال العامين الجاري والمقبل. لكن مع ذلك، ستُقيد زيادة الإنتاج المتوقَّعة من الخام الخفيف الحلو، لأنَّ منتجي النفط الصخري يركّزون أكثر على تحقيق عائدات ثابتة بدلاً من ضخ المزيد من النفط.

إنترفاكس: روسيا لا ترى حاجة لخفض جديد في إنتاج "أوبك+"

استطرد هالف: "فيما مضى كان منتجو النفط الصخري يضخون المزيد من النفط عند ارتفاع الأسعار. أما الآن؛ فقد باتوا أكثر شبهاً بمنظمة (أوبك)، حيث يضعون خططهم بالتركيز على الهوامش مع استقرار الإيرادات".

البرازيل

حسب توقُّعات وكالة الطاقة الدولية، ستضيف البرازيل 300 ألف برميل يومياً لإنتاجها هذا العام، التي ستأتي من مرافق إنتاج بحرية عملاقة، تستخرج درجة متوسطة من النفط الخام من حقول المياه العميقة، بما في ذلك توبي وبوزيوس وميرو.

تبلغ تكلفة كل سفينة نحو ملياري دولار، وتبدأ الشركات التي تتبع لها بتشغيلها بمجرد الانتهاء من بنائها، حتى تتمكن من سداد تكاليف البناء. ونتيجة لذلك؛ قد تقلل البرازيل أسعار النفط على المستهلكين في وقت لاحق من العام الجاري، أو تغرق الاقتصاد العالمي الهش بفائض الإنتاج.

مع ذلك؛ ستكون هذه المشروعات الضخمة عرضة للتأخيرات. على سبيل المثال، أرجأت "بتروبراس" (Petrobras) الشهر الماضي تاريخ بدء التشغيل في ثلاث وحدات. وبالتالي؛ تتوقَّع إدارة معلومات الطاقة أن ينمو الإنتاج بمعدل أقل يناهز 200 ألف برميل يومياً في 2023.

غويانا

تتمتع غويانا، التي يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة، بواحد من أكبر اكتشافات النفط التي ظهرت في السنوات الأخيرة. ومن المتوقَّع أن تصبح ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في المنطقة بحلول نهاية العقد الجاري.

ستبدأ شركة "إكسون موبيل" مشروعها البحري الثالث هناك في الربع الأخير من 2023، قبل الموعد المتوقَّع، ليصل إجمالي الإنتاج بذلك إلى 600 ألف برميل يومياً بحلول 2024. وقد يصل الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يومياً بحلول 2030، وفقاً لبنك "غولدمان ساكس".

تعتبر درجة النفط المنتج من حقل ليزا في غويانا خفيفة وحلوة، ويماثل في جودته درجة "بوني لايت" التي تنتجها نيجيريا.

كندا

من المرجح أن يؤدي توسيع خط أنابيب "ترانس ماونتن" في كندا –صاحبة المركز الرابع عالمياً في إنتاج النفط- إلى تحفيز بعض الإنتاج الإضافي الجديد، بالإضافة إلى إرسال تدفقات النفط الكندي الثقيل من منطقة الغرب الأوسط الأميركي إلى الأسواق الآسيوية.

يبلغ الإنتاج حالياً أعلى مستوياته منذ 8 سنوات، وبدأت الشركات المنتجة الآن في الاستثمار لتوفير إمدادات جديدة، حيث تخطط "سينوفوس إنيرجي" (Cenovus Energy) لضخ 120 ألف برميل إضافية يومياً على مدار السنوات الأربع المقبلة، فيما أعلنت "إنترناشيونال بتروليوم" (International Petroleum) عن خطط لمشروع رمال نفطية بقيمة 850 مليون دولار، ومن المتوقَّع أن تبدأ الإنتاج في 2026، مع زيادة تصل إلى 30 ألف برميل يومياً بحلول 2028.

نفط